عندما تكون الثقافة هي مفتاح تحول لكل دولة، ومقياس واضح لقوتها، بلا شك ستكون حينها هي الوسيلة الفضلى التي يستخدمها الناس للتطور والارتقاء، والوسيلة الأفضل لهدم الدولة واركانها بالنسبة للعدو، فاذا ارادت جهة معينة السيطرة على الأمة تأتيها من باب الثقافة، وهذا ما فعله هولاكو ونابليون والكثير من الشخصيات التي كان شغفها الأول هو احتلال العالم، فالضربة الاولى التي وجهتها كانت لثقافة البلد، فتمكنوا منها وأصبحت تحت سيطرتهم بالكامل.
لأنهم على ثقة بأن التأثير الثقافي يدوم على المدى البعيد جداً، اذ ان الجزائر حتى بعد تحررها لا زالت المخلفات الثقافية التي غرسها الاحتلال واضحة المعالم فيها، اذ ان العدو استأصل جذور الثقافة الجزائرية الاصيلة وزرع الثقافة التي تتلاءم مع حيثيات مزاجه.
والى يومنا هذا نلاحظ ملامح واضحة جداً من حيث العادات والتقاليد والانفتاح الغربي، وحتى ماجعل اللغة العربية ذي لون باهت في الثقافة الجزائرية.
فالثقافة بحد ذاتها غير قابلة للتقليد والاستنساخ، والأمة التي ترضخ لثقافة دول أخرى هي أمة فاشلة لم تتمكن من خلق وجهة ثقافية مميزة لنفسها، فما نشاهده اليوم من طمس للثقافة العربية لا تشي الاّ بالضعف والضياع.
على الرغم من ان التاريخ العربي زاخر بالثقافة الأصيلة والعميقة، الاّ ان الحركات التي تمارس لدحر الثقافات هي حركات مبطنة تشي بالسيطرة والشر.
والخطوة الأولى التي يبدأ بها العدو ليزعزع الثقافة في نفوس أهلها، هي خطوة التشكيك والترديد، لأن فكرة اسقاط الثقافة دفعة واحدة هي امر صعب وغير قابل للنجاح، ولكن نخرها بطريقة بطيئة وهادئة هي الأنجح حتى وان كانت على المدى الطويل، لهذا السبب يلجأ العدو الى مرحلة التشكيك ليتمكن من زرع اليأس والشك في نفوس اهم شريحة الا وهي شريحة الشباب.
فالأنظمة والمناهج الغربية التي احتلت مدارسنا وجامعاتنا ما هي الاّ مناهج بدائية، من الظاهر تبدو عصرية وجذابة ومواكبة للتمدن، ومن الداخل هي مناهج ركيكة تظهر ضعف الحياة الاجتماعية وتفسر علاقاتهم المهزوزة والروابط الفاشلة تحت وشاح الحرية العمياء.
بالطبع هكذا ثقافة لا يمكن الاستفادة منها، خصوصاً لو كانت الثقافة هي ثقافة مفروضة تمثل مناهج وكتب مدرسية، لكن هذا لا يعني بأن الغرب لا يملكون نتاج نافع، فعلى الرغم من الفساد العائم هنالك الاّ انهم وصلوا الى مرحلة مهمة في العلم والعمل، وهذا لا يمنعنا من الاستفادة العامة، والأخذ بالثقافة الغربية الصائبة، ولكن الفرق سيكمن في ماهية الاختيار، لأن الانسان هنا سيكون منصاعاً لذائقته ومعرفته وفي كامل وعيه وادراكه ويعرف جيداً ماذا يريد، وماذا يختار، وعلى أساسه سينتقي الجيد ويترك الضار.
ولكن عندما تكون الثقافة هي ثقافة جبرية بلا شك سيكون التأثير سلبي وغير مقبول في المجتمعات التي تربت تحت إطار ديني ملتزم وخاضع لقوانين الهية تضمن للإنسان كرامته وتعطي لمفهوم العلاقات قدسيتها الخاصة.
اذن في هذه الحالة علينا إزالة القدسية عن الثقافات الدخيلة التي وجدت لكي تنزع عنا جلود عروبتنا الأًصيلة وتلبسنا من عري ثيابها ما شاءت، وابداء الاهتمام بثقافتنا وفتح المساحات لتطويرها والعمل عليها، واستغلال الطاقات الشابة لتوسعة الدوائر الثقافية التي تلعب دوراً مهماً في تقدم البلد وحضارته.
اضافةتعليق
التعليقات