أصبح التأهب والإستعداد لمواجهة فايروس كورونا وكيفية الوقاية منهُ يشغل بال الكثير، وتشهد العوائل بكافة المناطق حالة من الهلع والخوف جراء انتشار الفايروس؛ وخصوصاً بعد أن بدأت المؤسسات الرسمية والمطاعم بإقفال أبوابها للحد من تفشي الوباء.
تقول إحدى الأمهات في وصفها لإرهاب كورونا في منزلها: كُلما اتصلتْ بي شقيقتي، أو زميلتي في العمل.. وتحدثنا عن أخبار فايروس كورونا ومستجداته في مواقع التواصل الالكتروني، وما نشاهد من أحداث في نشرة الأخبار؛ أصابُ بالهلع! وأسرع للتسوق واستنزاف محفظتي لشراء المعقمات والكمامات حتى ارجع بعد التسوق اتفقد الحاجيات فلم أجد شيء أعده للعشاء.. رغم ماصرفته من مال لأنني ركزت على شراء المواد الوقائية فقط!.
أما مع الأولاد ففي حالة ذعر، لا تفعل كذا وافعل كذا، ويتناوب أحدهما الآخر على المقاطع الأخبارية وأحداث الساعة؛ حتى أصبح المنزل مشحونا بالغضب والملل بل تطور الأمر إلى ابعد من ذلك عندما شعرت أن أفراد الأسرة لم يعودا يشعرون بالجوع بعد أن فقدوا رغبتهم بالطعام؛ بسبب تراكم الأخبار عن تطور المرض.
فذالك التهويل للمرض أثّر على نفسية الكثير وأدى إلى تدهور حالتهم النفسية والصحية حتى قبل اصابتهم بالمرض!.
قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) -: "من عظَّم صغائرَ المصائب، ابتلاه الله بكبارها".
لذا إذا واجهتك مشكلة، فأهمَّتْك وكدَّرت عليك نومَك، فقد أعطيتَها أكبرَ من حجمها الذي تستحق، وبذلك سوف تكونُ فاتورةُ السداد مرتفعةً جدًّا؛ إذ إنها سوف تكونُ على حساب راحة بالك، وسُبات جسدك، ولذة طعامك، وعلاقتك بمن حولك، وخصوصًا أسرتَك.
فكان لزاما على الأبويين ادراك مساوئ التهويل ورهاب المرض وتأثيره السلبي على الأسرة والتصرف بحكمة. لا بأس بأخذ الحيطة والحذر ولكن ليس بالتهويل بل بالثقافة الصحية والتوعية ولايغيب عنا أن مدينة "ووهان" منشأ المرض استطاعت هزم المرض بتعاون الجميع والتزامهم وتكاتفهم مع مؤسسات الدولة حتى تماثل المرضى للشفاء بنسبة أكثر من ٧٠٪.
ومما لا شك فيه أن الراحة النفسية من أولوية قدرة المرء على الشفاء بل لها علاقة عكسية حتى بقدرة الشخص المناعية! فإن حطمنا مشاعرنا وجعلنا المنزل واحة وترعة للهموم والحزن والخوف من القادم حينها ساهمنا في انتشار المرض، وفيما لو خرجت العائلة من محنة تدخل في محنة أكبر.
فقد يؤدي الخوف إلى قلق دائم وبحث مستمر في طلب الطمأنينة لأن الأشخاص الذين لديهم مخاوف من المرض قد يكونون في حقيقة الأمر في حالة صحية ممتازة ولكن ذلك الخوف والرهاب من المرض يكون مستمراً ويشغلهم عن أداء نشاطهم اليومي، أكثر من كونهم قد أصيبوا بهذا المرض الذي يخشونه. وكما قال أحد الأشخاص مرة: "إن الخوف أكثر ألماً من الألم الذي نخشاه".
والبعض الآخر يعتقد أن تقدير المشكلة وحجمها يأتي من مدى اهتمام الإنسان بها وهو ما يدفع البعض إلى التوهم والشعور بضخامة الأمور بل وتضخيمها أكثر وأكثر، وهو ما يدفعهم إلى التوهم بشىء كبير ومشكلة كبيرة عكس حجمها الطبيعي أو أكبر منه. ويصاب بإضطراب الوسواس القهري، ولكي يشعروا بأنهم آمنون، يقومون، مثلا، بغسل أيديهم بشكل قهري، إلى درجة أنهم يسببون الجروح والندوب الجلدية لأنفسهم.
