في الطريق العام رجل كبير في العمر، يفترش الأرض ويعرض بضاعته على قطعة قماش بيضاء، ازدحم المكان بالمارة، يتوقفون عنده وينظرون الى بضاعته، الرجل كان يعرض مجموعة من الأحجار المختلفة من القلائد والخواتم، وبسعر مناسب جداً لا يتجاوز خمسة آلاف دينار، وكان ينصحهم في انواع منها للحسد، وللزواج، تحدثت سيدة لا تتجاوز الثلاثين من عمرها عن حجر اسود، رمقتها عن قرب، كيف بسيدة تعرف أنواع الحجر ولماذا هذا الحجر؟.
الرجل الكبير أشار بإصبعه إلى حجر صغير، وطلب منها اسم الحبيب واسمها، اقتربت منه لا تود ان يعرف الجميع اسم الحبيب، بعد هذا المشهد تركت المكان وأكملت الطريق وفي الجانب الامامي وعلى واجهة المحلات التجارية، ترى أنواع الاحجار الكريمة التي تجذبك ألوانها وبريقها، مما يجبرك على الوقوف أمامها والاستمتاع بالنظر، وهذا ان استطعت أن تقاوم طويلاً، وقد تعددت انواع الاحجار على اختلاف صياغتها و إتقانها، ومن الصعب بين كل هذه المعروضات ان تجد الحجر الاصلي.
في الآونة الاخيرة انتشرت ظاهرة المتاجرة بالأحجار من خلال الصفحات وعرض النقوش والفوائد التي أصبحت حلا عند اغلب الناس، فمن تأخر زواجها واصبحت في سن العنوسة تطرق باب التنجيم لعل هذا الخاتم يجلب لها عريساً حسب الطلب، ومن لا يجد فرصة عمل يدخل الصفحة ويتابع حتى وصل الأمر الى عمل التاك لكل من لديه مشكلة اجتماعية. والمعروف ان أغلب هذه الصفحات هي لمنجمين يمارسون اعمال السحر والشعوذة من خلال القراءة على الخاتم او اجراء الطقوس عليه.
وصنف آخر من الناس لديه ولع في شراء الاحجار الكريمة حيث يقبلون على المحلات و(البسطات) لاقتنائها، ويختلف الذوق والسعر، بينما يكتفي البعض الآخر بشراء حجر صغير مناسب الثمن على حسب حاجته، فيما يعتقد آخرون ان الاحجار الكريمة هي مصدر قوة ولابد من حملها وارتداءها لقدرتها على الشفاء وشعور الفرد بالراحة النفسية والجسدية، وإبعاد الأذى عن حاملها، ومن أهمها الحجر الأزرق النافع للحسد، والعقيق الأحمر يلبسونه لجلب الحظ والحبيب، والفيروزي نافع لمنع مس الجن.
وفي صدد هذا الموضوع التقت (بشرى حياة) بعدد من النساء اللواتي يلبسن الأحجار الكريمة..
السيدة (منتهى) أنيقة تلبس ثلاثة خواتم في أصابعها، شاركتنا الحديث: أنا موظفة في دائرة رسمية وعملي يتطلب مني الأناقة والاهتمام بالمظهر فهو من مواصفات الموظف الجيد، لذلك نصف راتبي يذهب لشراء الملابس والخواتم والأحجار، وأتابع جيداً مواقع التواصل وأطلب كل ما يعجبني من الاحجار والحجر الذي أحمله اليوم هو عقيق أحمر نافع للمحبة وتيسير الأمور، وسعره (300 الف دينار).
أما (عذراء) طالبة في جامعة العلوم، السنة الثالثة، فتقول: ينصحني برجي في لبس حجر الزمرد، فهو يناسب شخصيتي، سألتُ بائعي الاحجار عن سعره قالوا الحجر الزمرد الاصلي يكلف (500$)، انتظر المنحة العائلية من والدتي لشرائه .
وقفة أخرى مع صاحب محل لبيع الأحجار (الحاج محسن) يقول: اعمل في هذا المحل منذ عشرين عاماً، أيام والدي وأخي الشهيد، رحمهما الله، للأحجار موسم خاص، يزداد الاقبال عليها في بعض الأشهر منها رجب لصياغة الخاتم الرجبي، وشعبان، ومحرم، هذه الاشهر التي يكثر فيها شراء الاحجار بحكم الزيارات وقدوم الزائرين الى المحافظات المقدسة، لدي العقيق والفيروز، الدر النجفي، رضوي، زركَون، هذه الاحجار تناسب الرجال والنساء، وحسب طلب الزبون، منهم من يطلب خاتم نسائي (حريم السلطان) و (التركي) حجر ازرق واخضر، الاسعار مختلفة يوجد من 30 ألف الى مليون دينار، أما عن ختم الفص بإسم صاحبه، هذا النوع لا اعمل به ولا اود ان اتحدث عنه، واكثر من يشتري الاحجار هم من النساء.
