لا تحدث الجاهل بما يجهله، بل حدثهُ بما يعتقد بأنه على صواب لأن النقاش مع الجاهل فشل.
في حديقة جميلة جلس الجاهل وبعد حين من الوقت جاء عالم وجلس إلى جانبه، فقال الجاهل للعالم ماذا لو اقتلعت شجرة الياسمين هذهِ ووضعتها في منزلي لأستفيد منها بعض الشيء، أظن أن رأيي على صواب لا ضير فيه.
ابتسم العالم وقال له: ياسيدي كيف تفعل هذا وتتلف الشجرة وانتَ تعلم أنه بمجرد أن تقتلع الشجرة من تربتها المخصصة سوف تموت جذورها وتتكسر أوراقها وينتهي عمرها.
ضحك الجاهل بصوت مرتفع وقالَ: تباً لعقلك الفارغ أيها العالم وما هذا التفكير وما قيمة الشجرة حتى وإن ماتت سوف أتخلص منها بسهولة لا يهمني الأمر.
فقال له العالم افعل ماتشاء ولكنك على خطأ.
ومن خلال هذهِ الأسطر نستطع القول بأن الجاهل يبقى متمسكاٌ بكلامه على الرغم من أنه يعلم أخطائه ولكنه يجهلها.
لو طرح أمامنا سؤال ماهو الجهل؟
وما هو الجاهل؟
وهل خلق الله سبحانه وتعالى إنساناً جاهلاً منذ المهد؟ أم إن الإنسان بحد ذاته هو صانع للجهل؟
الجهل: هو تغير حقيقة الأشياء وعدم معرفة الأمور بصورتها الصحيحة. أي بمعنى اخفاء الحقيقة عن الذهن سواء أكان بعارض أو بدونه.
أما الجاهل: هو الإنسان الذي يجهل ما هو عليه على الرغم من معرفته التامة بأن مايفعله هو غير صائب، ليس الجاهل الذي لا يعرف القراءة والكتابة وإنما يجهل ماكان بين يديه.
وهناك أنواع عديدة للجهل منها: وهو على شقين؛ جهل مركب أي بمعنى أن صاحبه يجهل أنه جاهل, وجهل بسيط وهو أن صاحبه يعلم بأنه جاهل.
الجهل مرض يصيب الإنسان بإرادته دون تدخل خارجي (إلا في بعض الحالات الخاصة) إن الإنسان هو الذي يختار هذا المرض ويرضى به ويتمسك به بقوة.
أما اجابة للسؤال هل خلق الله إنسانا جاهلا؟
كلا لن يخلق الله سبحانه وتعالى إنسانا جاهلا وإنما الجهل صفة اكتسبها الإنسان بسبب غروره وصفة التملك التي فطر الإنسان عليها، وهذه الصفة جعلت منه إنسانا آخر، يتجاهل الصح ويصنع ذاته الخطأ.
فقال جعفر بن محمد عليه السلام عن الجاهل: "من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحكم بما لا يعلم".
وكذلك قال سقراط عنه: "ينبغي للعالم أن يخاطب الجاهل مخاطبة الطبيب للمريض".
عندما تدخل حلقة نقاش مع الجاهل فإنه يبقى مصراًّ على رأيه وعدم معرفته بما يقول، فيضطر العالم إلى أن يترفع بالسكوت عن الجاهل حتى لايصبح جاهلاً مثله.
قال وليام ماكدو "من المستحيل هزيمة رجل جاهل في النقاش".
وقال صولون: "حين يقول العالم لا أدري يصر الجاهل على ادعاء العلم".
في عالمنا الحاضر كثر الجهلاء وقل العلماء، وانتشر الجهل بسبب كثرة الجهلاء، وعم الظلام على عناوين العلم، واعتلى الغبار على رفوف المكاتب، واغلقت الكتب وفتحت المقاهي وارتفع صوت الجاهل وانخفض صوت العالم.
وأخيرا وليس آخراً: فالجاهل تابع يتعب الشخص ذاته فهو متولد ومنغرس في تلك الطبيعة التي نشأ عليها الشخص.
الجهل يأتي من التطبع، التفكير الخطأ, التفكير الخطأ هو ناتج من فشل الشخصية الفشل النفسي.. الفشل هو الهزيمة.. الهزيمة هي الضعف الحقيقي.
الضعف الحقيقي؛ هو عدم مقدرة الإنسان على بناء نفسه بالصورة الصحيحة.
فلنبتعد قدر ما نستطيع عن الجهل، لا نجعل حياتنا عبارة عن كهف مظلم لا يدخله النور أبدا.
اضافةتعليق
التعليقات