• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

جريمة التبسيط العلمي: التبسيط الخطر!

ليلى قيس / الأثنين 07 تشرين الثاني 2022 / منوعات / 1897
شارك الموضوع :

ثمة مذاهب عابرة تطرح نفسها على أنها حقائق مطلقة وتزعم بهذا الاعتبار أنها توجه حياة البشر

يوما بعد يوم يزداد المعقد تعقيداً، لا سيما مع تطور المعارف وتداخلها، ففي مجال القانون مثلاً، هناك الآن ما يعرف بالعقود المركبة complex contracts  تلك العقود التي ظاهرها عقد واحد ولكن فحواها يتضمن أكثر من عقد، كعقد البيع بالإيجار (الإيجار التمويلي) وعقد الفندقة والعقد السياحي وعداها، ومع مثل هذا التعقيد، فإننا نصبح بصدد إشكالية تحملنا على التساؤل عما إذا كان ينبغي الوقوف عند الرأي القائل بأن هذا النوع من العقود ينظر فيه إلى العنصر الغالب (العقد الأقوى) ومن ثم تطبيق أحكام هذا الأخير فقط، أن نطبق أحكام كل عقد على حدة، أم أنه لا بد من وضع نظام قانوني مستقل لهذا النمط من العقود؟ كما أن الكتابات الأكاديمية تبالغ أحياناً في التعقيد، حتى كاد الأسلوب الجاف والمستغلق يتحول إلى ما يشبه الموضة في الأوساط الفلسفية، إلى درجة صارت معها الكتابة الواضحة عرضة للاشتباه بالسطحية وغياب أصالة الفكر.

ولا شك أن التبسيط في حالات مثل هذه مطلوب ويعمل بمثابة «خيط أريان» المنقذ للمشتغل بهذه الأنشطة، وهناك مساع جادة كثيرة ومستحقة للتبسيط المنطقي، ومن مثل ذلك ما يقوم به فريق نيكولا بورباكي Nicolas Bourbaki  وهو اسم مستعار لمجموعة من الرياضياتيين، الفرنسيين في أغلبهم، التي تقوم منذ عام 1934 بتحرير كتاب في الرياضيات بعنوان Éléments  وتلقي حوله محاضرات باستمرار في باريس، وذلك بهدف تبسيط المسائل الرياضية المعقدة بطريقة لا يعود معها القارئ محتاجاً إلى مصادر إضافية لفهم المادة، حتى صارت أنشطة فريق بورباكي  Bourbaki تفهم من غير المتخصصين، ومع ذلك، فالتبسيط إن تجاوز حدوده – مثلما يدفع نحوه نظام التفاهة – صار خطراً، لأنه يؤدي إلى خفض لدرجة الجودة. ففي كتابه «فلسفة العمل» كتب هنري أرفون: أنشاهـد ازدهاراً موصولاً لأساطير جوفاء، ولأهواء جمعية غير معقولة، ولتزييفات عقائدية دامية.

ثمة مذاهب عابرة تطرح نفسها على أنها حقائق مطلقة وتزعم بهذا الاعتبار أنها توجه حياة البشر، وهي وليدة فكر التجمع، وتحمل علاماته: التبسيط، الذي هو عدو كل إرهاف وكل احتياط»، والحقيقة هي أن كل ما حولنا يشي بتسطيح الهام وتسخيف المعتبر، من خلال الاستخدام المبالغ فيه للغة وخطاب الساذجين، بدعوى التبسيط والحقيقة هي أن هذا التبسيط، إن بولغ فيه، يمكن أن يصل إلى درجة لا يرتجى منها التطور العقلي المجتمعي الصحي، بل يصير مهدداً له (أثر عن أينشتاين قوله: «كل شيْ ينبغي أن يكون في أبسط أشكاله، لكن يجب أن لا يكون أبسط مما هو عليه)).

البيداغوجي، كما يتعلق الأمر بخرافة التبسيط العلمي في مجال التخصص. ففي المجال قد لا تكون هناك جريمة أكثر فداحة من جريمة التبسيط العلمي الساذج، الذي ينزل بالمعرفة إلى مستوى قدرات غير العارف، عوضاً عن أن يرفع قدرات الأخير بما يليق بمستوى المعرفة التي كان ينبغي نقله إليها (لقد روی لنا برتراند رسل أنه عندما طلب ملك مصر الى إقليدس أن يعلمه الهندسة في دروس قليلة سهلة، كان الرد الشهير الذي أجاب به هو أنه «لا يوجد طريق ملكي إلى الرياضيات»). وللتقريب، ولأغراض النقاش فقط، لنستخدم المصطلح السوسيولوجي الدارج، ولنقل إن التعليم هو مجال طبقي – معرفياً - بطبيعته؛ شريحتاه هما الأرستقراطيون (طبقة عليا/ شهادات عليا)، والبروليتاريا (طبقة دنيا/ شهادات دنيا). وأبرز الفاعلين في الشريحة الأرستقراطية معرفياً هم المعلمون، وهم كثر، إلا أن«الحقيقيين» من المعلمين هم أشخاص ديمقراطيون بطبيعتهم.

