تملك الحب قلبه وشغل جميع حواسه، جعله ينقاد كل يوم إلى المسجد ليصلي خلف إمامه الذي أُغرم به، هكذا مرت أيامه سعيداً بما يفعله حتى مس بدنه المرض فمرض مرضاً شديداً أصبح لا يقوى على مفارقة الفراش..
مرت عليه ثلاثة أيام على هذا الحال وفي يومه الثالث نهض ليرتدي ملابسه ناوياً الخروج، أتت زوجته مستغربة: إلى أين يا فلان فأنت لم تشفَ بعد..
قال: اتركيني يا ابنة عمي فإني والله قد اشتقت لرؤية علي وإني ذاهب إلى المسجد لأصلي.. ذهب إلى المسجد ووقف بين صفوف المصلين جاء الأمير علي "عليه السلام" وعندما أتم الصلاة التفت الإمام ونادى الرجل بإسمه فاستغرب الرجل من الأمر وصار في دهشة فسأل الامام: أتقصدني؟
أجابه الإمام: نعم. قال: ولكنك تعرف اسمي كيف ذلك؟
قال له الأمير "عليه السلام": أتعتقد أنك تحبنا ونحن لا نعلم بك؟ أنا من اشتقت لرؤيتك فهبت رياح الاشتياق إليك فأتت بك ..
شاء حكم القدر أن أقرأ هذه القصة عن حب الأمير وتأملت مع نفسي، نعم، قد يغامر الإنسان بطبيعته الفطرية في مشاعره، حين تبدأ دقات القلب بالإخفاق وعدم انتظام نبضاتها فيحصد مشاعر مختلفة تماماً عما يشعر بها في المواقف الاعتيادية مما يستعير انتباهه فتبهت جميع محاولاته للسيطرة عليها في تلك اللحظات، فنراه يصبح شاعراً ويبدأ بترتيب الحروف ليخلق كلاماً يليق بتلك المشاعر التي يظن بأنها أولدت السعادة لديه متناسياً كل شيء دون ذلك، فالأشخاص بطبيعة الحال عندما يمضون قدماً في هذا الطريق يصبح المستحيل ممكناً لديهم ويرون الطرق معبدة بلون الزهر وتراهم يسرحون في خيالات ويعيشون أحلاماً لَيس لها مثيل، أما في الحقيقة فهم ممن أشارت إليهم الآية الكريمة "ووضعنا على قلوبهم اكنه وعلى ابصارهم غشاوة".
هكذا وصفوا بأنهم مطيعين لهوى أنفسهم تاركين كل ما ينبههم من غفلتهم التي لا تزال تحدرهم إلى الدرك الأسفل دون أدنى علم منهم بسبب تخديرهم بمورفين الحب المؤقت، ولأن المحب ببساطة ينقاد لأوامر المحبوب، هذا حال محبي المشاعر الزائفة الذين يفتقدون القواعد الرصينة للتعامل في فن الحب ومعرفة حقيقته! فماهو الحب الحقيقي الخاضع لتلك القواعد؟!
ومن هو أولى به؟!
الحب مجموعة متنوعة من المشاعر الإيجابيَّة والحالات العاطفية والعقلية قوية التأثير، تتراوح هذه المشاعر من أسمى الأخلاق الفاضلة إلى أبسط العادات اليوميَّة الجيدة، المثال على اختلاف وتنوُّع هذه المشاعر الحب الفطر ، كحب الأم لأولادها يختلف عن حب الزوج ويختلف عن حب الطعام، ولكن بشكل عام يشير الحب إلى شعور الانجذاب القوي والتعلُّق العاطفي وأسمى وأبهى صور الحب هو الحب في الله وماكان خالصا لوجهه تعالى.
والأولى بهذه العواطف هو أن تُسخّر في الانقياد للأوامر الإلهية من ناحية الحب المادي والحب الالهي ليصبح توازنا تستطيع أن تمضي قدماً في سلم المشاعر الأزلية ونحن في زمن بأمس الحاجة لوجود الحب لنرى الفرج ولتتغير حياتنا ..
اضافةتعليق
التعليقات