استقبل اهالي كربلاء شهر رمضان المبارك بشوق وترحاب بعد فراق عام كامل. و لكونه شهر الصوم والعبادة والطاعة والشهر الذي تأتي به ليلة القدر وهي خير من الف شهر. بل هو ايضا شهر المودة والرحمة والطاعة وصلة الرحم وإطعام الفقير وكسوة اليتيم والمحروم.
وتختلف نهارات وليالي رمضان وامسياتهاعن بقية اشهر السنة حيث يعيش الصائم اليوم بيومين قبل الافطار وبعده ونهارات رمضان معروفة للصائمين بين اوقات العمل والتبضع والاعمال المنزلية لربات البيوت مع ساعات للراحة وساعات للعبادة وقراءة القرآن والدعاء، وامسيات رمضان كذلك تبدأ بآذان المغرب والفطور واوقات للصلاة والدعاء لايختلف عليها الصائمين.
وتختلف خيارات الصائمين في قضاء امسياتهم الرمضانية حسب الثقافة والعمر والبيئة والوضع الامني وبين النساء والرجال.
"بشرى حياة " استمعت الى عدد من النساء والشباب لتسليط الضوء على طبيعة هذه النشاطات واهميتها وخطورتها في بعض الاحيان.
امسيات الشباب
وعلى سؤال ماذا تفعل بعد الافطار أجاب الشاب (علاء اموري) في العشرين من العمر وهو متزوج وله طفلة: على الاغلب انزل الى مركز المدينة برفقة اصدقائي او زملائي في العمل لحضور بعض المحافل القرآنية وبعدها نجتمع في "كوفي شوب" او المتنزه للتسلية وتبادل الاحاديث السياسية والاجتماعية وتفقد بعض الأصدقاء المرضى وفي كل الاحوال لا ابقى خارج البيت بعد الثانية عشر لان لي زوجة وطفلة ولكني ارى بعض الشباب يقضون الليل باكمله خارج منازلهم.
وعن مزاحمة التلفزيون والانترنيت لتسالي رمضان قال علاء: ليس كثيرا. ليالي رمضان لا يسرقها الانترنيت وربما يكون الانترنيت والتلفزيون وسيلة النساء للتسلية فقط لعدم السماح لها بالخروج ليلا عدا كبار السن.
قال (رياض الطفيلي) من قضاء الهندية/ منطقة الدعوم: ان امسيات رمضان في الأرياف قد تختلف قليلا عن أمسيات اهل المدينة والبعض من الشباب يتوجهون نحو المقاهي لتبادل الأخبار والأحاديث او ممارسة بعض الألعاب مثل المحيبس ولاتخلوا تلك المقاهي من بعض الشباب المنحرفين والعاطلين عن العمل والمتسيبين والذين يحاولون سحب بعض الشباب المراهقين إليهم نحو الشر والرذيلة، وهؤلاء الشباب معروفين ومرصودين من الأهالي والجهات الأمنية. وبعض الشباب يرغبون في لعب كرة القدم حيث يتوجه بعض الشباب والفرق الشعبية الى الملاعب المنتشرة في الأحياء والقرى والتي تبقى ابوابها مفتوحة في رمضان لغاية صلاة الفجر حيث يتسلى الشباب بين لاعبين ومشجعين لساعات طويلة.
ويتابع رياض: وتبقى الأمسيات والمحاضرات الدينية والفقهية في المساجد والحسينيات لها نكهتها وروادها في شهر رمضان المبارك وفيها يقرأ القران وتقام الصلاة وتوزع بعض الاطعمة والمشروبات والحلويات من الأهالي والبيوت المجاورة للحسينية. اما عن التلفزيون والانترنيت في الأرياف فلا يزاحم الخيارات والوسائل الشعبية للتسلية والعبادة بل تبتعد المسافة بيننا وبين الانترنيت والتكنلوجيا في هذا الشهر الفضيل المبارك.
(حوراء) شابة وربة بيت وام لثلاثة اطفال تقول: ليس لي وقت يفيض اتسلى به في رمضان بين مهام المنزلية ومتابعة اولادي ولاعداد الفطور ثم استئناف اعمال مابعد الفطور ولكن استجيب بعض الايام لدعوة فطور عند والدتي او اخوالي او اهل زوجي وذلك احتراما لصلة الرحم. وعدا العبادات المعروفة في رمضان وقراءة القرآن لا استطيع الخروج من البيت او التسلية او الذهاب لاي مجلس او محفل، وهذا حال اغلب الامهات. لهذا اضطر للانشغال فيما يعرض في التلفزيون من برامج ومسلسلات وانا اعرف ان اغلبها تافه وغير واقعي. في حين زوجي يخرج بعد الفطور الى الصلاة مباشرة ليشارك اصدقاءه سماع المحاضرة وبعدها شرب النركيلة وبعض صور التسلية المعتادة مع جيرانه واصدقائه، وعندما يعود للبيت اكون قد استسلمت للنوم من شدة التعب.
امسيات ثقافية
"تشتهر مدينة كربلاء بالمحافل الادبية والامسيات الثقافية والذي يتحول نشاطها من الصباح او العصريات الى مابعد الفطور مثل امسيات اتحاد الادباء ونادي الكتاب ونادي الشعر والفلسفة وغيرها ولا تخلو هذه المنتديات من بعض الطقوس الرمضانية الجميله كالمسابقات الثقافية وتوزيع الحلويات والعصائر وبعضها يصل الى وجبات السحور وتعبق الثقافة الكربلائية بنكهة رمضانية لاتكون في بقية الاشهر.
ولا تخلو الأمسيات الثقافية من محاضرات رمضانية قد تكون فقهية او تاريخية او قرآنية هذا فضلا عن ماتقوم به العتبات المقدسة يوميا من نشاطات وفعاليات رمضانية. هذا ماقاله (مصطفى محمد رضا) من الشباب المثقف ومن رواد ملتقى الرافدين للحضارة والثقافة..
أمسيات نسوية
تختلف الأمسيات النسوية كثيرا عن النشاطات والأمسيات الذكورية وخاصة في مدينة مقدسة مثل محافظة كربلاء.
الى ذلك قالت (ام علي) من كربلاء/ 45 سنة: في رمضان تقام المجالس والمحافل الحسينية النسوية كل ليلة منها مايسمى "بالوحشة" والتي يهدى ثوابها الى الشهداء والموتى الذين قضى نحبهم في نفس العام. وهناك بيوتات كربلائية متخصصة سنويا في إقامة المحافل القرآنية وإكمال ختمة قرآنية بقراءة جزء من القرآن يوميا او إقامة المجالس الحسينية. عدا ذلك ممكن أن تقام الولائم والعزومات للأهل والأقارب لتقوية صلة الرحم وتناول أخبار العائلة، اما عن المحيبس والصينية وغيرها من الألعاب فهذه لعبة المقاهي والرجال. وما تبقى من الوقت وهو قليل بالنسبة لأعمال ربة البيت تقضيه النساء في متابعة برامج التلفزيون. وتقضي الشابات نصف نهارات رمضان بالنوم.
وتؤكد ام علي انه يصعب عليها إقناع بناتها الشابات لمرافقتها إلى الختمات والمحافل القرآنية والدينية بل تفضل البنات ملازمة التلفزيون او الانترنيت، وهي تلاحظ ان اغلب رواد هذه المحافل من النساء بعد سن الاربعين وهو السن الذي تتفرغ فيه للعبادة وتستطيع الخروج للتسلية الرمضانية لقلة مسؤولياتها المنزلية.
الناحية الشرعية
من جهته قال الباحث الإسلامي الشيخ حميد مجيد الياسري: ان قدوم شهر رمضان المبارك فرحة كبيرة للمسلمين وصومه متعة لايعرف قيمتها الا من حرم منها وكل ممارسه عبادية في هذا الشهر هي متعة روحية تحقق فائدة الترويح عن النفس والروح ومنها الأمسيات الرمضانية والمحافل القرآنية والمجالس الحسينية والفقهية وهي طقوس وممارسات تختلف من دولة اسلامية الى اخرى ومن مدينة الى اخرى. ولمحافظة كربلاء خاصية مقدسية لهذه الليالي والامسيات. ومن واجب الاباء والاهل تدريب الاولاد والبنات منذ الصغر على حسن اختيار وسائل التسلية واحترام الطقوس العبادية وممارستها والتمتع بها قبل الشروع بالذهاب لساحات التسلية واللعب.
وعن شرعية العاب التسلية مثل لعبة المحيبس والدومنة وبعض المسابقات والمراهنات التي يزاولها الشباب في ليالي رمضان قال:
انه لا اشكال شرعي في اي لعبة يكون الغرض منها التسلية فقط والترويح عن النفس وليس المقامرة ولايوجد فيها مقابل مادي (رهان) سواء في شهر رمضان المبارك او غيره من الشهور.
اضافةتعليق
التعليقات