لا شكَّ أنّ الكثير من الناس يخافون من التوتر في اللحظات الحاسمة والمهمة، ولكن ما لا يعرفه هؤلاء هو أنّ التوتر يمكن أن يكون لهم سلاحاً سرياً يساعدهم على التألق.
خير شاهدٍ على ذلك هي الدكتورة ويندي بيري مينديز، أستاذة العواطف بجامعة كاليفورنيا الأمريكية، إذ كانت ويندي راقصة باليه في وقتٍ سابقٍ من حياتها، وكانت تعشق تأدية عروض الباليه.
كانت قبل كل مسابقة تخوضها تشعر بالتوتر، ولكن بمجرد صعودها إلى خشبة المسرح؛ يبدأ جسمها في إرسال دفعةٍ تحفيزية إلى عضلاتها وعقلها، لتحصل على التوتر المفيد الذي يساعدها على الرقص بشكلٍ أفضل.
التوتر المفيد مقابل التوتر المضر
لا شك أنك سمعت بالكيفية التي يؤدي بها التوتر للإصابة بأمراض القلب، وآلام العضلات، وغيرها من الأمراض المتنوعة، لكن التوتر المفيد يمكنه تقديم ما هو أفضل من ذلك.
ووفقاً لما ذكره موقع WebMD الأمريكي يُمكن تعريف التوتر بأنه عمليةٌ شديدة البساطة تحدث متى شعرت بتغيرٍ في الطلب.
وبحسب الدكتور جيريمي جيميسون، الباحث الرئيسي في مختبر الإجهاد الاجتماعي بجامعة روتشستر، يقول: "لا يقول أحدٌ إنه متوتر حين يشعر بالحماس"، رغم أن فورة النشاط هذه هي شكلٌ من أشكال التوتر أيضاً.
ويُفترض بكل تلك الهرمونات التي يفرزها جسمك أن تمنحك دفعة طاقة وتجعلك أكثر يقظة.
وأضاف جيميسون: "لو كان الرياضيون يتعاطون هذه الهرمونات، لكانت حُظِرَت قبل وقتٍ بعيد، إذ تطورت هذه الاستجابات لمساعدتنا على البقاء، وإلا ما كنا لنتمتع بها من الأساس".
فيما أوضحت ويندي أن الكورتيزول قد حظي بسمعةٍ سيئة لاعتباره "هرمون الإجهاد أو التوتر"، رغم أن عدم وجود كميات كافية من الكورتيزول في أجسامنا عند الحاجة سيصيبنا بالأمراض.
وتقع المشكلات بشكلٍ عام في حال حدوث رد فعل التوتر بلا سبب، أو بدايته في وقت مبكر للغاية، أو استمراره لوقتٍ أطول من المفترض، أو عدم حدوثه من الأساس.
إذ يمكن في هذه الحالات أن يعطل الإجهاد نومك، وهضمك، ووظائف جسمك الأخرى، ويؤدي إلى تضييق شرايينك بدلاً من توسيعها، بحسب ويندي. وقد يؤدي ذلك بمرور الوقت إلى مختلف أنواع المشكلات الصحية.
ولا شك أن بعض الأشياء قد تكون خارجةً عن إرادتنا وتُصيبنا بالضائقة المزمنة. لكن رد فعلنا يمكنه أن يصنع الفارق مع العديد من أسباب الإجهاد الأخرى. وهو الأمر الذي يعتمد على طريقة تفكيرنا في الموقف ونهجنا في التعامل معه.
لندرس على سبيل المثال حالة اقتراب يوم الامتحان، من الطبيعي في هذه الحالة أن تشعر بجسمك وهو يتهيأ لهذا الحدث بارتفاعٍ في معدل ضربات القلب وتعرّقٍ في راحة اليد.
ويؤدي ظهور علامات الإجهاد هذه إلى إثارة ضائقة بلا داعٍ لدى العديد من الناس؛ مما يزيد صعوبة التركيز والإجابة عن الأسئلة.
ولكنك إذا شرحت للمقبلين على الامتحانات قبلها أن هذه العلامات مجرد علامات فسيولوجية عادية ستمنحهم دفعةً لتعزيز الأداء، فسوف يحصلون على درجاتٍ أعلى في الامتحان.
طرق تساعدك على تحويل التوتر السيئ إلى توتر جيد
فيما يلي عدة طرق يمكنك من خلالها إدارة ضغطك وتوترك، وأن تجعله يعمل من أجلك، وفقاً لما ذكرته مجلة Country Living الأمريكية.
1- بناء "جدار التوتر"
خلال فترات التوتر، قد تشعر بالقصف من الأفكار المجهدة التي تثير القلق، عندما تأتي فكرة حاول استخدام الخيال النشط لمكافحتها.
