لم تكن الأسئلة تأخذ حيزها على النحو الذي نراه اليوم بين فئة الأطفال وحتى المراهقين لتمتد إلى شباب وفتيات اليوم الذين أخذهم العمر ولم يأخذوا منه ما يهديهم للنضج، لذلك نراهم بين متاهات الحياة يرجون من يعثر عليهم!
حين نعرج على مفهوم البديهية نجدها قَضيَّة أو مَسْألة واضِحة بذاتها لا تحتاج إلى بُرهان ومُسَلَّم بها، وهذا التعريف اليوم نجده ينطبق على مجموعة من المسائل التي أصبحت تزيح كل ما هو سابق وتثبت أساسيات مختلفة تماما بل ومتناقضة مع المنطق، لذلك الأسئلة والحوارات باتت لا ترجو جواب أو الوصول الى حلول بل مجرد زرع مجموعة من الشكوك وترك الأمر للمتلقي كي يتوغل بأفكار أخرى ليوقعوهم في فخ عبارة "إن من المعضلات توضيح الواضحات" فحين تقول لأحدهم (كُل الخبز) يقول لك (من قال هذا خبز) فتقول (إنه خبز حقا، من الحنطة) فيجيب (من قال هناك شيء يدعى حنطة)، ويستمر الحوار وأنت تحاول اثبات أنه خبز وهو يحاول أن ينكره بتلك الأسئلة! وعادة هؤلاء تستطيع اقحامهم بنفس أسلوبهم ولا تبحث لهم عن اجابة!
ومثل هذا الأسلوب الذي اتبعوه استطاعوا أن يهدموا كثيرا من مفاهيم المجتمع وعاداته ودينه وقيمه وأخلاقه، وضرب أبسط بديهياته فعلى المستوى الديني في السابق المصلي هو الشيء الطبيعي والسائد أما غير المصلي فهو الذي يكون مثار الاستغراب والخجل والجهل وعدم المعرفة ويتم التساؤل عن عدم صلاته، أما الآن فالمسألة معكوسة تماما، السائد هو غير المصلي والنادر هو الذي يلتزم بصلاته حتى بات الذي يقيمها عملة نادرة من جانب ومن جانب آخر هو غير متحضر ويعيش في قرون متحجرة وتنسب له صفة المعقد و(الخطية) الذي لم يعش حياته ولم يتمتع بها!
وعلى الجانب الأخلاقي فالأمثلة كثيرة فضرب الزوجة للزوج، والألفاظ البذيئة والنابية، والتحدث بالعلن عما يدور بين المرء وزوجه، والجهر بالفواحش، وتغيير المفاهيم والأخذ بنقائضها، فالخيانة ذكاء، والحياء ضعف، والكرم سذاجة، والبخل فن، والطيبة هشاشة، والذي يساعد الآخرين تم استغلاله، وغيرها من تحطيم الأخلاقيات، واستبدالها بمجموعة من بديهيات التعامل الحديث!
وحتى بعض التفاصيل التي تنم عن رجولة فاعلها أو انوثة الفتاة تكاد أن تكون معدمة، فقبل يومين علقت إحدى التفاصيل في ذهني عندما كنت في السوق حيث توقف أحد الشباب لتمر بعض الفتيات في جولتي نفسها لم أر موقفا مشابها بل العكس نسي الجميع اشاراته اللفظية وطرق التخطي وراحوا يتضاربون مع اعتذار أو بدونه!
من أبرز الصفات التي نقلتها كثيرا من برنامج التلفاز بكاميرا خفية أو غيرها والتي اعتبرتها الشعوب ونحن مفخرة هي الغيرة المتأصلة في دماء هذا الشعب التي أسالتها الأفكار التي تدعي التحرر، أرى من الضرورة احياء تلك الحرارة والتسويق لها في نفس تلك المواقع ومنها التسويق إلى المبادئ الفطرية للإنسان حتى ننقذها والبديهيات على أضعف الاحتمالات!.
اضافةتعليق
التعليقات