جاءت لرجلٍ عجوز يبيع البيض، فسألته بكم تبيع البيض؟، فأجابها البائع العجوز: دينار للبيضة الواحدة ياسيدتي. فقالت له: آخذ ١٥ بيضة بعشرة دنانير أو أرحل؟، فأجابها البائع العجوز: تعالي خذيهم كما أردت عسى الله أن يفرج عنا.. وتكون استفتاحية خير، لأني لم أستفتح لحد الآن. فأخذتها ورحلت وهي تشعر بنشوة النصر..
في المساء ركبت سيارتها الفاخرة وانطلقت لاصطحاب صديقتها إلى أحد المطاعم، جلست هي وصديقتها وطلبت مالذ وطاب، ومن ثم تناولت القليل وتركت الكثير وفق ماتقتضيه قواعد (البرستيج)..
وبعدها ذهبت لدفع الحساب، وكانت الفاتورة بقيمة١.٥٠٠ دينار، فأعطته ٢.٠٠٠دينار وقالت لصاحب المطعم: الباقي لكم!.
قد تبدو القصة عادية لصاحب المطعم ولكنها مؤلمة لبائع البيض!، دائماً نستقوي على المساكين والفقراء في تعاملنا معهم ونكون كرماء مع من لا يحتاجون كرمنا!.
لذلك سئل نبي الله يوسف عليه السلام: مالك تجوع وأنت على خزائن الأرض؟، فقال: أخشى إن شبعت نسيت الجائع!، الفقر ليس عيباً، كم من فقير يعيش بساطته، سعادة لو عرفها الثراء لتقاتلوا عليها!، فالعيب فقر الأخلاق وضياع القيم.
ونحن نعيش ولا نسأل عن الفقراء أينهم؟، هل أكلوا لقمة عيش تقويهم أم لا؟
نأكل ونعمل لأنفسنا ونعيش الثراء ولا نعطي منها لشخصٍ فقير أو محتاج أو مسكين. أين نحن عنهم؟ ليسأل كل واحد نفسه؟ هل أعطى فقيرا في حياته وساعده باحتياجاته؟
هل علمنا بحاله كيف يعيش جائع أم شبعان؟، وكما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعان وجاره جائع إلى جنبه (١).
هكذا يوصينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
فإذا كنا مؤمنين ونعرف بأن هناك جائع وفقير فعلينا الذهاب اليه واعطائه مالدينا ولنقسم أرزاقنا فيما بيننا ليزيدنا الله في رزقه ويبسطه لنا..
فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) - لأصحابه -: ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعانا وجاره جائع، فقلنا: هلكنا يا رسول الله، فقال: من فضل طعامكم ومن فضل تمركم وورقكم وخلقكم وخرقكم، تطفئون بها غضب الرب (٢).
فلذا علينا أن لا نستقوي على الفقراء منا ولا نجعل أنفسنا كبارا عليهم، كأنما لا يوجد أحد بقدرنا ومكانتنا، ربما يكون فقيرا لكنه غني وسعيد برضا ربه عنه، فلهذا لا نعطي كشفقة بهم، بل نعطي ونرسم البسمة على وجوههم لنجعلهم يدعون لنا في الغيب وفي العلن، فلنقسم السعادة بيننا.
وكما قال الامام علي عليه السلام: لو كان الفقر رجلا لقتلته.
فاعلم أن الزمان لا يثبت على حال كما قال عز وجل: (وتلك الأيام نداولها بين الناس)، فتارة فقر وتارة غنى، وتارة عز وتارة ذل، وتارة يفرح الموالي وتارة يشمت الأعادي والعاقل من لازم أصلاً على كل حال، وهو تقوى الله، والمنكر من عزته وإن حصل على لذة مع عدم التقوى فإنها ستزول وتخليه خاسراً.
فبهذا يصبح العبد عند ربه أغنى من كل أغنياء العالم لذا سوف تجد كثيرين ممن يعانون الفقر ولكنهم يشعرون بالسعادة التي لم تشعر بها أنت في حياتك، مما يجعلك تنظر إليهم نظرة تمني تريد بها أن تحصل على نصف السعادة التي يمتلكها هؤلاء الأشخاص وتفتقرها أنت في حياتك بالرغم مما تمتلكه من مال.
اضافةتعليق
التعليقات