التفكير الإبداعي هو النظر للأمور بطريقة جديدة، ولعلّ أنسب تعريف له هو: «التفكير خارج الصندوق»، وهو القدرة على ملاحظة أنماط وأمور غير واضحة للعيان.
يقول الدكتور أيمن الدهشان خبير التنمية الإدارية: الأشخاص المبدعون يمتلكون القدرة على إيجاد طرق جديدة لإنجاز المهام الموكلة إليهم، وحلّ المشاكل التي تعترضهم والتحديات التي تواجههم؛ فيجلبون بذلك منظوراً جديداً وغير اعتيادي لأعمالهم، الأمر الذي يسهم في تطوّر المؤسسات والأقسام داخل الشركات لتأخذ منحى أكثر إنتاجية، ولهذا تعدّ مهارات التفكير الإبداعي من السمات المميزة التي يبحث عنها أرباب العمل.
أهمية التفكير الإبداعي:
تكمن أهمية التفكير الإبداعي في قدرته على إيجاد حلول للمشكلات بطريقة التفكير الابتكاري، وكذلك إضافة أفكار وأعمال جديدة وفريدة يكون لها مساهمة في رفعة المجتمع وتقدمه، ويمكن حصر أهمية التفكير الإبداعي في عدد من النقاط منها:
التجويد والتحسين:
ويعني ذلك العمل على تحسين جودة الإنتاج في قطاع أو عمل ما وإزالة العقبات والأخطاء، ويتم ذلك من خلال اقتراح أفكار جديدة يمكن من خلالها الوصول إلى التحسن المطلوب، وتحتاج المنظمات والمؤسسات إلى الإبداع من أجل العمل على تطوير الأداء، بحيث تحقق الأجهزة الإدارية أهدافها من خلال معالجة المشكلات ومواكبة عملية الحداثة الدائمة.
حل المشكلات ومواجهة الأزمات:
تكمن أهمية التفكير الإبداعي في عملية التعرف على المشكلة، والعمل على تحديد أبعاد المشكلة بطريقة مفصلة، ثمّ يتم من خلال التفكير الإبداعي وضع بدائل وحلول للمشكلة، فالشخص المبدع هو الذي يفهم المشكلة ثم يفكر في حلها، ويساعد التفكير الإبداعي في العمل على استباق المشكلة وإلغاء أثرها قبل أنّ تبدأ.
الابداع هو أحد أهم خصائص المنظمات المعاصرة:
نتيجة للتطور السريع الذّي يمر في المجتمع وتزايد الاهتمام بالمعرفة بعملية التعليم وعملية الاقتصاد المعرفي في نهاية القرن العشرين ظهر الإبداع كحاجة ملحة في منظمات القرن الحادي والعشرين، التّي اعتمدت على العقل المفكر في كل أعمالها بما في ذلك السلطة، ويعد الإبداع من ضمن الخصائص الهامة للمنظمات التي تعمل على التحول التدريجي نحو العالمية في ظل معايير الكفاءة والمنافسة بين المنظمات.
التخطيط ووضع الاستراتيجيات:
ترتبط عملية التخطيط بالتفكير الإبداعي من خلال عملية البحث عن أفكار فريدة من خلال آليات التخطيط والبدائل التي تؤدي إلى اكتشاف أفكار جديدة تعمل على إيصالنا إلى الهدف بطريقة سهلة وأكثر نفعا.
وسائل تحفيز الطاقة الإبداعية:
١-العصف الذهني –Brainstorming العصف الذهني هو أحد أشهر الطرق التعليمية، وهو يساعد في تطوير الطاقة الإبداعية للطلاب في المدارس والجامعات، ويمكن تنفيذ هذه الطريقة بأفضل صورها في المجموعات الصغيرة ولكن يمكن أن يقوم كل شخص بتطبيقها على نفسه أيضا حيث أن العصف الذهني يعتمد على التفكير في الأمر من جميع الإتجاهات وجميع الاحتمالات.
فالمعلم مثلا يجب أن تكون له قدرة كبيرة على تحفيز الإبداع لدى طلابه ولنفسه أيضا، مثلا إذا كان المعلم واقفا في فصل يحتوي على عشرين طالبا، سوف يقوم بشرح الدرس بطريقة غير تقليدية من خلال اختزال الدرس في سؤال يوحي بمشكلة بحاجة إلى ابتكار حل لها، بعدها سوف يقوم الطلاب بكتابة الإجابة في أوراق وبعدها سوف يتناقشون في الإجابات بهدف التوصل إلى أفضل إجابة مقترحة، ولكن لا يجب على المعلم انتقاد أي فكرة أو حتى السخرية منها.
وتعتبر هذه الطريقة من أفضل الطرق التربوية حيث أنها تدفع الطلاب إلى التفكير بطريقة مختلفة والوصول إلى حلول لا يمكن توقعها.
٢- التفكير الجانبي Lateral Thinking : يعتبر التفكير الجانبي من أقوى الطرق التي تشجع على التفكير الإبداعي، وهي تجعل الشخص لا يفكر في المشكلة المطروحة بمساعدة الخبرات العلمية التي اكتسبها فقط ولكنها تساعد على التفكير بطريقة خيالية تامة بالإضافة إلى أنها تطلق العنان للابداع.
ويعتمد التفكير الجانبي على التفكير في جميع العوامل الجانبية المتعلقة بالمشكلة والمحاولة في الوصول إلى حلول بعيدة عن الحلول التقليدية.
فمثلا عند سؤال شخص على حل لمشكلة ما فإنه سوف يفكر في البيئة المحيطة والجانبية للمشكلة ثم يفكر في بعض الحلول البسيطة ثم حلول متوسطة حتى الوصول إلى حل مبتكر وغير متوقع وهذه الطريقة تعتبر من الطرق التي تجعل الإنسان يفكر خارج الصندوق بالفعل.
٣-معكوس المشكلة Problem Reversal : تعتمد طريقة معكوس المشكلة على اجبار الأشخاص على تغيير نظرتهم للأمور وخصوصا إذا كان هناك مشكلة قريبة من الشخص، فسوف يجد نفسه أمام شئ مختلف تماما وبهذا سوف يفكر بطريقة مختلفة لحل المشكلة، وهذا سوف يساعد على فتح طرق جديدة للعوامل والأسباب والحلول التي من الممكن أن تكون نابعة للمشكلة نفسها أو حتى قد تكون مفيدة في أمور حياتية أخرى.
وقام الفنان السريالي Rene Magritte وهو بلجيكي الجنسية بتنفيذ هذه الفكرة عندما قام برسم لوحة، ثم كتب تحتها هذه العبارة “هذا ليس غليونًا – Ceci n’est pas une pipe”، وبهذا أجبر الناس على أن يمحوا من تفكيرهم أنهم يشاهدون غليون وبهذا سوف يفكرون في فكرة اللوحة.
وقد استعان Rene بهذه الطريقة حتى يجعل المشاهدون يقومون بتركيز تفكيرهم على الهدف الرئيسي للعمل الفني من اللوحة، فالتركيز على أنها لوحة لغليون وهي ليست غليون يجعل المشاهد يدقق في تفاصيل الرسم وألوانه وتدرجها وباقي عناصر اللوحة الفنية، وهذه الطريقة تجعل الإنسان يفكر في التفاصيل المخفية حول الموضوع أو المشكلة وبهذا سوف يتم التفكير في حلول مختلفة وإبداعية طبقا إلى التفاصيل التي تم اكتشافها حديثا.
اضافةتعليق
التعليقات