كثيرا ما نصف الشخص الذي يمتلك عمق وشمولية في كلامه وعدالة في حكمه ووعي في تصرفاته بـ(المثقف)، وتلهجه الألسن للتعبير عن من يعاكس كل هذا بـ(غير المثقف) دون معرفة الأكثرية منا عن معنى الثقافة وماهية المثقف ودوره الحقيقي الذي يلعبه في اصلاح ذات البين والمشاركة النفعية للمجتمع.
في هذا المقال نود أن نأخذ جولة مختصرة وسريعة مليئة بالمعلومات المهمة لمعرفة الثقافة ومن هو المثقف، وكيف وضحها وفسرها أصحاب المعرفة والخبرة والحكمة؟.
أولا علينا أن نعرف أن أصل كلمة ثقافة هو لاتيني تعني زراعة، وقد جمع المعنى أصحاب الاختصاص، (هي زراعة الأفكار والقيم في الانسان ليتخذ شكل سلوكي معين)، ومن بين مجموعة التعاريف الكثيرة أجد أقرب تعريف لها هو ما ذكره العالم الألماني ألفرد فيبر (هي مظاهر الحياة الروحية والسلوكية التي تسود المجتمع)، ومن هنا نستطيع أن نقول أن ما نشاهده من سلوكيات معمرة وإيجابية أو مدمرة وسلبية متعلقة بما زرع من أفكار وقيم عند الأفراد.
ولكي نصل لوضوح الفكرة التي نريد أن نصل لها علينا أن نذكر تعريف العالم الانثروبولوجي البريطاني إدوارد تايلر وهو أول تعريف للثقافة ذكره سنة ( 1871 ) والذي يتقارب مع التعريف أعلاه، على أنه (الكل المركب أو المعقد من العادات والتقاليد والقيم، والمعتقدات، والأفكار، والأعراف، والقوانين، والفلكلور التي يكتسبها الفرد كونه عضو في المجتمع).أي أنها السلوكيات الشاملة المكتسبة وهي افرازات من جميع المكونات التي تغذي الفرد يتربى وسطها مثل (قوانين، تقاليد، أفكار).
وهو التفسير الدقيق للذين يلتزمون بكل القوانين الموجودة في البلدان التي يزورونها بينما لا يلتزمون بقوانين بلدانهم إذا كانت لا تطبق القوانين بالشكل الصحيح، أي يكون مثقفا بحسب المكان الموجود به وليست ثقافة منشأ، وبحسب تايلر إن العقل البشري يعمل في الشروط المتشابهة بشكل واحد في أي مكان.
والعودة إلى مفهوم الثقافة فهي البوابة المشتركة بين الذين يحترمون القوانين ويطبقون أخلاقيات العمل والتعامل الصحيحة، أما الطريق للوصول إليها فهي المعرفة.
لقد عُرّفت بأكثر من (165 ) تعريف، ولعل أكثر من وصف الثقافة بأربع معانٍ وبشكل مختصر واضح هو العالم "تيري ايغلتون" في كتاب (الثقافة) وهي كما يلي:
ـ القيم ، العادات، المعتقدات ، والممارسات الرمزية التي يوظفها الرجال والنساء في الحياة .
ـ الطريقة الكلية المعتمدة في الحياة.
ـ تراكما من العمل الفني والذهني .
ـ الصيرورة التي يحصل فيها الارتقاء الروحاني والذهني.
ومن كل ما تقدم نستطيع القول أن الثقافة محيط والمعرفة القارب الذي يرسو عليها ويحمل من بها إلى بر الأمان، وتعد المعرفة هي الرؤية العميقة في التاريخ والأدب والسياسة والفلسفة، لتجذب وتجمع كل هذا في مجموعة أفكار تؤسس سلوكيات وخطاب ناضج ونافع وأنماط حياة دافقة بالعطاء والتطور والنهضة العملية، وتعرف بهوية المثقف الشامل سواء على الفرد أو المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات