الجميع منا تداعبه تلك النسمات الربيعية التي تلوح له بالحرية، لكن سرعان ماتشير إلينا بالوسطى ساخرة ملقية علينا حمم الرحيل ..
فنبدأ بتقمص شخصيات تتلائم مع الوضع، نتكلم بلاصوت ونحيا لننتظر الموت دون أهداف ويتملكنا الشعور بالسأم فنرى كل من حولنا عدم ويسودنا إحساس الندم (لما فعلنا كذا ولما عاملناهم بلطف)، تتشابك العبارات داخل رأسنا وتزيد الصداع صداع..
لكن هل فكرنا لمرة لما نحاسب انفسنا على شيء مضى، على إثم لانعرفه وذنب لم نقترفه، فما أصعب الشعور بالحزن العميق وكأن دواخلنا ألم عريق لابكاء يشفيه ولاسهر يجافيه فندخل بدوامة حول انفسنا وننعزل لفترة بلا أحد .
الأمر أشبه بأن ينتهي شغفك فجأة، يتساوى كل شيء دون إستثناء ولن يكون بإستطاعتنا سوى النوم ومراقبة مايحدث دون ردة فعل تذكر، من ثم تتكاتف الأسئلة في رأسك، مالذي يحدث؟ أين انت من كل مامضى أو بالأحرى من أنت؟ فتموت الساعات صقيعا وتتكئ الثواني على خيوط العنكبوت حين تزورها رياح الأفكار المشتتة ويضطرب كل شيء داخلنا بلا إستثناء، ولكن حينما تزورنا هذه الاستفاقة المتأخرة نجد ان الجميع قد هجرنا فأين هم الآن من شراك قلبك .
ثم يشتعل سرب المشاعر في مهجتك فتبك المحاجر ألم ألفراق، فراق من؟ فراق نفسك التي هجرتها لأسباب لاتعدو كونا فعل ماض .
أما الآن إفتح الأخبار وشاهد المآسي الموجودة في العالم وبعد ذلك اكتب عن تجربتك التي جعلتك في دوامة اليأس او خط عن علاقتك العابرة وعن شعورك بالوحدة، محاولا الانتحار، ثم تساءل إن دخلت في دوامتك واستنفرت الجميع حولك هل سيعودون ليرسموا الابتسامة على شفتيك او سيزيلوا اثر الانكسار في محجريك..
اذن عزيزي القارئ الحياة فانية فتأملها بجوارحك واترك نظرتك السطحية على الاشياء.. عش كأن كل يوم هو اخر يوم لك فلكل شيء حق عليك فلا ترهق جوارحك لأشياء لاتستحق وتهدر مدامعك لأسباب تافهة دعهما كلؤلؤتين في محجريهما يشعان بريقا مع ثغرك، إبتسم فما حرك الحزن مصيرا قد قسم ..
تأكد إنك حين تنكسر جوارحك لن يرحمك بعد الله سوى نفسك ولن تنقذك من شراك مصائبك سوى إرادتك، لذلك ابدا لاتيأس من حياة ابكتك فلربما هذه الدموع كانت رسالة من الله تخبرك انها تنظف ضفاف شتاتك وتخرجك من الظلمات الى النور فحاشاه أن يضرنا، قل ربي عوضني خيرا وعز وجل لايرد طالبا .
ثم اياك ان تعطي الاحداث فوق ما تستحق فتجهد عقلك وبدنك وتؤذي نفسك بدخولها دوامة اليأس، واليأس حين يسيطر على النفس البشرية يقودها نحو الضياع فكل الاشياء من حولنا مختلفة، اياك ان تعتقد ان كل شيء جيد او العكس وليست جميعها ايجابية او سلبية. لكن نحن من نتحكم بألوانها وكيف نود وضع هذه الصبغة ان جعلنا منها فاتحة او غامقة. فالغالبية منا يرمون جم اللوم على الحياة وفي ذروة الغضب نصرخ (لماذا يارب) لكن نتناسى انه نحن من خزنا كل شيء داخلنا وجعلناه يعشعش في نفسنا ويفقدنا قوانا وهنا تكمن ضرورة تجديد الأمل وإحياء ربيع القلب..
فالكثير منا وللأسف مصرين على مخاصمة كل مايمدنا بالحياة فمن حق كل نفس على راعيها ان يهتم بها ولايجعلها في عداد الاموات فالقدرة على الوقوف مرة اخرى لايملكها سواك انت.. لاتيأس فعلا ان مشكلتك لها حل وستبتسم لك الحياة يوما ما، إن اردت النجاح رغم الفشل حاول وكرر المحاولة، إن كنت فقيرا او مريضا او حزينا فلاتيأس، حقا من المحن تتولد المنح، النصر قادم فكل وقوع لابد بعده قوة، انظر الى الجانب المشرق فلن تستمر الظروف التي ابكت قلبك وقل يارب عوضني خيرا، فالحزن يرحل بسجدة والفرحة تأتي بدعوة.
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} الشورى28،
والله وحده هو الذي ينزل المطر من السماء، فيغيثهم به من بعد ما يئسوا من نزوله، وينشر رحمته في خلقه، فيعمهم بالغيث، وهو الوليُّ الذي يتولى عباده بإحسانه وفضله، الحميد في ولايته وتدبيره.
اضافةتعليق
التعليقات