إن الأحلام التي يهرع الفرد لتحقيقها بكل وجوده ويخطط لها فإنه لا بُد من وصوله إليها يومًا ما، هذا ما فعله بعض شباب العراق في صناعة طائرات أحلامهم الخاصة فمن محافظة واسط سعى حيدر صادق الطائي الذي ينحدر من حي فقير وسط مدينة الكوت جنوب العاصمة بغداد، حيث نجح قبل نحو عام في تصنيع طائرة مسيَّرة، معتمداً على بعض التقنيّات التي طورها بنفسه.
ونجح الشاب في تصنيع نوعين من الطائرات، أولهما يعمل بواسطة بطاريات خاصة مشحونة بالكهرباء، ويعمل النوع الآخر بواسطة محرك الاحتراق الداخلي وباستخدام وقود "النايترو" الذي يُباع في الأسواق، ويمكن تصنيعه محلياً.
لم يمضِ الأمر كما كان يخطط له الطائي ذو الــ 27 عاماً، فبعد أن تحقق حلمه ورأى طائرته تجوب السماء منعته شرطة المدينة من مزاولة الطيران بحجة عدم حصوله على موافقات رسمية، لكنها عادت ومنحته موافقتها، بعد طلب تقدمت به الجمعية العراقية لهواة العلوم والموهوبين.
وفي لقاء له في موقع الجزيرة قال: "في طفولتي كانت تستهويني لعبة الطائرات، وكنت أحرص على تفكيك ما أحصل عليه من هدايا للتعرف على أجزائها والآلية التي تعمل بها" هكذا ببساطة كانت بداية الشاب المخترع الذي يقول إنه نجح بصناعة الدوائر الالكترونية والروبوتات وكاميرات المراقبة يوم كان طالباً في المرحلة المتوسطة، وولعي بالألعاب الالكترونية التي غزت الأسواق في السنوات الأخيرة، ساعد في تحقيق طموحي، ورافق تلك الرغبة دراستي في مدارس التعليم المهني ضمن تخصص الإلكترونيات، كل ذلك شجعني على المضي بتطوير موهبتي"
ويضيف "المواد التي أستخدمها تختلف تبعاً لنموذج التصنيع، فبدن الطائرة الخارجي يصنع من الخشب والفايبر غلاس، وتصنع أجنحتها من مادة الفلين ومواد أخرى شديدة المتانة وعالية المرونة، ويتم ربطهما بطريقة علمية تمنع من تحطم الأجنحة أو سقوطها".
وحول طبيعة المحركات المستخدمة في صناعة الطائرات يقول "محركات الطائرة تختلف من حيث الأنواع والأشكال، فمنها ما يعمل كهربائيا بواسطة قطبين سالب وموجب وسلك نحاسي، ويدور أثناء مرور التيار الكهربائي، ويعمل نوع آخر عبر القادح وبواسطة الوقود" مشيراً إلى أنه" كلما قل عدد دورات المحرك زاد عزم الدوران، وكلما قل وزن الطائرة قل سعر تكلفتها".
ووفقاً للشاب المخترع فإن محرك الطائرة وبعض الأجهزة الإلكترونية الأخرى وخشب "البلسا" الذي يدخل في صناعة أضلاع الجناح، وجهاز "السمليتر" المستخدم في تعليم قيادة الطائرات المسيّرة عن بعد، جميعها يتم استيرادها من خارج العراق.
"تختلف أطوال ووزن الطائرات المسيّرة ومدة تحليقها في الأجواء من نموذج إلى آخر" كما يقول الطائي. ويؤكد قدرة إحدى طائراته التي تعمل بواسطة البنزين المحسن على التحليق في مختلف الظروف لمدة 80 دقيقة متواصلة، وبسرعة (40 كلم) في الساعة.
ويضيف قائلاً "تجري السيطرة على عمل الطائرة وحركتها وارتفاعها وانخفاضها من خلال جهاز تحكم خاص، ويمكن الاستفادة منها في الأغراض البحثية والعلمية وعمليات المراقبة الجوية بعد تزويدها بكاميرات خاصة ومراقبة خطوط النفط".
ويمضي المخترع الشاب بالقول "لديَّ القدرة على تصنيع طائرات بساعات طيران أطول، وقد نجحت مؤخراً بتسيير طائرة شراعية، وأثار العرض الجوي لطائرتي شغف المتابعين وإعجابهم".
ويستخدم حيدر في صنع هياكل الطائرات خليطاً من قطع معدنية من الحديد والألمنيوم، جمعها من مناطق صناعية في البصرة ومحافظات أخرى، لكن لا يزال يواجه مشكلة عدم الحصول على المواد الأولية الداخلة في صناعة الطائرة، مما يدفعه للاعتماد على مواد بديلة من السوق المحلية كما يقول.
