إن الأزمات التي تمر علينا كثيرة، لكن ماهي أزمة الحقيقة أو ماهي حقيقة الأزمة؟!
نعاني منذ سنوات طويلة جدا في العديد من النواحي اقتصادياً واجتماعياً وامنياً، مسلسل لاينتهي وعرض لم يُسدل ستاره حتى هذه اللحظة من حروب وانفجارات، نزاعات وأزمات مالية واقتصادية، ومؤخرا أصبح لنا نصيباً من الكوارث الطبيعية والحمد لله على كل حال وهو الذي لايحمد على مكروهٍ سواه.
لكن السؤال هنا لماذا يحدث كل هذا؟ هل لأننا بلغنا من السوء درجة لانستحق بها الرحمة والعطف الإلهي؟! عذرا لا أقصد التعميم في مقدمتي التي توحي بالإحباط والخيبة بل جلّ احترامي لأولئك القابضين على الجمرة ولم يجردوا من مبادئهم وسائلين الله الثبات بوجه الموجة العارمة والجارفة من المغريات.
إننا يوميا نلعن الحكام والسياسيين صغيرهم وكبيرهم ونسينا حقيقة مؤلمة وهي من أعمالكم سلط عليكم! فتوالت علينا الحكومات الجائرة التي كان لها دور واضح وفعال في تخريب الفكر وغياب الوعي، وأولئك الثلة الذين يتعمدون التغاضي عن أهمية انتمائهم لهذا البلد وتحمل ما عليهم من مسوؤليات ومن واجبات وبذلك خلقوا الأزمة الحقيقية ألا وهي (الأخلاق).
فالذي لايحصل على حقوقه بصورة نزيهة؛ من المؤكد أنه لن يؤدي ما عليه من واجبات فيقصر في عمله ويخرق القوانين ويخلق لنفسه العذر لذلك! لأن ليس الكل يستطيع الصمود بوجه الظروف الصعبة ويجبر نفسه على تحملها، وكأنه بذلك نسي قوله تعالى: (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) سورة القيامة آية14.
فيحاول الأغلبية أن يجدوا لأنفسهم العذر في الكثير من سلوكياتهم الخاطئة ويلتمسون حجج واهية، كالظروف والحكومات والسياسيين، فتجدهم يؤدون ما فرضه الله من عبادات، صلاة، صوم، حج الخ.. وما إن تحين لهم الفرصة لفعل المنكرات فلا يترددون أبداً لأن جميع مراسيمهم العبادية هي ليست قربةً الى الله تعالى وإنما رياء ونفاق ودجل!.
فماذا لو كنا متراحمين صادقين اوفياء دقيقين في مواعيدنا أمناء في تعاملاتنا وضمائرنا هي الدافع الأساسي قبل اي اعتبارات أخرى، نقنع بما أتانا الله ولا ننظر بماذا منّ على غيرنا وننبذ الأنانية والحقد والحسد لانه عز وجل قال (لا يغير الله بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم)..
للأسف الشديد صرنا نعيش حالة من التوحش الإنساني، فما نشهده ونقرأه يوميا على مواقع التواصل ولاسيما الفيس بوك من جرائم قتل وسطو وغيرها، والاكثر رعبًا قد ساد مؤخرا انتشار جرائم اغتصاب الأطفال وقتلهم وما عادت الاخلاق لديهم صفة تُذكر بل انعدمت تمامًا، لنكون بذلك قد وازينا الشيطان وقلنا له تنحى قليلاً فنحن موجودين!.
فإذا كان القانون لايردع، والدين لايردع، والضمير لايردع، فما هو الرادع لأمثالهم؟! هل نمسك بأبواق ونوعّظ ونوضح لهم أنها مجرد رحلة وسوف تنتهي ولاداعي للتزاحم لأن جهنم تتسع للكثير! أم نقول لهم إن الموت حق ووعد الله حق والعاقبة للمتقين؛ أم نقول لهم ماقاله أمير المؤمنين علي (ع): "ان الناس نيام اذا ماتوا انتبهوا"..
الأمر قد يبدو بغاية الصعوبة، ولكن لابد لنا أن نُذكر الخلق ونحاول إنقاذ مايمكن انقاذه ونحافظ على البقية الباقية من قيم وأخلاق ومبادئ ديننا الذي لم يبقى منه إلا اسمه لو صح التعبير! ولنتذكر دوماً قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (وكفى بالموت واعظاً).
اضافةتعليق
التعليقات