إن عدة السلام، ممهورة بأجلها.. وإن في طيات الكتب، أفكار خبت في مهد الذاكرة.
ولعل من شفافية القول، بأن القوة أمل والفكر رسالة يجمعهما الوتين ف تكون المواجهة دون اختلاق.
في مجمل القضايا، ركيزة يعتمد عليها المؤمن الداعية، فيلهب خصر الكلمة بحكمة ذائبة بفيض الأنوار غير شاكة بأصل ولا مكسورة الفرع بل تحكي ضميرا خلاقا قد انتفع من ذكر الطيبين سيرة، ومن مواقفهم غيرة.
فيكتمل المعنى في شخصه، حتى يضاهي بعمله ثمارا أمشاجها خيرا يصيب به الأثر، وتبقى حتى مطلع الولادة الجديدة.
(ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خيرا لكم إن كنتم تعلمون).
في هذه الأيام، مرت علينا ذكرى رحيل المجتهد الفقيه الفقيد آية الله السيد حسن الشيرازي، تلك الذاكرة، تنبض في موعدها لتلهم التالي منها عمرا مخاضه شرفا مميزا، غائر الحكمة، نقيع أفكار اعتقادية مشمولة الجوانب والرضا، حتى عد من فواتح البناء لكل مؤسسة معمرة ب أخلاق ودين.
لا تبرح الفكرة أبراج متفقهة لا يستحيل عليها الإمكان، فنراها ك فوج متسلح بالنشاط، لا يصيبه الأفول عقدا، ترتضي كل أشكال الألم وتحوي كل مدلهم، ليجمعهم رابط متسلسل الثقافة يتمحور عوده على خدمة الهدف.
هنا كان الحضور ممزوجا بقوة وفكرة، بعيدا عن كل خطة لقيطة غير مسهب فيها.. ف تصب قالبها المطلوب وهي إقصاء سلطة العنف فحواها واستضافة الإصلاح محل مرفوع الكرامة..
ولعل الشهيد السعيد (قدس سره).. كان هو من رواد هذا المحفل، ومن أشهر قياداتها وقد جدد حقل الإصلاح ب خطواته وأفكاره العميقة، سواء على صعيد بناء المؤسسات الخيرية، مشمولة بذخيرة العطاء على أوسع نطاق، أو إيداع المذهب أفرادا ذوي خبرة تخدم الدين من أوسع أبوابه.
اتقد حسا وجوهرا، ف كان كوثرا مهيبا استلهم العلم والفقه وكمال المعرفة، من بيت تغذى رؤى وبصيرة، ولبس عباءة مثقلة ذا خبرة ب معالم الحياة، ابتداء من يد الكفاءة والديه وأجداده، وانتهاء بأصحاب العلم والفقاهة أبان حياته.
كان غذاءه ألف باء الوتر الخالد من عمود المعرفة لم يكن ليومه انطباع وجوم، بل كان متقدما متقدا بالتفاؤل، وقد جمع كلمته في سلسلة كتب (الكلمة).
ابتدأ من كلمة الله إلى كلمة الامام الغائب المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه ناهيك عن مؤلفاته الأخرى القيمة والتي عدت من أمهات المصادر المهمة.
كان واضح الخطوة، مالكا لنفسه ملكا على ذاته، لا يرهقه انكسار موجع، هدفه خلق أمة سعيدة، تعي هدفها، محترمة ذاتها، متعالية لا يخذلها سلطان جائر، ولا عدو قاهر..
وهذا طبعا لا يعدو أمرا متساهلا فيه، بل يحتاج إلى قاعدة رصينة من تعقل ووعي وإدراك مبني على أمة ذي قيمة يعتمد عليها طلبا واستفاقة.
كان السيد المجدد حسن الشيرازي (قدس سره)، جاهدا على رفع مستوى الخبرة عند المتعهدين وقد تكفل ذلك كثيرا من المجهود والصبر، وقد كان حذو الآية الكريمة..
(واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون)..
اجيبوا داعي الله
في خضم الدعوة الراجحة، وكفالة الوضع الراهن آنذاك، تطلب من الشهيد السعيد المواجهة وبقوة لايفاد الساحة عمرا جديدا يعتمد عليه.
فجعل لهم من أسس العقيدة أكنانا، وسربالا يقيهم حر التشنجات الدخيلة، فكان أمة قانتا لله، اجتباه الله ليدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة.
اعتمد السيد الشهيد، أسلوب الحوار، ومقاضاة الفكرة وقد جمع شهود الاختلافات، تحت مظلة المحكمة والبينة، لترتقي بيت الصدى ويكون كتابها ملف أجيال حاضرة منها ولاحقة.
وما كان ذلك اعتباطا، بل استدراجا منه ضمن خطة اصلاح الحاضر تحت شعار اليقظة والتدبير.
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين).
حقا إنها لنعمة من الله أن يختار لها المتقين والذين هم محسنون. وأكبر إحسان، هو إيجاز مكنون الطلب في خلق أمة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا، توكلت على الله أولا وإطاعة الولاية ثانيا.. واتباع خطوات المجتهدين آخرا ليقيها لباس الجوع والخوف تحت مظلة الخير والعطاء اللامحدود.
لذا.. تأبط الشهيد السعيد رحلة الدعوة إلى الله وقد كان شاهد هجرة وقد طبع الله عليه صبغة عدت نادرة لأوليائه حتى استحب الآخرة ونعيمها على مباهج الدنيا وزخرفها، قد شرح الله صدره للإيمان وامتحن قلبه كما وكيفية، ومازالت الأجيال تنعم وابل خيره وأعماله وخطواته البناءة.
(ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم)، فكان شهيدا على هؤلاء، وقد ترك أثرا وبصمة تتكلم بلسان حالها، فلم يكن مملوكا لمبدأ مجرور بدنيا أو حلم غير رضا الله سبحانه، فكان من أمة: اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها، فجعله الله سبحانه صرحا وعظمة لجيله والأجيال التي تلت، إلا أن رصاص الغدر لم يرحم، وقد أقسموا جهد غيظهم قتل اليقظة ومبدأ الحق وترقبوا له الموت.
وكان استشهاده في يوم السادس عشر من شهر جمادي الآخر في سنة ١٤٠٠ هجرية الموافق مايو لسنة ١٩٨٠ وقد اغتالته يد الغدر؛ مجموعة مسلحة تابعة لصدام المقبور.. في بيروت.
(الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)
فسلام عليه يوم ولد ويوم تخضب بدمه ويوم عودته شاهدا على من ظلمه وقتله.. فهل على الرسل إلا البلاغ المبين.
اضافةتعليق
التعليقات
2021-02-01