فعلى الرغم من محاولة الشخص السيطرة على الأفكار المزعجة، الوسواسيّة - القهريّة، تتكرر وتواصل التسبب بالضيق والانزعاج، وقد يؤدي الأمر إلى تصرّفات تأخذ طابع المرض المزمن حال تكررت الأزمات.
إذا صادفتْك مشكلةٌ، أو الخوف من المرض والرهاب فاجعل علاجها ما يلي:
أولاً: اجلس مع نفسك جلسةً هادئةً، تنظُر بعين التأمل والتفكير.
ثانيًا: اكتُب هذه الأسئلة الآتية في ورقةٍ، وضعْها أمامك، ولا بد من كتابتها، ولا يكفي أن تجعلها في عقلك:
السؤال الأول: ما الذي أنا قلقٌ بسببه؟
السؤال الثاني: ما هو أسوأُ ما يُمكن أن يترتب على هذه المشكلة، إذا لم أجد الحل المناسب؟
السؤال الثالث: ما هي الحلولُ التي يُمكن أن تعالج هذه المشكلة؟
السؤال الرابع: ما هو الأنسبُ من هذه الحلول؟
وابدأ أنت بالإجابة على السؤال الأول، واكتب سببَ القلق الذي أهمَّك.
ثم اكتب أسوأ ما يُمكن أن يترتب على تلك المشكلة؛ إذ إن كثيرًا من المشاكل يترتب على عدم حلها أمورٌ تافهةٌ لا تستحق حتى صداعَ رأس، أو عدمَ شهيةٍ للطعام، فضلاً أن يغتم يومَه ذلك، أو يجعل نفسه في كربةٍ وبلاءٍ.
ثم اكتب كل حلٍّ يُمكن أن يكون لتلك المشكلة، ولو أن تكون تلك الحلولُ ليست وليدةَ اللحظة، بل كلما جال في فكرك حلٌّ فاكتبه، ولا تؤجل كتابته.
بعد ذلك سوف ترى أمامك عدة حلولٍ، اختر ما هو أنسبُها في نظرك، وممكنٌ أن تزاوج بين حلين أو ثلاثةٍ، ثم اختر الحل المناسب.
كما يفضَّل أن تقوم بعمل الآتي:
اكتب العبارات الآتية عند المشكلة التي أرقت بسببها، وضعْها في المكان الذي عادة ما تجلس وتفكر فيه: كمكتبتك، أو مجلس العائلة، أو غرفتك الخاصة:
• صحتي وسلامةُ عائلتي أهم من ثروات الدنيا وجميع مناصبها.
• كل ما أصابني بقدر الله - عز وجل - قبل أن يخلُقني بخمسين ألف سنة، وسوف يأجُرني الله عليه.
• ما دامت مصيبتي ليست في ديني، فهي هينةٌ مهما عظُمت.
• الله ربي وهو رحيم ودود كريم، ولن يضيعني أبدًا.
• كل خسارةٍ تعوض: المالُ يذهب ويجيء، المرضُ يَحُل ويزُولُ.
• المصيبةُ مثل فقاعات الصابون، كلما كبِرت قرُب انفجارُها وزوالها.
• المصيبةُ كلما اشتدت، فقد وصلتْ إلى عنق الزجاجة الذي يعقبُه الخروج.
• إذا فشِلتُ أو خسرتُ، فلن أموت، ولن تقوم القيامة، ولن أدخل النار، ولن أفقد عائلتي وأولادي؛ فعلامَ الخوف إذًا؟!
بهذه الطريقة سوف يتضح لك أن كثيرًا من مشاكلنا ما هي إلا كالبالون الكبير، نحن من جعلناه يكبرُنا بكثيرٍ، ونخشى أن يسقط علينا، في حين أنه لا يحتاج إلى ذلك الخوف، ولا يحتاجُ لإعادته إلى حجمه الطبيعي صغيرًا تحت أقدامنا إلا إلى وخزةِ دبوسٍ واحدة. وايجاد الحلول للمشكلة أفضل من تركها والتخوف منها مهما كانت تلك الأزمة التي تَمُر بها ويبقى اتباع الإرشادات الصحية من مصدرها وذو الأختصاص للوقاية من المرض والأطمئنان النفسي.
فالصبر وادارة المنزل بروية وتعقل هو الحل، والعمل على أخذ الحذر والتنبيه بعقلانية حسب البيانات والأرشادات التي أوصت بها منظمات الصحة العالمية، والجهات المختصة والعمل بها.. كفيل للخروج من الأزمة دون خسائر تؤثر على صحة أفراد أسرتك النفسية.
اضافةتعليق
التعليقات