(المقال ليس لبيان مقام الرسول او لنفي الهجر عنه فلقد نزهه الله واختاره نبيا وخاتما للرسل وإنما لبيان سذاجة فكر من اتهمه بذلك ومن إتبعهم).
عندما تتحدث عن القيم الاخلاقية الموجودة في كنه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) لا يسعك المجال ولا تسعفك حتى العبارات فيكفي أن توثق كلامك بكلام الباري حيث يخاطب رسوله الاكرم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وما الرحمة الا فضاء واسع يضم مجمل الأخلاق والفضائل.
إن التصيد عن جهالة فكر ودين لابد أن يفضح ما أتى به صاحبه، والاتهامات التي نجدها في الكتب الاخرى والتي تُظهر النبي بصورةٍ لا يرتضيها اللبيب ولا يقبلها على نفسه، تنبيء عن سذاجة الموثق لتلك الصور ومدى جهله بكم الدلائل الوارد في القرآن أولا وعنه صلى الله عليه واله ثانيا فضلا عن الدلائل العقلية، فعندما يقول الله تعالى في كتابه الشريف: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ. هذه الاية لم تجعل سقف زمني لنهاية النطق عن وحي الله له بل جاءت عامة في كل زمان ومكان منذ ولاته الى انقضاء أجله فهو معصوم عن الهجر العقلي مبرء منه وفق النص القرآني السابق فلو يصدق عليه الهجر يستتبعه النسيان والسهو لكن الله نزهه عن ذلك بتخصيصه للنطق فلم يذكر في الاية (يخطب او يتحدث) لأعتبر أن الوحي عليه فقط في هذا الموضع لكن قال (ينطق) بمجرد نطق النبي الاكرم بأي كلمة فهي موحاة الله عز وجل.
فعندما يقول الرسول الاكرم: أدبني ربي فأحسن تأديبي، فالتأديب شمل كل ما ينطق به الرسول من الحديث ومن علم ومن فصاحة ومن بلاغة ومن أحكام وتعاليم، فالتأديب فكري وتأديب أخلاقي ومن يؤدبه الله لا يمكن أن تشوبه شائبة فكرية.
وقوله: إنما بعثتُ فاتحا وخاتما، وأعطيتُ جوامع الكلم، وأختصر لي الحديث اختصارا فلا (يهلكنكم المتهوّكون)، المتهوك هو المتحير الذي يقع في كل أمر فالرسول يعلم بأن هناك من سيقلل من شأنه المعرفي او السلوكي فقدم لكثير من الامور وأوصى عليها، حتى لا تكون هناك حجة لأحد عليه.
الدلائل الظاهرة للعيان لا تنتهي لكنها لا تحتاج سوى الى عين باصرة تذلل الباطل وتنظر الى نور الحق، يكفيه الله عندما يقول: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) فلا ينعق من بعد الرسول إلا من به صمم.
اضافةتعليق
التعليقات