تخيل القلق يرتد من جدار كبير لا يمكن اختراقه في عقلك ويبتعد عن انتباهك الفوري.
حافظ على هذا الجدار حتى تكون مستعداً للتعامل مع المشكلة، وتخيل استمرار كل الأفكار المجهدة في الارتداد عنها. عندما تتوقف عن السماح للأفكار المجهدة بالتغلغل في عقلك، ستكون قادراً على إدارة التوتر بشكل أكثر فاعلية.
2- توقف عن العيش في عالم "ماذا لو؟"
كثير من الناس عندما يشعرون بالتوتر، يعيشون في عالم "ماذا لو؟".
ماذا لو حدث هذا، ماذا لو لم أستطع فعل ذلك، ماذا لو خدعت نفسي؟… إلخ
معظم هذه الأفكار المقلقة لا تحدث أبداً، لكنها تعترض طريقك فقط، حاول أن تتوقف عن العيش في عالم "ماذا لو؟"، وابدأ بالعيش في أرض الواقع.
إذن ماذا لو لم يتم إجراء شيء ما بشكل صحيح؟ لقد تعلمت شيئاً جديداً للتو، وهناك دائماً قيمة في ذلك، لا تخف من المجازفة.
3- التركيز على الأشخاص الإيجابيين
حيثما يسمح نمط حياتك بذلك، حاول قضاء المزيد من الوقت مع الأشخاص الذين سيكون لهم تأثير إيجابي على صحتك.
هذا لا يعني بالضرورة الأشخاص الذين لا يتعرضون للتوتر مثلك، في الواقع شخص يمر بنفس المشاعر التي يمكنك أن تتصرف بها كصديق ويمكنك مساعدة بعضكما البعض ليكونا أكثر إنتاجية في إدارة التوتر.
4- تعلم التخلي
إذا كان لديك عبء عمل ثقيل أو مخاوف بشأن المال/ العلاقة، فهذا يجعلك تشعر بأنك خارج عن السيطرة.
الشعور بالخروج عن السيطرة يسبب التوتر، وكلما كافحنا للسيطرة على الموقف، زاد الضغط علينا.
تقبل أنه ليس من الممكن التحكم في كل موقف في الحياة، قم بفك قبضتيك وأنزل كتفيك وتوقف عن عبس وجهك، خذ نفساً واتركه يمر.. للتخفيف الفوري من التوتر.
5- تحديد موعد نهائي
ينص قانون مرض باركنسون على أن "العمل يتسع بحيث يملأ الوقت المتاح لاستكماله".
بمعنى آخر، إذا حددت موعداً نهائياً، فمن الأرجح أن تنجز مهمة ما في غضون ذلك النطاق الزمني.
فمن خلال عدم وجود موعد نهائي، فإنك تخاطر بعيش حياة مليئة بأعمال غير منتهية.
هذا لن يؤدي إلا إلى شيء واحد: التوتر. حدد موعداً نهائياً لكل مهمة تطرأ في حياتك وشاهد مقدار ما تنجزه.
6- ركز على ما تريد
مهما كان ما تركز عليه، وتضع المزيد من الطاقة فيه، فسوف تحصل على المزيد منه في حياتك.
ركز على الشعور بالتوتر، حاول التركيز على ما تريد، وستنجذب بشكل طبيعي في هذا الاتجاه، اكتب أهدافك واجعلها محور تركيزك.
7- كن ممتناً دائماً
يولد عدم الامتنان الأفكار والمشاعر المجهدة، تدرب على أن تكون ممتناً لما لديك، بدلاً من القلق بشأن ما ليس لديك.
فكر في خمسة أشياء يمكنك أن تكون ممتناً لها الآن، خذ خمسة كل يوم وتدرب على أن تكون أكثر امتناناً.
يجب أيضاً أن تشعر أحياناً بالامتنان لمشاعرك بالتوتر، فبدونها لن يكون الشعور بالاسترخاء مُرضياً.
8 - اعلم أنه يمكنك التعامل مع أي شيء
الشعور بالتوتر هو عقلية، مما يعني أن لديك خياراً، عندما تمتلك وتعزز المعرفة بأنه يمكنك التعامل مع أي شيء يأتي في طريقك، فستشعر بمزيد من الثقة للتعامل مع أي موقف ومتابعة ما تريد. حسب عربي بوست
7 مضاعفات خطيرة للتوتر العصبي الدائم
في سياق متصل نعلم أن، "التوتر الدائم ينهك الجسم"، نصيحة نسمعها بشكل متكرر حين نمر بمواقف صعبة أو نغضب لعدم تحقق شيء ما أو تحت وطأة العمل لساعات طويلة.
