في قلب مدينة كربلاء المقدسة وتحديدا في الباحة الواقعة بين مرقد الامام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) تُقام واحدة من أضخم موائد الإفطار الرمضانية حيث يتكرر هذا المشهد كل عام، إذ يحمل بين طياته الكثير من القصص والدلالات تعكس صورة مشرقة عن التكافل الاجتماعي بين أهالي مدينة كربلاء المقدسة وزائريها، تجمعهم موائد الرحمن وسط أجواء ملؤها الايمان والتقوى لينهلوا من فيض معين بركات الشهر الفضيل حيث يتسابق القائمين بتنظيم هذا الكرنفال لنيل ثواب افطار صائم.
تكافل اجتماعي
مع حلول شهر رمضان المبارك من كل عام تسعى الجهات المعنية في رياض العتبة الحسينية المقدسة باستنفار كوادرها المختصة بتجهيز الباحة العامة بين الحرمين الشريفين (المسقفات) بالفراش اللائق والمنفصل للرجال والنساء حيث يتشرفون بخدمة الزائرين الوافدين بمأدبة طعام مستمرة طيلة أيام الشهر المبارك لإفطار الصائمين إذ يقدم على السماط الممتد وجبة افطار متكاملة يتخللها التمر واللبن والماء.
(بشرى حياة) كانت لها جولة تفقدية للتعرف على آراء المشتركين بهذا الافطار الجماعي ..
يرى حسن العامري أن، مائدة بين الحرمين ليست مجرد مائدة إفطار، بل تعبير عن مفهوم العطاء بلا مقابل، وتجسيدها حي لفكرة المجتمع المتكافل التي يحث عليها الإسلام، حيث الغني والفقير يجلسان على مائدة واحدة.
مضيفا، أن كربلاء المقدسة اعتادت على هكذا نشاطات من قبل أهاليها الكرام والعتبات المقدسة لاسيما في شهري محرم وصفر لكونها تستقبل ملايين الزائرين سنويا.
فيما قال أحمد حنون كاظم: لم أخطط للافطار بين الزائرين إذ كنت أود أن أفسح المجال إلى المحتاجين فهناك عوائل تفتقر إلى تجهيز وجبات افطارها حيث تحضر للزيارة وتتناول افطارها في هذه الرقعة المقدسة، غير أن الأجواء الروحانية جذبتني فضلا عن رغبتي بالتبرك بزاد مضيف الامام الحسين (عليه السلام) كما لاحظت هناك وجبات كثيرة تكفي لكل من يرغب بتناول الافطار، والأهم من كل هذا هو أن يجلس الصائم ليتناول افطاره بجوار قبر ابن بنت نبينا الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله).
ختم حديثه: أوجه شكري لكل من سعى وعمل على تهيئة هذه المأدبة المباركة التي ضمت كل المؤمنين والتي تعد كنوع من أنواع التكافل الاجتماعي.
جدل سنوي
رغم الإشادة الواسعة، إلا أن المأدبة لم تسلم من بعض الانتقادات، حيث يرى البعض أن بعض الزوار يتعاملون معها كوجهة سياحية لالتقاط الصور بدلاً من التركيز على الجانب الروحي والاجتماعي ولكن هذا لا يحيد عن هدفها السامي فلا بأس أن تكون الصور تذكارية تشعرهم بسعادتهم لمشاركتهم بهذا الكرنفال الرمضاني المبارك.
نشاطات أخرى
صور من التراحم والتواد تتجسد في منطقة مابين الحرمين الشريفين حيث تجتمع أجواء التقوى مع أجواء هذا التراحم في شهر رمضان المبارك، إذ يتم تقديم وتوزيع آلاف الوجبات يوميا من الطعام والشراب على الزائرين والوافدين لزيارة مرقد الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام).
فضلا عن استقبال المضيف للزائرين داخل قاعاته وأيضا منافذه الخارجية للتوزيع المباشر (السفري) كما حرص القائمون على تقديم هذه الوجبات بدون أي مستمسكات رسمية أو بطاقة دخول خاصة للمضيف، اضافة إلى تجهيز زيادة بأعداد الوجبات في المناسبات الخاصة كليالي القدر وغيرها.
ختامها بركات رمضانية
تبقى مأدبة الطعام بين الحرمين واحدة من أبرز ملامح مدينة كربلاء المقدسة في رمضان، فهي مزيج بين الروحانية والكرم والمبادرات الانسانية ومشهد يعكس كيف يمكن للطعام أن يجمع الناس ويوحد القلوب.
اضافةتعليق
التعليقات