من أقوال الإمام المهدي عجل الله تعال فرجه: "فليعمل كل امرئ منكم بما يقربه من محبتنا، ويتجنب مايدنيه من كراهيتنا وسخطنا".
مذ خلق الله هذا الكون وضع لكل كائن حي سبب وهدف ومهمة في هذه الحياة، وكما للرجل مسؤوليات، للمرأة مهام أخرى مناصفة له بالعمل والمسؤولية. قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ".
هذا وقد تكون مهمتُها أكبر لو غُيب الرجل فيما إذا كانت أرملة أو مطلقة، وفضّل بعضهم على بعض بالتقوى وحسن الخلق، وبما يقدمه في خدمة الإنسانية، وليس لنا أن نفصل مشاركة المرأة أبدا مادامت قد ساهمت في أدوار تاريخية مهمة، وبالخصوص مع الأنبياء والرسل ولها من المكانة المحترمة في الماضي والحاضر والمستقبل بين الصفوف الواعية من المسلمين وصفوف العالم المتحضر.
وليس لنا أنّ نفصل مشاركة وإمكانية المرأة في الأدوار العالمية التأسيسية لدولة العدل الإلهي التام وأن تكون جزءا من الحركة المهدوية وتحت قيادة الإمام المعصوم وهو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام.
إنّ العدد خمسين للنساء المشاركات في دولة الإمام المهدي كما يذكر في الروايات الصحيحة. يمثل جبهة القيادة النسوية المعدة لقيادة الجماهير الواسعة من النساء واستقطابهن الكفاءات والقدرات النسائية التي يمكن أن تساهم مساهمة جدية في تشكيلات الهيكل التنظيمي لقيادات الإمام المهدي، والتنسيق بين مختلف الجهات التنظيمية المرتبطة بالأمم.
فلابد أن تكون المرأة مهيأة لذلك الدور العظيم في سبيل نصرة الإمام وإرساء نظام العدل الإلهي الذي نوره يضيء ويرشد إلى إصلاح الأنفس وسلامة القلوب وبذلك تتحقق سعادة الإنسان المادية والروحية ويصل إلى السعادة المطلقة في العالمَين.
ما وظيفة المرأة في زمن الغيبة؟
كل ماتفعله المرأة من أعمال تثقيفية وتنويرية للناشئة وحسب مجال عملها وقدرتها وإعداد نفسها للظهور بما يمليه عليها واجبها الديني والشرعي في سبيل الله ونصرة إمام زمانها. يدخلها الإمام في سجل المنتظرين الذين يتولاهم الإمام تحت رايته.
إنّ الذين يستقيمون - في إيمانهم زمان الغيبة - لهم ألطاف وعنايات خاصة. قال أمير المؤمنين علي "عليه السلام": "المرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح، وأيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق الله عنها سبعة أبواب النار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيها شاءت".
فاللحاق بركب الممهدين غاية كل مؤمن ومؤمنة وحتى تكون المرأة مهدوية؛ يجب أن تحرص؛ أن تُربيّ أولادها ذكورا وإناثاً تربية مهدوية إسلامية إنسانية فليس وراء مسؤوليتها تلك من عظمة وليس هناك من مُربِ أكثر تأثيرا منها. فلتعلم ابنها وكذا ابنتها الأمانة والعفاف والحياء وغض الصوت والبصر ولتقرأ من سيرة أهل البيت عليهم السلام ونسائهم فإن فيها منهلا وأثرا لا ينضب عطاؤه.
محاولة توسعة رقعة التأثير المهدوي في البيت وفي دائرة العمل الوظيفي، أن تستغل أوقات تواجدها مع نظيراتها بإثارة القضايا ذات الصلة بالقضية المهدوية خصوصا الإسلامية والإنسانية عموما.
حينها تصل إلى درجة العشق الإلهي فمن بين مليارات البشر هناك فئة مُعينة يحب الله ايقاظها فجر كل يوم لتذهب إليه وتصلي له. في موعدٍ سريٍّ يكاد يكون مثل مواعيد العشاق الليلية.. كما يذهب العشاق سراً إلى مواعيدهم يتسلل هؤلاء أيضاً بهدوء يمشون في ظلمات ستشهد لهم فيما بعد ونورهم يسعى بين أيديهم، يذهبون إليه في رحلة قد تكون بعيدة. من بين الملايين من الذين قد يكونون في تلك اللحظة منغمسين في شهواتهم. ومن بين الملايين من الذين قد يكونون غاطّين في سبات عميق في غفلة عميقة.
