تبدو ضرورة تدمير الوهم الشائع الذي مفاده أن الفلسفة شيء غريب وصعب فقط لأنها نشاط فكري مقصور على فئة معينة من المتخصصين أو الفلاسفة المحترفين والمنهجيين لابد أولًا من البرهنة على أن البشر كلهم فلاسفة من خلال تعريف الحدود الفلسفة العفوية وسماتها المعرفية لدى كل فرد، إن المقصود بذلك هو أن الفلسفة متضمنة في اللغة نفسها التي هي مجموع الأفكار والمفاهيم المحددة لا مجموع الكلمات الخالية من المضمون النحوي.
الحس المشترك والفطرة السليمة
دين شعبي بما فيه كامل نظام الاعتقادات والخرافات والآراء ووجهات النظر وأنماط السلوك التي تندرج بمجموعها تحت عنوان (الفولوكلور) فإن كل فرد هو فيلسوف وعلى طريقته ومن دون وعي منه ويظهر ذلك في أبسط تجليات أي نشاط فكري كان. ويمكن للفرد من الانتقال إلى المرحلة الثانية وأعني بها مرحلة الوعي والنقد والسؤال هنا هل من الأفضل أن نفكر بصورة جرئية من دون امتلاك وعي نقدي؟.
وهل من الأفضل المشاركة في تصور العالم الذي تفرضه علينا البيئة الخارجية آليا أي من خلال إحدى الزمر الاجتماعية الكثيرة التي ينغمر فيها كل شخص آليا من لحظة دخوله إلى عالم الوعي الذي قد يتمثل هنا بقريته أو مدينته وربما تكون جذوره .
عندما يكتسب المرء تصوره الخاص للعالم فإنه ينتمي دائما لزمرة معينة تضم جميع العناصر الاجتماعية التي تشاطره نمط التفكير والعمل نفسه فكل فرد مقيد بأمور معينة إنه إنسان نمطي جمعي دائما ..
وإن النقطة التي سينطلق منها الاعداد النقدي هي وعي المرء لماهيته أي أعرف نفسك بوصفك نتاجاً لسيرورة تاريخية ما تزال مستمرّة حتى الآن وخلفت فيك ما لايحصى من الآثار ومن دون أن تترك وراءها قائمة خاصة بها.
ولو أمكن وجود وحدة بين المفكرين والبسطاء كتلك التي بين النظرية والتطبيق لأنعم الفرد بثبات ثقافي وفكر عضوي بمعنى آخر لو كان المفكرون مفكرين لتلك الجماهير لتمنكوا من إعداد وتوحيد المبادئ والمشكلات التي أثارتها الجماهير في نشاطها ولشكلوا في ذلك كتلة ثقافية واجتماعية.
المهيمنة تتحقق من خلال انتشار الأيديولوجيات والمعتقدات والافتراضات والقيم – من خلال المؤسسات الاجتماعية مثل المدارس والكنائس والمحاكم ووسائل الإعلام من بين عوامل أخرى إن هذه المؤسسات تقوم بعمل التنشئة الاجتماعية ضمن معايير وقيم ومعتقدات الفئة الاجتماعية المسيطرة، وبالتالي فإن المجموعة التي تهيمن على هذه المؤسسات تهيمن كذلك على بقية المجتمع.
تتجلى الهيمنة الثقافية بقوة عندما يعتقد أولئك الذين تحكمهم المجموعة المهيمنة أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية طبيعية وحتمية، وليست من صنع أشخاص لهم مصلحة خاصة في أنظمة اجتماعية واقتصادية وسياسية معينة.
الهيمنة الاقتصادية
تتمتع بلدان العالم الإسلامي بثروات طبيعية طائلة ومتنوعة، إذ يبلغ إنتاج المنطقة العربية 22.9 مليون برميل من النفط يومياً وهو ما يعادل 30.3% من الإنتاج العالمي، كما تحتوي منطقة الخليج العربي على أكبر احتياطي للنفط بالعالم بنسبة 55.8%، وتعتبر هذه المنطقة خزان النفط الأول في الأرض، ويأتي ثاني أهم خزان في العالم في منطقة جمهوريات وسط آسيا الإسلامية الممتدة من بحر قزوين إلى القوقاز إضافة إلى ثروات نفطية أخرى ممتدة في مختلف أركان العالم الإسلامي.
وقد بلغت عائدات بلدان الشرق الأوسط وحدها سنة 2015 ما يقارب 325 مليار دولار، وتمتلك بلدان العالم العربي أيضاً احتياطات مهمة من الغاز الطبيعي بنسبة 27.5% من الاحتياطي العالمي حسب تقرير منظمة (أوبك) لسنة 2015، وتتمتع بلدان العالم الإسلامي أيضا بثروات معدنية ضخمة إذ تعتبر منطقة الخليج العربي وبلدان شمال إفريقيا من أهم المنتجين للحديد والصلب.
أما فيما يتعلق بالفوسفات فتنتج المغرب أكثر من 30 مليون طن سنوياً حسب إحصائيات سنة 2015 مما يجعلها في المرتبة الثانية عالمياً بعد الصين، وتتميز بلدان العالم الإسلامي أيضا بثروات زراعية وحيوانية ضخمة تقدر ب345 مليون رأس من الأبقار والجاموس والأغنام والماعز والإبل حسب إحصائيات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لسنة 2014.
ورغم كل هذه الثروات التي لا يسعنا ذكرها كلها، تتصدر بلدان العالم الإسلامي قائمة البلدان الأكثر فقراً وتخلفاً وأمية، فمن المحزن أن أكثر من 57 مليون مسلم لا يعرفون الكتابة والقراءة، وأكثر من 30 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر بسبب الفساد والهيمنة الاقتصادية الغربية وسرقتها لثروات وأموال المسلمين، إذ يتفنن الغرب في سرقتها بطرق مختلفة أولها عقود الشراكة التي تمضيها الحكومات الوظيفية مع الدول الغربية والشركات المتعددة الجنسيات فتذهب إليهم أكثر من 50% من خيراتنا عن طريق هذه العقود والاتفاقيات.
ومن بين طرق النهب والسرقة تزوير كميات الثروات المستخرجة لأنها تُستخرج تحت إشراف شركات غربية ثم تحديد أسعار بخسة بالتواطؤ مع المشرفين على الإنتاج من حاشية الحكام فيتم التسويق بأرخص الأثمان كي يزداد الغرب غِنى ويزداد المسلمون غرقاً في فقرهم، فتستقر حصص بلدان العالم الإسلامي من هذه الصفقات في البلدان الغربية كي يشغلوا بها اقتصادهم ويستثمرونها لتشغيل شعوبهم وتطوير بلدانهم ولا يسمحون للحكومات التابعة بسحب أموالها إلا بكميات محدودة ولأهداف معلومة كشراء الأسلحة والذخيرة بأسعار باهظة توظف في قتال المسلمين والانقلابات العسكرية والمخططات الشيطانية.
كما يتحكم كبار الرأسماليين الغربيين خاصة اليهود منهم من خلال البورصة في أسعار البضائع الأساسية وقيمة العملات الدولية حسب مصالحهم الإستراتيجية دون أن ننسى املاءات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي الذي يقتات من القروض الربوية التي تعجز الحكومات عن تسديدها فتلجأ إلى لقمة وقوت المسلم لتنهبه بالضرائب والرفع من الأسعار فتزيد من عنائه وتعبه.
وتلتقي الهيمنة الاقتصادية بالهيمنة العسكرية حين تتكفل بلدان العالم الإسلامي بدفع فواتير الغزو العسكري لبلاد المسلمين من بيت مالهم كما فعلت أمريكا بالسعودية عندما قدرت تكاليف (عاصفة الصحراء) بحوالي 560 مليون دولار أخذتها من ميزانيتها وجعلت ما عجزت عنه على شكل ديون ربوية جعلت من السعودية دولة مديونة ربويا لصندوق النقد الدولي وهي أكبر مصدر للنفط في العالم.
اضافةتعليق
التعليقات