الباحثة البيولوجية (عادلة حسن) بحديث خاص (لبشرى حياة) قالت: منذ نحو (40) ألف عام، عرف الانسان صناعة العقود والتمائم والحلي، كما يصنع منها لصلابتها رؤوساً لسهام الصيد، في كتاب (موسوعة الأحجار الكريمة): إن الإنسان بدأ شيئاً فشيئاً في استخدام أنواع عديدة من الأحجار الكريمة وبدأت عمليات التهذيب والتقطيع والصقل والتلميع والتشكيل في صورة قلائد تحاكي بعض مفردات الطبيعة وهو ما كشفت عنه بعض القلائد والعقود البابلية التي عُثر عليها على ضفاف نهر الفرات والتي تعود إلى عام 5000 قبل الميلاد وهي مصنوعة من (الاوبسيديان) (صخر بركاني يشبه الزجاج) ومن بعض الصخور الطبيعية وبعض الأصداف والمحار.
والقصد من الأحجار الكريمة و الثمينة هي أنواع مختلفة من المعادن المتبلورة مركبة من عنصرين أو أكثر، وتتكون أساساً من مادة السليكا مع وجود بعض الشوائب المعدنية، ويختلف نوع الحجر الكريم باختلاف المادة المكونة، وتتواجد عادة في مناطق الطمي البركانية، كالحصى البركانية، وبخاصة في مناطق جريان الأنهار البركانية، ملاحظة ان جميع أنواع الاحجار الكريمة متكونة من عنصرين فأكثر إلا الالماس فهو أحادي التكوين من عنصر واحد هو الكربون.
وبعض الأحجار الكريمة تتكون في باطن الأرض على أعماق مختلفة، وقد تتحد مع عناصر أخرى أو تكون في صورة حرة، مثل الياقوت والزمرد والألماس الذي يوجد في بعض الأحيان على عمق (160) متراً تقريبا، ويخرج ضمن الحمم البركانية وناتج الزلازل الأرضية.
وأما البعض الآخر فتتكون في المملكة الحيوانية حيث تستخرج من قاع البحر، مثل المرجان واللؤلؤ الذي كان يعد من أجمل وأغلى الأحجار الكريمة في الماضي ولا سيما لؤلؤ الخليج الذي اكتسب سمعة عالمية كبيرة كما تمنحنا المملكة النباتية الكهرمان الأصفر الجميل.
أنواع الأحجار الكريمة
أحجار كريمة خالصة، وهذا النوع من الأحجار يستخرج من باطن الأرض، أي أن الإنسان لا يتدخل في تكوينها بشكل مطلق، مثل الألماس والزبرجد.
الأحجار النصف كريمة، وهذه الأحجار أيضاً تستخرج من باطن الأرض، ومن الأمثلة على هذا النوع من الحجارة الفيروز. الأحجار الكريمة الصناعية، ولهذا النوع من الحجارة قيمة عالية، ويقوم بصناعتها الإنسان؛ بحيث تكون تركيبة هذه الأحجار مشابهة لحد كبير لتركيبة الأحجار الكريمة الطبيعية، مثل الياقوت الصناعي، وهذا الياقوت يمتاز بقدرته العالية في مقاومة الكسر، والخدش، وكذلك له التبلور نفسه وزاوية الانكسار لحجر الياقوت الطبيعي.
الأحجار الكريمة المقلدة، وهذا النوع من الأحجار متواجد بصورة كبيرة في الأسواق، وهذه الأحجار في العادة تكون مصنعة من البلاستيك والزجاج، وهذه الأحجار تتشابه مع الأحجار الكريمة في اللون فقط، ولكنها لا تمتلك أي خاصية من خصائص الأحجار الكريمة الحقيقية، لذلك تكون هذه الأحجار زهيدة الثمن.
ذكر في القرآن الكريم وصف الاحجار (يخرُجُ مِنهُما اللؤلؤ والمرجان)، (كأنهن الياقوت والمرجان)، (وحور عين* كأمثال اللؤلؤ المكنون).