أكثر من ذلك، فالمعلم الحقيقي هو ثوري، لا يحتمل الفروق الطبقية (المعرفية)، فيسعى لتحطيمها بكل ما أوتي من قوة. ابتداء، يقف المعلم على ربوة عالية، يشرف منها على معارف كثيرة، تتاح له وحده بسبب امتياز وضعه (العلمي) كأرستقراطي، دون طلبته. ولأنه، كمعلم حقيقي ثوري بالضرورة، فهو عوضاً عن أن يريح نفسه بأن يبقي طلبته – البروليتاريين معرفياً - في مكانهم بالأسفل فيكتفي بأن يصف لهم ما يراه هو من موقعه العالي على تلك الربوة (بدعوى تبسيط المعارف)، فإن دوره الحقيقي هو أن يتجاوز أنانيته المريحة، فينبذ مسوح الأرستقراطي بأن يشمر عن أكمامه، ثم يمد كلتا يديه لطلبته حتى يساعدهم جميعاً على تسلق تلك الربوة العالية، واحداً تلو الآخر، فيروا بأعينهم المنظر البانورامي المعرفي الجميل، الذي كان يراه وحده. إن مواجهة مثل هذا التحدي الثوري الكبير لا تكون إلا من خلال مواجهة العقبات المعرفية بحجمها الطبيعي، لا ذاك المختزل بدعوى التبسيط.

وعندما يساعد المعلم الحقيقي جميع طلبته على ارتقاء تلك الربوة المعرفية فإنه سيتعامل مع حمل ثقيل؛ سيؤلمه ساعداه، وستنغرز قدماه بالوحل، كما سينتهي به الأمر بأن يقف طلبته إلى جانبه تماماً، على ذات الأرض العالية التي كان ينفرد بميزة الوقوف عليها وحده دوناً عنهم.

وبذلك، فإنه سوف يحيل طلبته من بروليتاريا خاضعة إلى أرستقراطية متطلّبة، تتكون في مجموعها من نظراء له يناقشونه، يتعبونه، بل وقد يتفوقون عليهم عرفياً، ومع ذلك، فإن المعلم الحقيقي يدرك أنه الفائز دائماً، مهما تجاوزه طلبته بالمنظور المثالي المعلن، وعلى المدى القصير؛ لقد انتصرت ثورته وحققت أهدافها، أما بالمنظور النرجسي السري؛ وعلى المدى الطويل؛ فهو يدرك تماماً أن النتاج الحقيقي لجهده هو تحويل طلبتهم ن«أنداد» إلى «امتداد». سيعيش إلى الأبد، هذا المعلم الثوري.

المصدر: مقتبس بتصرف من كتاب "نظام التفاهة" للمؤلف "الان دونو"
العلم
الفكر
المجتمع
التفكير
الشخصية
ابحاث
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    لو وجدت له حَملة...

    في اليوم العالمي للتبرع بالدم: امنحوا الأمل.. معًا ننقذ الأرواح

    نقص المغنيسيوم في الجسم..ما هي أعراض تلك الحالة وعلاجها؟

    الغدير.. وعد السماء للمؤمنين

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    آخر القراءات

    اليأس لغة الفاشلين

    النشر : السبت 17 شباط 2018
    اخر قراءة : منذ 5 ثواني

    سر إدمان التسوق

    النشر : الأربعاء 30 آب 2017
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    هل نحن نناقش حقا؟

    النشر : الأربعاء 30 آذار 2022
    اخر قراءة : منذ 14 ثانية

    العالم يبحث عن خلاص

    النشر : السبت 24 شباط 2018
    اخر قراءة : منذ 20 ثانية

    الفكر الإنساني سجين آليات تكرارية

    النشر : الأحد 06 تشرين الاول 2024
    اخر قراءة : منذ 22 ثانية

    بمنظور قرآني.. كيف نتعامل مع الأذى؟

    النشر : الخميس 14 كانون الأول 2023
    اخر قراءة : منذ 23 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1013 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 902 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 838 مشاهدات

    الإنسانية أولاً.. والاختلاف لا ينقضها

    • 394 مشاهدات

    خوف من المستقبل: لماذا يطاردنا.. وكيف نواجهه؟

    • 371 مشاهدات

    ماذا لو أحببتَ علياً؟

    • 344 مشاهدات

    قارئة تُشعل شمعة الأمل في ظلام الجهل .. حوار مع القارئة مريم العيساوي

    • 3877 مشاهدات

    هاجر حسين كقارئة: طموحات مستقبلية ورسالة ملهمة

    • 3414 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1013 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 981 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 902 مشاهدات

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    • 862 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر
    • منذ 9 ساعة
    لو وجدت له حَملة...
    • منذ 9 ساعة
    في اليوم العالمي للتبرع بالدم: امنحوا الأمل.. معًا ننقذ الأرواح
    • منذ 9 ساعة
    نقص المغنيسيوم في الجسم..ما هي أعراض تلك الحالة وعلاجها؟
    • منذ 10 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة