يقول مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): "إن الله إذا أراد بعبد خيراً ألهمه الاقتصاد، وحسن التدبير، وجنّبه سوء التدبير والإسراف".
وسط الاجواء المعتمة للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم اجمع تجد نفسك مضطراً لأن تتعلم فن الادخار وفن الانفاق لتقي نفسك من الانزلاق في درب الافلاس والحاجة ومع كل الاشارات والدلائل التي نجدها واضحة جلية امامنا نجد ان اغلب الشباب لا يكترثون لمستقبلهم ولا يعيروا لطرق الادخار أي اهتمام، حتى العاملين الذين يمتلكون راتب شهري الى جنب دراستهم الاكاديمية نرى ان كل اهتمامهم ينصب على الاسراف وتلبية مطالب اهوائهم ومواكبة آخر اصدارات الاجهزة الحديثة والملابس وارتياد المطاعم الجديدة والفاخرة لتجربة المذاق فيها وانفاق اموال كبيرة على وجبات صغيرة!.
نحن ملزمين اليوم بتوعية شبابنا ان قطار العمر يتقدم فعليهم ان ينحوا بعض المال جانباً ليساعدهم عند الهرم وهناك بعض الأسباب الوجيهة التي تدعو لإدخار بعض المال لسنواتك المقبلة إنك:
• لا يمكنك الاعتماد على الدولة في إعالتك.
• إذا لم تدخر المال لنفسك، فعندئذ ستضطر للاعتماد على كرم ولطف الغرباء - أو العائلة،
وهو ما سيكون أسوأ.
• إذا لم تكن لديك خطة لشيخوختك، فربما تفقد مستويات الراحة والرفاهية التي تتمتع بها الآن، كما ستفقد السيطرة على أمورك المالية.
• مع التقدم في العمر، ستبدأ بعض وظائف جسدك في التدهور وستحتاج للمال للدفع مقابل الرعاية الطبية.
• مع التقدم في العمر ستزداد بطئاً في عملك، وسيصير من المحال أن تعمل بنفس مستوى الجد الذي تعمل به حالياً.
• كذلك قد لا تكون لديك الرغبة في العمل عند الكبر (بالرغم من أن بعض الناس يحبون هذا) حيث إن معظم الناس يفضلون الجلوس والاسترخاء والاستمتاع بأشعة الشمس، وإذا لم يحدث هذا في كبرك، فمتى سيحدث إذن؟
كل تلك الاسباب اظنها كفيلة بجعلك انسان مسؤول عن ذاتك وقراراتك المستقبلية المالية ولربما من يستمع لحديث الادخار يصعب عليه تخيل الوقت الذي لن يكون فيه كذلك. لذا لا يستعد أحد ليوم كهذا، كما أننا ننشغل بقضاء أوقاتنا السعيدة لدرجة تمنعنا من التفكير في أمور كهذه، كما أننا ننشغل بالعناية بأفراد آخرين في أسرنا لدرجة تمنعنا من التفكير في أنفسنا. كما أن العمل شاق والديون تحاصرنا، كما أننا لم نبدأ في تحقيق طفرة في الدخل إلا مع وصولنا لسن الخمسين، ومن الصعب علينا وضع مبلغ كبير لهذا الغرض مرة واحدة، والعديد من الأسباب الأخرى.
لكن إذا ما رغبنا حقاً في تجنيب بعض المال، وتعلم الادخار فعلينا اتباع الإرشادات التالية التي في مقدمتها:
_ تحدى الـ 52 أسبوع
حتى يصاحبك الأمر ويصبح عادة من عاداتك، يمكنك البدء بهذا التحدي البسيط. سوف تدخر في الأسبوع الأول الف دينار، والذي يليه 2 والثالث 3 وهكذا الى آخر العام أو الـ 52 أسبوع. ولا يشترط ان تبدأ في بداية العام الجديد، يمكنك البدء هذا الأسبوع على الفور وبنهاية العام ستكون ادخرت مبلغ لا بأس به.
• قم بتحديد أولويات إنفاقك – دون الأوجه التي ستنفق مالك عليها وانظر إذا كان لـ "مستقبلك" مكان بها. إذا لم تكن تضع هذا الأمر في حسبانك، ضعه ضمن أولوياتك.
• إذا لم تكن قد ادخرت مبلغاً كافياً حتى بلوغك الخمسين من عمرك ضع مبلغاً كبيراً ليكون بداية لخطة التقاعد الخاصة بك (لا تتقاعد مطلقاً فالمرء يموت إذا لم يجد شيئاً يفعله).
• قم بترتيب أمورك المالية وقلل من الفاقد منها وأنفق هذه المبالغ على خطة تقاعدك بدلاً من إضاعتها سدى.
• إذا لم يكن لك معاش تقاعد، تأكد من وجود مبلغ يمول أيام تقاعدك أو سنين شيخوختك
(عقار يمكن بيعه، أسهم يمكن تسييلها) وأنه سيكون كافياً.
• ركز على الأرباح العالية وقم باستثمار أموالك بنشاط لتحقق أقصى فائدة، كما عليك بإدراة امورك لتسهل عليك عملية الإدخار وتبدع في فنه فإبدأ اولاً بـ:
1- ميزانية الشهر والمتطلبات:
قم بعمل قائمة بكل المشتريات التي تحتاج شراءها او يتم الإنفاق عليها تحديداً حتى تعلم فيما تذهب ميزانية الشهر وتحدد إحتياجاتك, حتى لا تبذر وتعتقد ان ما لديك اكثر من كاف فتنفق اكثر مما تملك فيخونك الحظ وتجد ان امامك الكثير من الفواتير التى تحتاج ان تدفع وانت لا تملك ثمنها, كما يمكنك كتابة ما عليك من فواتير واحتياجات ان تحدد جوانب التبذير في ميزانية الشهر فقد تجد بعد كتابتك لقائمة احتياجاتك ان هناك اشياء تنفق فيها الكثير وهي لا تستحق او تستطيع ان تستغني عنها, فدون ما تحتاجه كل شهر وما تنفق عليه ميزانية الشهر كأول خطوة في خطة الإدخار من ميزانية الشهر.
2- تخلص من المصروفات الغير ضرورية:
بعد ان حددت فيما يصرف المرتب او ميزانية الشهر, قم بالتخلص من المصروفات الغير ضرورية, فمثلاً إن كنت تبتاع قهوتك كل صباح حاول ان تشربها فى المنزل قبل ان تنزل إلى العمل, أو على اقل تقدير ان تأخذ معك كوباً حرارياً لتحصل على ما تحتاجه من القهوة أثناء العمل, ممكن ايضاً ان تعد غدائك في المنزل بدلاً من ان تشتري يومياً من الخارج, كما يمكنك أيضاً أن تستقطع من عدد المرات التى تتناول فيها الطعام خارج المنزل, وستفاجأ كيف ان هذه الخطوات البسيطة ستفرق بشكل كبير في ميزانية الشهر ومبلغ الإدخار التي سيكون بحوزتك بعد انتهاء الشهر.
4-ميزانية الشهر والفواتير:
قم بإستقطاع اكبر قدر تستطيع تحمله من الفواتير, فيمكنك دائماً تقليص حجم فواتيرك، طرق بسيطة مثل ان تطفىء المصابيح عند خروجك من الحجرة, استخدم مكيف الهواء المحافظ على الطاقة, لا تستغرق وقتاً طويلاً في الإستحمام, اغلق صنبور المياه اثناء غسل الأسنان وحلاقة ذقنك.
كل هذه الخطوات الغاية في البساطة ستفرق في المبلغ الإدخار الشهري وستفاجىء بمدى سهولة اتباع هذه الخطوات, ولا تصعب الامر على نفسك فتشعر انك تقوم بعيش حالة من التقشف, يمكنك في نهاية كل عام مكافئة نفسك بسفرية جميلة لم يكن بإمكانك القيام بها, اشترِ شيئاً مفيداً تحبه, لا يهم ما تفعله بالمال المهم هو ان تصرفه فى مكانه المضبوط.
وتذكر قول مولانا علي (ع): "آفة المعاش سوء التدبير".
اضافةتعليق
التعليقات