فوائد الاحجار وقيمتها
الــزركــون: له بريق يسطع عنه ألوان جمالية تبهج النفس وتهدئ الأعصاب ويزيد من الطاقة الحيوية ويشبه الألماس في الشكل ومن خواصه يحفز من عملية دورة الدم لذا يصلح للذين يعانون من فقر الدم وينصح به خصوصاً للنساء بعد الولادة حتى تتم تنظيم الدورة الدموية عندها…
حـديد صـيني: يعطي القوة على كشف حقائق الأشياء ويطرد الشياطين والخيالات عن حامله ينفع لدفع الضرر والسحر والعين والنظرة ويشرد بمردة الجان والشياطين ويحل الخصومات التي بينك وبين من كان جنبك وينفع لقضاء الحوائج المتعسرة…
الــزمـرد: تخاف منه الأفاعي وتتضايق منه وهو يسر لا عسر فيه، يسهل الأمور ويساعد على الشفاء العاطفي والجسدي ويهدئ العقل والجسم ويزيد من ثقة الإنسان يمنع الخمول وينشط الجسد وهو بمثابة الكرة البلورية للإحساس بالمستقبل (وليس التنبؤ به)… وأيضاً فعال لمعالجة المجاري التنفسية ومفيد للحساسية ويعزز جهاز المناعة ويمنع حموضة المعدة.
الـزبـرجـد: مهدئ ومبرد للأعصاب ويسهل قضاء الحاجات ويفرح النفس ويملأ القلب بالطمأنينة وإذا علّق على المرأة الحامل سهّل الولادة ويمتاز بأنه يجلب الحظ الحسن وخاصة للفتيات المقبلات على الزواج…، معالج الأكزيما وحب الشباب والالتهابات الجلدية ويحفز تجدد الأنسجة ومضاد للحزن ويمنح التفاؤل والوعي والبصيرة.
المرجان: يعالج فقر الدم ومشاكل الدورة الدموية ويُهدىء حالات الاكتئاب.
اللؤلؤ: يعالج نوبة الحمى والزكام.
الألماس: معالج لداء السكري واعطاء الثقة بالنفس ويمنع الغيرة .
الفيروز: يمنع الكآبة والتأتأة ويعالج السعال الديكي ويمنع الحسد .
الكهرمان: يعالج المفاصل والروماتيزم وأوجاع الظهر ويساهم في رفع المعنويات وإزالة مشاعر الخوف والتردد و انعدام الثقة بالنفس.
العقيق: له تأثير على أعراض العيون وأوجاع الرأس والتشنجات وأوجاع الظهر ونوبة الحمى كما أنه فعال في فترة الحمل فذبذبات العقيق تزيل الحواجز في داخل الجسم لتقضي على الطاقة السلبية. و يشحذ العقل ويعطي الفصاحة ويهب لابسه قوة النصر على الاعداء ويملأ القلب شجاعة مقترنة بالفطنة والحذق ويضفي على حامله الصحة وتيسير الامور ..
الياقوت الاصفر: يقلل متاعب النفس ويساعد على صفاء الروح ويشحذ الذهن ويساعد على التفكير الهادئ المتزن وحمله يعتبر علاجاً للسير اثناء النوم، ويطرد الاحلام المزعجة كما انه علامة الحب الشديد المقترن بالغيرة ودليل الذوق السليم وحمله ييسر اسباب المعاش ويكسو الهيبة و لا تقع الصاعقة على لابسه.
عقيق احمر: يطرد الاحلام المزعجة ويهب حامله التوفيق وقضاء الحوائج ويكسوه الظرافة والرقة ويجعله في جو من الفرح والسلام والطمأنينة ويزيل الافكار الشريرة والاحزان وهو دليل الاخلاص والصداقة .
الـــــدر: نافع من الخفقان والغثيان والتختم به يورث الوجاهة والقبول ومنع السحر والنظرة ويدخل السرور والبهجة في القلب وله خاصية تطويل الشعر وإذا وضع تحت الوسادة يمنع الأحلام الرديئة.
الـــلازورد: هو حجر الحب والمودة يبهج النفس ويزيل الهم والحزن ويمنع الوسواس والخيالات وإدمان النظر إليه يجلو البصر ويكسب حامله الشجاعة والاطمئنان ويربِي النفس على الصبر.
الاحجار الكريمة في أحاديث اهل البيت (عليهم السلام)
عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قال: (نعم الفص البلور).
عن الإمام علي المرتضى عليه السلام انه قال: (تختموا بالعقيق يبارك عليكم وتكونوا في أمن من البلاء).
وعن أبي الحسن عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تختم باليواقيت فإنها تنفي الفقر).
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله لعلي: يا علي تختم باليمين تكن من المقربين قال: يا رسول الله ومن المقربون؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) جبرائيل وميكائيل.
وعن الرضا عن آبائه: أن النبي كان يتختم في يمينه وعن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي لعلي يا علي تختم باليمين فإنها فضيلة من الله عز وجل للمقربين قال: بم أتختم يا رسول الله؟ قال: بالعقيق الأحمر فإنه أول جبل أقر لله بالربوبية ولي بالنبوة.
اضافةتعليق
التعليقات