إنَّ تعليم اللغة يتوخّى بالدرجة الأولى جعل الطالب قادرًا على التعبير السليم حديثًا وكتابةً؛ فاللغة منظومة متكاملة للتفاهم والتداول والتواصل بين البشر، ويشمل هذا الجانبُ الوظائفَ الاجتماعية للغة، باعتبارها أعظم وسيلة للتفاهم بين الناس على مرّ العصور. وهي جانبٌ مهمٌّ في حياة الإنسان لا يمكن الاستغناء عنه في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية، سواء على مستوى الفرد أم المجتمع.
وتؤدي اللغة سلسلة متداخلة ومتكاملة من الوظائف الاجتماعية المهمة، وتشبع بذلك حاجات الفرد والمجتمع على السواء. ومن الطبيعي أن تُعنى دراسةُ اللغات بمحاولة الكشف عن المؤثرات العامة لتطوّر اللغة ونموّها في المجتمعات الإنسانية.
ونظرًا لأهمية اللغة، فقد اهتمّ علماء اللغة والاجتماع والفلسفة منذ وقت مبكّر بدراسة الوظائف الاجتماعية التي تؤديها، وتقديم النماذج المختلفة لكيفية أداء هذه الوظائف. ولا تزال الأبحاث مستمرة في هذا المجال مواكبةً للتطورات العملاقة التي يشهدها العالم في مختلف ميادين المعرفة، ومنها ميدان اللغات.
وتكمن أهمية التحدث في كونه وسيلة اتصال بين الفرد والجماعة، فبواسطته يستطيع إفهام الآخرين ما يريد، كما يتمكّن من فهم ما يُراد منه. وهذا الاتصال لن يكون ذا فائدة إلا إذا كان صحيحًا ودقيقًا، إذ يتوقف على حسن التعبير وصحته، ووضوح الاستقبال اللغوي، والاستجابة البعيدة عن الغموض أو التشويش.
والتعبير الصحيح أمر ضروري في مختلف المراحل الدراسية، وعلى إتقانه يتوقف تقدّم التلميذ في كسب المعلومات الدراسية المتنوعة.
وعملية التحدث – أي تعبير المتعلّم عن ذاته ورغباته وتواصله مع الآخرين – تُعدّ الغاية الرئيسة من درس اللغة بصفة عامة، فالتعبير هو الغاية، وجميع الفروع اللغوية الأخرى وسائل تخدم هذه الغاية.
فالقراءة تزوّد القارئ بالمادة اللغوية، وألوان المعرفة والثقافة، وكلّ ذلك أداة للتعبير. كما أن المحفوظات والنصوص منبعٌ للثروة الأدبية التي تساعد المتكلم على إجادة الأداء وجمال التعبير، أمّا القواعد فهي وسيلة لصون اللسان والقلم عن الخطأ في التعبير.
وتتجلى أهمية التحدث باعتباره مظهرًا من مظاهر التعبير في ما يلي:
أنه أهم الغايات المنشودة من دراسة اللغات، لأنه وسيلة الإفهام، وهو أَحدُ جانبي عملية التفاهم.
أنه وسيلة لاتصال الفرد بغيره، وأداة لتقوية الروابط الفكرية والاجتماعية بين الأفراد.
أن العجز عن التعبير يؤثر تأثيرًا كبيرًا في إخفاق الأطفال، وتكرار الإخفاق يترتب عليه الاضطراب وفقدان الثقة بالنفس، وتأخر النمو الاجتماعي والفكري.
أن عدم الدقة في التعبير يؤدي إلى فوات الفرص وضياع الفائدة.
ويحتلّ الكلام أو الحديث مركزًا مهمًا في المجتمع الحديث، إذ تظهر أهميته في كونه أداة الاتصال السريع بين الأفراد. والنجاح فيه يحقق كثيرًا من الأغراض في شتّى ميادين الحياة ودروبها.
ولا شك أن الكلام أو التحدث من أهم ألوان النشاط اللغوي للكبار والصغار على السواء، فتمكُّن المتعلّم من مهارة التحدث هو المدخل الحقيقي لإتقان التعبير الكتابي. وقد اتفقت آراء المربين على أن تنمية قدرة التلميذ على التعبير والحديث الجيد الصحيح هي من أهم أهداف تعلم اللغة.
وتكمن أهمية التحدث في ما يحققه من فوائد عامة في الحياة، منها:
أ. يستمد التعبير الشفهي أهميته من كونه سابقًا للكتابة في الوجود، فنحن نتكلم قبل أن نكتب، ومن ثم يُعد التعبير الشفهي مقدمة للتعبير الكتابي وخادمًا له.
ب. التعبير الشفهي مهم لأننا نتكلم أكثر مما نقرأ أو نكتب، فإذا كان الإنسان يستمع في اليوم ما يعادل كتابًا، فإنه يتكلم في الأسبوع ما يعادل كتابًا، بينما يقرأ في الشهر كتابًا، ويكتب في العام كتابًا.