كيف أصنع أثراً في نصرة الإمام المهدي؟
في زمن الغيبة لابد للمرأة أن تؤسس لإنتظار إمامها وفق تنظيم ممنهج وأساليب ثقافية تربوية. والمقصود بالثقافة هُنا.. كلّ ما فيه استثارة للذهن، وتهذيب للذوق، وتنمية لملكة النقد، والحكم لدى الفرد أو في المجتمع، وتشمل على المعارف والمعتقدات، والفن والأخلاق، وجميع القدرات التي يُسهم بها الفــــرد، أو في مجتمعه، ولها طرق ونماذج عملية، وفكرية.. ثقافة دينية توعوية.
فثورة المنتظرين لا تقل عن الثورة الفكرية التي قام في نهضتها الإمام الحسين "عليه السلام" ضمن هذه المعطيات، فهي مبدأ حافظ على رقيه وديمومته منذ زمن وقوع الثورة، وما زال إلى اليوم لكونها قيمة معنوية خالصة، ومفهوماً جديداً للعيش الحر، جعل أهم العناصر التي يتشبّث بها الإنسان على المحك، وتأتي في مقدّمتها (الحياة)؛ إذ قدّم الإمام حياته لتثبيت الدين، وترسيخ مفهوم الإيمان الحقيقي.
فكانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام مدرسة لطلائع الأُمّة، والمصلحين الذين ينشدون إصلاح أُمّتهم ومجتمعاتهم، ويبحثون عن السبل التي توصلهم إلى تحقيق أهدافهم، وأخذ أُمّتهم إلى سبيل الخير؛ وذلك لما تحويه هذه الحركة الإلهية المقدّسة من رؤى وبصائر يمكن لـمَن طالعها وتأمل فصول أحداثها أن يهتدي إلى مجموعة النظم والإستراتيجيات التي اعتمدها الإمام الحسين عليه السلام من حركته ونهضته؛ كيما يستنير بها في معترك العملية الإصلاحية.
وهذه هي القيم التي روّجت لها الثورة الحسينية، وثقّفت الإنسانية عليها؛ لضمان العيش الحر والكرامة التي تُلائم الإنسان باختلاف انتمائه وجنسيته، أو دينه، فهي ثورة عالمية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها.
حتى يرد اسمك في قافلة المنتظرين لابد من عهد للإمام، ألتزم فيه أن أعمل بما يرضي ﷲ وإمام زماني. لأجل المهدي سأجعل حياتي في طاعة الله، وأترك الكثير من الذنوب والآثام. لأجل المهدي سأكون إنسانًا نافعًا في المجتمع، سأتعرف على الكثير من تعاليم ديني، لأجل المهدي سأجتهد في طلب العلم لأن دولة الإمام ستقام على العلم والدين معًا.
من تثبيت قواعد العدل والحرية والمساواة لأجل المهدي سألتزم بحجابي وحيائي وأخلاقي. لأجل المهدي سأكون بارًا بأمي وأبي في حياتهما بكسب مرضاتهما، وبعد مماتهما بالدعاء والتصدق لأجلهما.. لن يحبني إمامي إن كنت ابنًا عاقا!
لأجل المهدي سأقرأ القرآن - فلن يرضَ عني إمامي وأنا هاجرًا لكتاب ربي، سألتزم بصلاتي وفي موعدها، فما أجمل أن أقف للصلاة في نفس الوقت الذي يقف فيه إمام زماني للصلاة أيضا! سأدافع عن المظلومين ولن أتغاضى عن حقوقهم المشروعة، فالمؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف! لأجل المهدي سأحبب الدين في قلوب الناس وأدعوهم إلى أحضان الإسلام الحنيف، فالإسلام دين السلام والحب والحرية الحقيقية.
لأجل المهدي سأحارب وساوس الشيطان وسأنتصر عليه في النهاية ما دام الله معي وما دامت نيتي هي التمهيد للدولة العادلة، سيوفقني الله حتماً في نصرة دولة صاحب الأمر. عزيزتي المرأة لم يخلقك الله عبثاً في زمن الغيبة بل لابد أن يكون لك دور فانهضي أيتها العزيزة، المهدي ينتظرك.
اضافةتعليق
التعليقات