يحتل الموروث الشعبي مكانة مهمة في ثقافة كل بلد باعتباره الذاكرة الحقيقية والحية لتاريخه وتراثه الذي يعتز به بتفاني وفخر لهذا كان لقضية عاشوراء خصوصية في ثقافة الموروث الشعبي العراقي بنقلها بالصورة الأصدق والأبهى والأقرب إلى الحقيقة دون المساس بواقعتها وتشويه مضمونها العقائدي والفكري، ومن أجل ايصالها لجميع المستويات الفكرية والفئات العمرية كان للموروث الشعبي (التشابيه) جزء وحضور لافت في احياء مراسيم عاشوراء من خلال انشاء مسرحا حسينيا ينقل دراما تمثيلية ملهمة سواء في المواكب الراجلة أو الباحات المفتوحة في المدينة.
(بشرى حياة) كانت لها جولة استطلاعية لتنقل لنا جانبا من ثقافة هذا الموروث...
قصة ملهمة
ترى التدريسية ضحى عبد العباس، إن أي شيء يخلفه الأجداد يكون عبرة من الماضي ونهجا يستقي منه الأبناء الدروس والمواقف الملهمة والعظيمة ليعبروا بها من الحاضر إلى المستقبل اذ يكون سلوك مكتسب وهو شكل ثقافي يتناقل اجتماعيا ويصمد عبر الزمن.
فيعد موروث التشابيه قصة ملهمة توضح للمتفرج احداث واقعة الطف منذ خروج الامام الحسين (عليه السلام) حتى استشهاده، الكثير يراها ترهات لا جدوى منها بينما هناك من يعتز بهذا الموروث ويعده جزءا مهما في ايصال مظلومية اهل البيت (عليهم السلام) بطريقة درامية مؤثرة تصل لجميع المستويات الفكرية من طبقات المجتمع.
ختمت حديثها: برأيي لا بأس بهذه المراسيم إن كانت بحدود المنطق المعقول ولكن غالبا ما يتخللها فعاليات تخرج عن جوهر القضية مما يجعل الامر عرضة للانتقاد والتهكم لذا اتمنى ان يحافظ قائمو المسرح التشبيهي على قدسية الرسالة التي يودون ايصالها من خلال العرض وعدم السماح بتشويهها من قبل المغرضين.
من جانب اخر حدثنا ابو مريم احد المتفرجين على العرض التشبيهي قائلا:
أنني دائم الحضور الى مراسيم العرض المسرحي (التشابيه) لان مشاهدتها تثير عبرتي كونها تنقل الوقائع بشكل عفوي وارتجالي، واكثر ما احب مشاهدته مشهد تمثيل العباس (عليه السلام) وهو على نهر العلقمي يستسقي الماء في قربته ومشهد حرق الخيام فضلا عن حضوري الى مركز المدينة لمشاهدة الموكب الارتجالي بتشابيه السبايا (سلام الله عليهم) فهنيئا لمن كان له بصمة في احياء هذه الطقوس بالطريقة التي تليق بألم الفاجعة .
وكان لـ(بشرى حياة) لقاء مع عقيل محمد جواد الملقب (جواد الشمر) استرسل بحديثه قائلا: لقد ورثت عن ابي (رحمه الله) تجسيد دور الشمر والذي اقوم به من خلال موكبنا التمثيلي (موكب جمهور الحيدرية) حيث يمثل الموكب مسير ركب الحسين (عليه السلام) في يوم دخوله الى كربلاء يوم ( 6 ) محرم ويوم رجوع السبايا (11) صفر، وقد توارثنا احياء هذه المراسيم من اجدادي حيث كانت تقام منذ عام ( 1930 ) الى يومنا هذا.
واضاف: يضم الموكب ما يقارب (150) رجل كل منهم يقوم بدوره المناط له بتجسيد شخصيات الصحابة او الجيش من راجلين وخيالة، وفي اول يوم من صفر نبدأ بالتحضير لمراسيم موكب الظعن الذي يتمثل بالسبايا وركب الحوراء (عليها السلام ) وتجهيز محامل النساء والرماح لرفع الرؤوس وتجهيز الازياء المناسبة وتزين الجمال والاحصنة ليبدو الموكب التشبيهي بصورة قريبة من الحقيقة ومؤثرة لمجريات الواقعة، اسأل الله ان يوفقنا لإكمال رسالة اجدادنا المتمثلة بالقضية الحسينية.
ثقافة خاصة
كل بلاد من انحاء العالم تحرص على اظهار موروثها الثقافي من فلكلور او تراث او ازياء او مراسيم معينة، حيث تعمل الجهات المختصة والمعنية بالأمر على اقامة هذه النشاطات بشكل دؤوب لتطور منه بما يليق بالعادات دون تحريفها لتعزيز موروثهم وادراجه ضمن اجندتهم الثقافية، وقد كان لموروثنا المسرح التشبيهي ثقافة خاصة ارتبطت بقضية عاشوراء واخذ صدىً واسع المدى ليشارك به مئات من الموالين سواء في مسرح (التشابيه) او المشاركة في مواكب اخرى من اهالي المدينة وخارجها.
اضافةتعليق
التعليقات