ومن صلاح الدين الشاب العراقي "غيث الحديس" صاحب 17 عاما يتمكن من صناعة طائرة عسكرية دون طيار وتدار بجهاز تحكم، وهو اختراع نادر وفريد في العراق.
وروى الحديس لوكالة شفق نيوز خطوات الوصول إلى "الاختراع المبهر" إذ بدأ بتصنيع الآلات والاختراعات وتجميع المواد الأولية مستثمراً موهبته العلمية وولعه في الابتكار"، وقال إنه "استنبط فكرة الطائرة التي صنعها من مقاطع اليوتيوب وقام بتجميع المواد الاولية والبدء بصناعتها بخطوات تجريبية وكبيرة فاقت عمره ما جعله يحول الحلم الى حقيقة اذهلت الجميع".
ويشرح الحديس اختراع العلمي النادر، أن "الطائرة التي صنعها يمكن التحكم بها عن بعد وتسير بارتفاع 300 متر كحد أقصى في الإرتفاع، وتعمل بنظامين: النظام الكهربائي ونظام الطاقة الشمسية لكي توفر طاقة الشحن ليلاً"، لافتا إلى أنها "مزوّدة بـ 6 محركات محورية ومروحة هواء، أي يتم الضغط على المروحة لتسهيل عملية الإقلاع، وعند الإقلاع يبدأ جهد المحركات الأخرى كل واحدة منها حسب وظيفتها، والمحركات موزّعة بالتساوي على اليمين واليسار".
ومن السليمانية اشتهر (آري كامل) أنه تمكن حتى الآن من صنع العشرات من الطائرات المسيرة. وقد نقل خطواته من صنع طائرة مسيرة إلى صنع طائرة صغيرة حاملة للركاب وأكثر من ذلك يسعى إلى الوصول إلى ارتفاع قياسي عبر الطيران ببالون.
وصنع كامل منذ أشهر طائرة صغيرة يمكنها حمل أربعة ركاب، إلا أنها لم تبدأ بالطيران بعد وهي بحاجة لبعض القطع. ومع ذلك من الصعب عليه تجربتها حتى بعد الانتهاء منها، إذ لم تمنحه حكومة إقليم كردستان الإجازة الرسمية للعمل كما لا يسمح قرار بغداد بتحليق طائرة فوق سماء كردستان دون إذن.
ووفقا لموقع نقاش، قال كامل وهو حول الطائرة التي صنعها “الطائرة هي من نوع ‘ستول-سي اتش 750 ومن تصميم الأميركي كريس هانز وقد صنع من الألمنيوم والبلاستيك والخشب والفوم، ولم يبق سوى المحرك الذي سيصلني من خارج البلاد، أما باقي القطع الأخرى فقد صنعت 95 بالمئة منها بنفسي”.
ويمكن لطائرة كامل الارتفاع لعلو كيلومتر والبقاء لخمس ساعات في السماء، وقد أبدى استعداده لإخضاعها لجميع الفحوصات الهندسية والميكانيكية.
وبدأ الشاب البحث عن تصميم وطريقة صنع الطائرات عبر الإنترنت وجربها وصنع عدة طائرات، لكن لم يكن بإمكان أي منها الطيران إلى أن تمكنت طائراته من التحليق أخيرا. وقال لموقع العرب “لقد صنعت حتى الآن 120 طائرة مسيرة كان معظمها من تصميمي”. وما ساعد كامل في عمله أنه موهوب في الرسم والنحت على الرغم من أنه درس حتى الصف الثالث المتوسط فقط.
ويصنع كامل طائراته من الفايبر غلاس وتكلف كل واحدة منها مبلغ (200-500) دولار، أما محركاتها فهي في الحقيقة ليست محركات طائرات بل هي لآلات أخرى يشتريها من خارج العراق.
وعمل كامل لفترة طويلة في البناء وجمع مبلغًا كبيرًا من المال، ولكنه أنفق كل ثروته على تلك الطائرات بمساعدة من والدته وشقيقه.
ويعمل كامل جاهدًا على إنهاء طائرته ذات الركاب الأربعة، إلا أن هناك عقبات كثيرة تنتظره، إذ لم يسمح له حتى الآن باستيراد قطع محرك الطائرة كما أبلغته الأجهزة الأمنية أنها لن تسمح بطيرانها.
وأوضح كامل أن خطته بعد الانتهاء من طائرته تكمن في الوصول ببالون إلى أعلى ارتفاع في السماء يمكن لبالون أن يبلغه والقفز من هناك بالمظلة.
ومثل هذه الصناعات جميل أن تدعمها الحكومة وبالتالي نخرج بصناعات جديدة وابداعات جديرة بالافتخار.
اضافةتعليق
التعليقات