لكن ما مدى صحة ذلك؟ وكيف يؤثر التوتر الدائم على الجسم؟ وما هي الأعضاء التي تتأثر به قبل غيرها؟ الجواب هنا:
1- الدماغ
يمكن أن يكون للتوتر العصبي الدائم تأثير كبير على عمل الدماغ، فتحت وطأة التوتر الدائم يغمر الجسم بهرمونات التوتر التي تؤثر مباشرة على عضو التفكير.
ويعتقد الباحثون أن هذه الوسائط الكيميائية تعمل على إصابة الخلايا بالضمور، فمن جانب يؤثر هذا على ما يسمى "قرن آمون" أو "الحُصيْن" الذي يلعب دورا مهما في دمج المعلومات في الذاكرة قصيرة المدى مع الذاكرة طويلة الأمد.
ومن جانب آخر، تؤثر هذه الهرمونات على مناطق أخرى في الفص الجبهي المسؤولة عن التقييم المنطقي للمواقف التي يمر بها الإنسان كما يوضح اختصاصيون لموقع "جيو" الألماني.
وربما يكمن هنا سبب أن الذين يعانون من التوتر الدائم يجدون صعوبة متزايدة في تقييم المواقف بشكل منطقي أو خزن المواقف الإيجابية في الذاكرة.
وعوضا عن ذلك يتولى مركز القلق أو الجسم اللوزي السيطرة على المشاعر والتفكير بشكل متزايد، وبالتالي تتجذر التقييمات السلبية في وعي هؤلاء الأشخاص وهو ما يزيد بالتالي توترهم.
كما أن الدماغ يصبح عاجزا عن السيطرة على مستوى هرمونات التوتر بحيث يزداد إفرازها في الدم، وهكذا يسقط المصابون في حلقة مفرغة يمكن أن تنتهي إلى الإصابة بالاكتئاب الحاد.
2- الجهاز العضلي
يوضح الموقع الألماني أنه في حالات التوتر والخوف تتوتر العضلات هي الأخرى، وعلى المدى الطويل يمكن أن تصاب بالتشنجات، مما يتسبب في آلام كبيرة في الرقبة والظهر على سبيل المثال، وفي بعض الأحيان يظهر توتر الجهاز العضلي على شكل صداع مؤلم.
3- القلب
القلب مضخة الدم دائمة العمل في جسم الإنسان، وتزود الأوعية التاجية عضلاته بما يكفي من الأكسجين، لكن التوتر الدائم يزيد مخاطر الإصابة بنوبة قلبية، ويعود سبب ذلك إلى سلسلة معقدة من الآليات البيوكيميائية، فنتيجة للتوتر النفسي فإن الغدة الكظرية تطلق المزيد من النورادرينالين، وهو وسيط كيميائي يؤدي إلى زيادة تكوين بعض خلايا الدم البيضاء في نخاع العظم.
وبحسب المختصين، يمكن أن تعمل هذه بدورها على نقل الترسبات الدهنية من جدران الأوعية الدموية إلى مجرى الدم وتتراكم الخلايا المناعية مسببة تصلب الشرايين.
وإذا ما انفجرت ووصلت هذه الترسبات إلى مجرى الدم فإنها يمكن أن تؤدي إلى سد الشريان بالكامل، وإذا حدث هذا في الشريان التاجي فإن التأثيرات تكون قاتلة في أغلب الأحيان، فجزء من عضلة القلب سيحرم من الأكسجين الضروري لعمله ويموت، ما يؤدي إلى النوبة القلبية.
4- الأذن
بسبب تأثير التوتر المستمر على أجزاء من جهازنا المناعي يمكن أن تصل مسببات الأمراض بسهولة أكبر إلى الأذن الوسطى، ونتيجة ذلك هو الإصابة بالصمم أو الطنين الدائم.
5- نسبة السكر في الدم
يقلل هرمون الكورتيزول تأثير الإنسولين الذي ينظم مستويات السكر في الدم، ويعوض البنكرياس هذا التأثير عن طريق زيادة إفراز الإنسولين حتى يتم استنفاده، وهذا يزيد خطر الإصابة بالسكري.
6- العين
التوتر الدائم يمكن أن يزيد ضغط العين الداخلي، ونتيجة لذلك فإن العصب البصري يصاب بالضرر لعدم حصوله أيضا على قدر كاف من الدم، ومن خلال الإصابة بهذا المرض المعروف بـ"الماء الأزرق" يتقلص مجال الرؤية تدريجيا وصولا إلى العمى الكامل كما يقول مختصون لموقع "جيو" الألماني.
7- الأمعاء
في حالات الإجهاد الحاد يصاب الإنسان أيضا بتشنجات في المعدة، وإذا استمر الضغط لفترة طويلة يصبح الغشاء المخاطي المعوي أكثر نفاذية، ما يؤدي إلى غزو المسببات المرضية والنتيجة الإصابة بالالتهابات. حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات