مع نزول النساء إلى الشوارع في كافة أنحاء أوروبا بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، بدأت هتافات جديدة تعلو من صلب الاحتجاجات والتظاهرات الإيطالية: "فلنحرق كل شيء".
كانت تلك الرسالة التي أطلقتها شقيقة جوليا تشيكيتين، طالبة الهندسة الطبية البالغة 22 سنة من العمر والتي وُجدت مقتولة في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
واختفت جوليا بعد أن تناولت طعام العشاء برفقة صديقها السابق في أحد مطاعم ماك دونالدز المحلية في مقاطعة البندقية. وبعد أسبوعٍ من عمليات البحث المكثفة، عثر على جثتها بالقرب من بحيرة.
أُلقي القبض على حبيبها السابق في ألمانيا ووافقت المحكمة على جلبه وتسليمه إلى إيطاليا حيث وصل يوم السبت ومن المتوقع أنه جرى توقيفه عند وصوله واستجوابه من قبل قاضي التحقيق.
وكانت إيلينا تشيكيتين، شقيقة جوليا، والتي بعد تلقيها خبر مقتل الأخيرة، أشعلت النقاش من خلال دعوة أطلقتها في البرنامج التلفزيوني الإيطالي "دريتو إي روفيشيو" Dritto e Rovescio قائلةً: "من أجل جوليا، لا تقفوا دقيقة صمت، من أجل جوليا فلنحرق كل شيء".
وأثارت تلك العبارة المقتبسة من قصيدة كتبتها الناشطة الحقوقية البيروفية كريستينا توريس-كاسيريس احتجاجات في كافة أنحاء إيطاليا وشملت الوقوف لدقيقة "ضجيج" في عدد من المدارس بما في ذلك جامعة بادوفا حيث كان من المفترض أن تحصل جوليا على شهادة في الهندسة الطبية بعد خمسة أيام.
وفي هذا السياق، في معرض الحديث لـ"اندبندنت"، تقول إيما روزون رئيسة الهيئة الطلابية والعضو في اتحاد الطلاب في جامعة بادوفا الذي نظم دقيقة الضوضاء في 25 نوفمبر (تشرين الثاني): "نحن كطالبات لا نشعر بالأمان. نعرف قصص كثيرات من صديقاتنا وزميلاتنا اللواتي تعرضن للتحرش في طريق عودتهن إلى المنزل بمفردهن ليلاً ولكن حتى في وضح النهار، في الحانات وفي ممرات الجامعات. كما أن هنالك عدداً من النساء اللواتي لا يبلغن عن التحرش. إن الثقة في سلطات إنفاذ القانون تكاد تكون معدومة".
إن كان ذلك مألوفاً بالنسبة إليكم، فالتحرش والاستغلال ليس مشكلة محصورة بإيطاليا وحسب.
وبحسب بيانات وزير الداخلية، كانت جوليا المرأة رقم 103 التي تُقتل في إيطاليا عام 2023.
وليس العدد بعيداً من الذي سُجل في المملكة المتحدة، حيث قُتلت 109 نساء حتى كتابة هذه الأسطر عام 2023. كما أن الثقة بالشرطة تتراجع بعد حالاتٍ على غرار قضية سارة أيفيرارد أو أخيراً غراسيا سبينكس التي قُتلت على يد متربص بعد أن أبلغت الشرطة عنه.
ولكن، وفاة جوليا تثير حرفياً ضوضاء أكثر من أي وقتٍ مضى في إيطاليا لأنها فجرت فقاعة كانت تكبر يومياً على مدى سنوات.
أما حركة "مي تو" (أنا أيضاً) #MeToo التي هزت صناعة السينما في الولايات المتحدة عام 2016، فلم تصل فعلاً إلى إيطاليا ولم تلقَ آذاناً صاغية هنا فتركت النساء مثلي في دائرة الإرباك حول كيفية الإبلاغ عن التحرش والاستغلال أو وصفهما.
ولكن دعوة شقيقة جوليا للتحرك ضربت على الوتر الحساس لدي ولدى العديد من الإيطاليات مما دفعنا إلى إعادة إطلاق النقاش المتعلق بالتحيز ضد المرأة والتحرش والأهم من ذلك، المطالبة بمحاسبة الرجال على أفعالهم وأفعال اصدقائهم أيضاً.
بيد أن التغيير يجب أن ينطلق من داخل المؤسسات.
فجورجيا ميلوني التي تحتم عليها هي أيضاً التعامل مع أحد المتربصين قبل أن تتبوأ منصب رئيسة الوزراء الإيطالية، سبق أن أعلنت عن تخصيص مزيد من الأموال لخطة مكافحة العنف وإطلاق حملات توعية في المدارس وتفعيل خط ساخن لمساعدة ضحايا التربص والعنف.
فهل يكفي "إحراق النظام برمته؟" لا أعتقد ذلك إلا إذا كان بوسعنا ضمان ألا يخمد الدفع باتجاه التغيير ويُدفن مع جوليا. يضطلع كل شخص منا في إيطاليا ولكن أيضاً في المملكة المتحدة وفي أنحاء العالم بمسؤولية العمل يومياً للتأكد أنه بحلول 25 نوفمبر المقبل، ستكون لائحة النساء اللواتي يتعرضن للقتل في بلدانهم أقصر بشكلٍ ملحوظ. حسب اندبندت عربية
اضافةتعليق
التعليقات