لو طرحنا سؤال؛ ماهي السعادة على عينات مختلفة من الناس، لحصلنا على أجوبة متنوعة، الى درجة أننا نستنبط من ذلك أن السعادة حالة شخصية وليس لها مفهوم عام فلا يمكن وضع قواعد للسعادة، والتحدث عما يمكن أن يجلب السعادة للانسان وعما يمكن أن يجلب له الشقاء، لأن هنالك اسباب تكون سببا في سعادة بعض الاشخاص وفي نفس الوقت تكون ذاتها سبباً من اسباب الشقاء لدى آخر فالكثيرون يرون الثروة، والغنى، والنجاح، والانتصار، والشهرة والمنصب، والسلطة، والاثارة، و...... من اسباب السعادة.
من هذا المنطلق كان الاجتماع الشهري لنادي اصدقاء الكتاب في جمعية المودة والازدهار والذي ناقش في كتاب (كيف تتمتع بالسعادة في حياتك) من سلسلة فنون السعادة لمؤلفه آية الله السيد هادي المدرسي (دام ظله).
فالكتاب يتطرق الى التمعن بمفهوم السعادة من كافة الجهات، فمن اراد سعادة حقيقة بلا مثيل اي بلا شقاء وانقضاء ولانهاية فلا يبحث عنها في دار الدنيا، يقول رسول الله "صلى الله عليه وآله": ( ألا وإن السعيد السعيد من اختار(حياة) باقية يدوم نعيمها، على فانية ينفذ عذابها).
في الحقيقة ان الإيمان هو المنبع الأول للسعادة، وهو الذي يمنحك السعادة من جهتين:
الاولى: من جهة أنه يمنعك من الانزلاق في مستنقعات الفجور والجريمة.
الثانية: من جهة أن يعطيك أهم شرط من شروط السعادة؛ وهو الاطمئنان.
لذا لاتبحث عن السعادة المطلقة واكتف بمطلق السعادة، اذا كنت تريد السعادة، فلا بد ان تقتنع بما يتوفر لديك منها، لأن السعادة المطلقة لاوجود لها الا في خيال الشعراء. ومن يبحث عن السعادة المطلقة وفي كل وقت فسوف يجني شقاء دائماً.
فالسعادة ان تأخذ عن طريق العطاء، وهي تسري في خط دائري وليس في خط مستقيم. وهذا يعني انك لاتستطيع ان (تحصل) على السعادة إلا اذا اعطيتها لغيرك، فالسعادة كالحب لاتأخذه، الا اذا اعطيته.
ماهو الطريق إلى ان نمنح الآخرين السعادة؟
اولاً: قرر العطاء للناس وخدمتهم.
ثانياً: انفتح على الناس حتى ولو لم تكن تعرفهم.
ثالثاً: أنظر إلى الناس وكأن المطلوب منك ان تكون رحيماً بهم.
رابعاً: عندما تقدم المعروف للناس فلا تتوقع جزاء في مقابله.
خامساً: تخلص من الانانية وحب الامتياز على الآخرين.
لنعرج على ان تكون سعيد بما تملكه وليس بما لاتملكه
فعن امير المؤمنين قوله "سعادة المرء في القناعة والرضا".
وهنالك مفاهيم أخرى تترجم السعادة منها:
-تعلَم كيف تصبر
اذ ليس هنالك صفة أخلاقية إلا والصبر جزء لايتجزأ منها، إذ لا معنى للأخلاق الفاضلة كالشجاعة والكرم وحسن التعامل وغيرها إلا ويصبر على نتائجها.
والصبر من الصفات التي يمكن الحصول عليها وزيادتها وذلك عبر بعض الامور منها: ان تفتح قلبك للزمن الذي تعيشه وإن كنت تحس بالاحباط وان تنظر الى الجانب المشرق من الحوادث وان تتدرب على الصبر.