ج. ولأن كثيرين يميلون إلى استقبال اللغة بالاستماع أكثر من القراءة، فإنهم أيضًا يفضلون إرسالها كلامًا أكثر من كتابتها.
د. التعبير الشفهي يصلح للمتعلم وللأمي، وهو عنصر أساسي للتعلم، إذ من خلاله يكتسب المتعلم المعلومات، وهو وسيلة للإفهام والتفاهم.
هـ. التعبير الشفهي وسيلة الفرد للتعبير عن مشاعره وآرائه وأفكاره، ومن ثم فهو الشكل الرئيس للاتصال.
و. التعبير الشفهي مهم لتعدد مجالات الحياة التي نحتاج فيها إليه: في البيع والشراء، والاجتماعات، والمناسبات، ومناقشة القضايا، وحل المشكلات.
ز. التعبير الشفهي يُحرّك الذهن ويترجم الأفكار والمكونات، ويدرّب على ممارسة اللغة بصياغة الجمل وترتيب العناصر واستخدام الألفاظ والنطق بها.
ح. التعبير الشفهي يتيح لنا الاطلاع على أفكار الآخرين ونتائج أعمالهم وآرائهم واتجاهاتهم في الحياة، فهو يعكس مستوى ثقافة الفرد ومقدار تمكنه اللغوي.
ط. التعبير الشفهي أساس لاتصال الأفراد والمجتمعات، ومع تقدم وسائل الاتصال زادت أهميته وتعددت مجالات استخدامه.
ي. التعبير الشفهي يساعد الفرد على التكيّف مع المجتمع الذي يعيش فيه، وعلى تحقيق الألفة والأمان.
ك. التعبير الشفهي يعود الفرد على المواجهة، ويغرس فيه الجرأة، ويبثّ في داخله الثقة بالنفس، ويعوّده على المواقف القيادية والخطابية.
ل. التعبير الشفهي يتيح فرص التدريب على المناقشة، وإبداء الرأي، وإقناع الآخرين، كما أنه وسيلة للكشف عن عيوب التعبير أو التفكير، مما يتيح الفرصة لمعالجتها.
وقد ازدادت أهمية التحدث في المجتمعات المعاصرة لأسباب اجتماعية وتكنولوجية وتربوية، تتمثل في الآتي:
أن النجاح في شتّى أغراض الحياة وميادينها يتطلب القدرة على المشافهة، فهناك العديد من المهن يعتمد نجاحها على إجادة الكلمة، كالمحامي، والنائب، والسياسي، والمذيع، والمعلم، والخطيب، وحتى الباعة الجائلين.
التحدث هو ترجمة اللسان لما تعلمه الإنسان عن طريق الاستماع والقراءة والكتابة، وهو أداة من أدوات الاتصال السريع دون حاجة إلى أدوات أو إعداد مسبق.
تدريب الطلاب على مواقف القيادة والخطابة من خلال الارتجال والإلقاء الجيد وتمثيل الأداء وفق المعنى المراد.
الثورة التكنولوجية الهائلة أثّرت كثيرًا في الجانب الشفهي للغة، إذ قلّ الاعتماد على الوسائل المكتوبة، وأصبح الأفراد يتواصلون من خلال الوسائل الصوتية.
ابتكار الأجهزة الحديثة (كالهواتف، والتلفاز، والفيديو) زاد من استخدام اللغة الشفهية أكثر من الكتابية.
التحدث عملية أساسية في التعليم، فالحوار والمناقشة والمحادثة بين المعلم وطلابه مهارات جوهرية في التفاعل داخل الصف، سواء كان تفاعلاً هابطًا أو صاعدًا أو أفقيًا بين الطلاب أنفسهم.
التحدث وسيلة للإفهام وأداة لتحقيق التواصل الجيد مع الآخرين.
التحدث وسيلة مهمة لإكساب الطلاب الثقة بأنفسهم والتعبير عنها دون خوف أو تلعثم.
التحدث كاشف لملكات التفكير الجيد لدى الطلاب، فالمتحدث الجيد هو صاحب تفكير منظم وقدرة على الإقناع والتأثير.
كما تتجلى أهمية التحدث في أن اللغة في أساسها هي الكلام، أما الكتابة فهي محاولة لتمثيل الكلام، والدليل على ذلك ما يلي:
أ. عرف الإنسان الكلام قبل أن يعرف الكتابة بزمن طويل، إذ ظهرت الكتابة في فترة متأخرة من تاريخ الإنسان.
ب. يتعلم الطفل الكلام قبل أن يبدأ في تعلم الكتابة، التي يبدأ دراستها عند دخول المدرسة.
ج. جميع الناس الأسوياء يتحدثون لغاتهم الأم بطلاقة، في حين أن كثيرًا منهم لا يعرفون الكتابة.
د. هناك بعض اللغات ما زالت منطوقة وغير مكتوبة.








اضافةتعليق
التعليقات