في منتصف الثالثة والعشرين من عمري وربما الثالثة والعشرين من خيبتي التي جمّلتها وأخذتها كما رغبت حيث الرغبات التي تمرر من تحت الطاولة لتنغز قلوبنا برسائل مسرفة بكلمة أحبك التي أصبحت فيما بعد مبتذلة لكثرة تناولها بسهولة وافراط فلو كان للشبكة العنكبوتية لسانا لأفصحت عن كرهها الشديد لنا وعن همجيتنا التي تحولت لفايروس منتشر وأصبحنا نرتبط ببعضنا عن طريق لايك وكومنت ثم رسالة خاصة ترسل إلى الحساب الشخصي لفلان/ـة..
عميقا في داخلي كنت أدرك أن الأمر كله يتعلق بسوء اختياراتي ورغم ذلك لم أعترف بخيبتي أمام أحد حتى رفيقاتي فالاعتراف بقصة حب فاشلة انتهت بحظر المستخدم لا يمكن التكلم عنها بتباه وفي الحقيقة أن تقع فتاة في حب غير مدروس ولا يخضع لمسمى شرعي سيعصر قلبها ويأكل الندم منها حد الشبع ولن تستطع افراغ ما بجوفها خوفا من أن تقع في مأزق التساؤلات والشفقة غير المبررة في نظرها وربما نبذها كأنها سرقت مسجدا أو نهبت جيوب المارة!
ليس من العدل أن أحب لأجعل من شخص آخر يكملني ويعيش تفاصيل يومي معي، ليس من العدل أن أنزلق في الحب فقط لأتخلص من مللي، ليس من العدل أن ينبض قلبي لرجل لا يكترث لحملي الثقيل على ظهري فأن نكون مسلمين يكون من الصعب جدا العيش بجانب من الحرام، وليس من العدل أن أنسف سمعة من أعطاني كنيته.. لقد عرفت هذا بعد أن تم هجري كأني قطعة لحم رخيصة!
ربما من الصعب أن تكوني امرأة اليوم في ظل هذا الجمال المباح ويتطلب منك الالتزام الديني والعائلي أن تبقي نظيفة وطاهرة من مصائب العصر.
ففي الواقع الكثير منا يدعي الثقافة وعدم التدخل بحياة الغير ولو رأونا ابتسمنا في شارع أو تكلمنا دون تحفظ في موضوع ما أو تكلمنا بصراحة تامة وعبرنا عن رأينا حول مسألة لقضية عامة لأصبحنا عديمات حياء فكيف سنواجه أخطاءنا التي تعد من أهم مقاييس الشرف دون أن يتلطخ جبيننا بوصمة عار أو يثقب الدين في قلوبنا فحتى لو كان خطأنا حبا لا تشوبه شائبة يعتبر ذنبا وإن كان في نظرنا نقيا، فالحرام حرام تحت كل المسميات والظروف.
فمن تلك الليلة من هجري والتي أخذت مني ما أخذت لن أتمكن من استعادة حقي الذي هدر بقناعتي ولا يمكن استعادة ثقتي التي فرطت بها دون الرجوع إلى التفكير في العواقب لقد غرّني أخذ كلمة المرور لحسابه الشخصي والاطلاع على كواليس الحساب واجاباته على علامات استفهامي حتى ظننت أن حبنا كبير إلى درجة مشاركة مساحته الشخصية معي حتى عرفت فيما بعد أنه يمتلك أكثر من حساب وأكثر من فتاة يتلاعب بمشاعرها وبعد ذلك ذهب كل منا لعالمه بكل بساطة وبوداع حظر الكتروني رسمي!.
كانت بالفعل تجربة قاسية لفتاة أصبحت مخذولة ومتألمة مثلي ورغم ذلك حتى وإن لم أفتخر بها فأنني تعلمت منها درسا في الانضباط والاتزان العاطفي وعدم الانخراط في طرقات خاوية من الحكمة، تعلمت أن لا أكون حبيبة غير متفق على حبها شرعا وعرفا وفهمت جيدا ما معنى أن ندخل في علاقة غير مباركة وارتكاب ذنب ربما لن يغفر.
فيا صديقتي لا تكوني فريسة يتم اصطيادها ولا فريسة تذهب لصيادها فالجرح سيؤلمك دوما وكأنه هالة سوداء حطت في مكان ما على صدرك، فأسعفي نفسك قبل أن يصيبك السهم بمنتصف صدركِ.
اضافةتعليق
التعليقات