-كن راضياً بالقضاء والقدر
ليست الامور كلها بيدنا، فلا أحد يستطيع ان يختار تاريخ ميلاده والعائلة التي يولد فيها ولامكان ولادته ولا لون عينيه ولاطوله ولا لون بشرته ولاصفاته الجسدية، خذ الحياة كما هي ولاتكن جاداً أكثر من اللازم.
من المهم ان تكون جاداً في حياتك، فمن دون بذل الجهود اللازمة لايمكنك تحقيق طموحاتك ولكن لايجوز ان تكون جديتك أكثر من اللازم فالجدية للحياة مثل الماء للزراعة اذا زادت عن المقدار الطبيعي أفسدت الحياة.
-مهما كانت الظروف تصرّف وكأنك سعيد حقاً.
من اسباب الشعور بالتعاسة هو الكآبة.. وهي حالة نفسية قد يكون لها سبب خارجي ولكنها غالباً ما تأتي نتيجة للسأم والتظاهر بالضجر والإرهاق والانهيار.
لعل من أهم أسباب الشعور بالشقاء هو الكآبة التي تعتبر العدو الاول للسعادة.. فكم من أناس يملكون كل أسباب الرفاهية ولكنهم يعيشون منطوين على أنفسهم يعانون من الشعور بالاكتئاب والقلق، فهنالك بعض الاقتراحات مثل شغل النفس بعمل بناء وجعل الفرح بندا في جدول اعمالكم وممارسة الرياضة وغيرها.
لنأتي الى الاسترخاء
فالاسترخاء سبب من اسباب الشعور بالسعادة ويمكن القول ان من ابسط وسائل التمتع بالحياة، وأقلها كلفة هو الاسترخاء، فأنت لاتحتاج ان تدفع مالاً أو تبذل جهداً لكي تحصل عليه بل يكفي ان تتمدد على الارض وترخي عضلاتك لكي تشعر بخدر لذيذ يسري في اعصابك.
لكي تحقق السعادة لابد ان ترفع عن الطريق عوامل الشقاء. ذلك أن المشكلة قد تكون في افتقادنا لمقتضيات السعادة وقد تكون في وجود عوائق في طريقها ومن هذه العوائق الحقد والضغينة والحسد والتسليم للشقاء باعتباره قضاء وقدراً والاعتقاد بأن كل المشكلات جذورها في الماضي الذي لايمكن التأثير عليه وصنع المشاكل ثم التورط فيها وغيرها.
وفي الختام ابدين عضوات النادي ارائهن بالكتاب:
زهراء وحيدي: من أروع الكتب التنموية التي قرأتها في حياتي... وما خفي كان اعظم، توصلت الى نتيجة بان السعادة خيار، وليس قدر كما يظنه البعض.. ويبقى موضوع الاختيار على الانسان نفسه، اما ان يحلق في سماء السعادة بمحض ارادته رغماً عن أنف كل الظروف، او يعيش تائها في هاوية الحزن يندب حظه العاثر.
انعام مرتضى: الكتاب كان جميل جدا... وحقيقة توصلت الى النتيجة بان القناعة هي مفتاح السعادة، فإذا كنت قنوعا بما تملك تكون سعيدا حتى بدون الأشياء التي لا تملكها.
فهيمة رضا: الكتاب لطيف ومشوق جدا، وكما يقول الكتاب الانسان الإيجابي غالباً ما يكون سعيد، لان الشخص الذي يوزع الابتسامة والايجابية بين الناس سيؤثر ذلك على روحه وشخصه على الرغم من الحزن والتعاسة التي يعيشها، فالإنسان بصورة عامة بشره في وجهه وحزنه في قلبه.
وجدير بالذكر ان نادي اصدقاء الكتاب اسسته جمعية المودة والازدهار والذي يهدف الى تشجيع القراءة والمطالعة عبر غرس حب الكتاب وفائدته في المجتمع.
اضافةتعليق
التعليقات