قبل سنوات كان هناك شبح يُرعبني وقد يُبكيني اسمه (درس الانشاء) في مادة اللغة العربية، لا زلت أذكر ذلك الخوف الذي يملأ كياني ما ان يحين وقته، كل المواضيع التي تختارها مدرسة المادة كانت صعبة، أحاول الكتابة/ استذكار ما أحفظ من حكم أو ما سمعت من نقاشات عن الموضوع المحدد، أكتب بصعوبة.. أكتب وأكتب.. أنظر إلى ماكتبت لأجدها أقل من ثلاثة أسطر ركيكة، بعد معاناة حصر تفكيري في الموضوع المحدد يُشتت وهو يتجه اتجاه درجة اللغة العربية التي ستُحطمها الأسطر الثلاث هذه، كيف ازيدها؟ انظر إلى الطالبات حولي وهن يكتبن بتسلسل، بعضهن أكملن الصفحة وبدأن بصفحة جديدة، حاولت مراراً أن استعد للدرس بحفظ الكثير من الحكم، الجمل الجميلة، ولكن ذلك الخوف الذي يخيم علي بمجرد دخول مدرسة المادة كان كفيل بنسياني كل ما حفظت، برغم محاولتي في تجاوز تلك العقبة كنت مستسلمة لذلك الخوف نوعاً ما ولم تكن محاولاتي جدية.
كنت أطلب من والدتي الكتابة عن موضوع ما فقط لأراقبها وهي تستخدم تلك الكلمات الجديدة في الوصف، أو أراقب حياكتها لمواضيع مختلفة وربطها في موضوع ما، معجبة جداً بقدرة والدتي تلك وأقول في نفسي (ماذا لو ورثت القليل من والدتي) حينها كان اعتقادي أن الكتابة موهبة وراثية لا غير.
كنت أعلم بأن والدتي مهتمة بالقراءة كثيراً ولكن بالوقت ذاته أنا ايضاً كنت اقرأ لذلك لابد أن تكون الكتابة موهبة وليس للقراءة دور فيها.
بعد معاناة لسنوات قررت أن أضع حداً لذلك الأمر المزعج، يجب أن يكون الدرس سهلاً، بدأت أبحث عن طرق جدية للتخلص من تلك المخاوف، فكان لوالدتي الدور الكبير في ذلك، أخذت تحدد عبارات من كتب مختلفة وتقول لي: افهمي الفكرة لا تحفظي العبارة، حينها غيرت مسير قراءتي بشكل كبير، لم أعد اقرأ قراءة عابرة، أصبحت أقرأ وانا أحاول فهم فكرة الكتابة، كيفية ربط الأفكار..
تجاوز تلك العقبة بإعتقادي كان بوقت متأخر فقد كنت في المرحلة الأخيرة من المدرسة ولكنه كان انتصار.. انتصار على مخاوفي وهذا هو المهم.
بعد فترة عرفت بأن الكتابة الرسالية وسيلة لنصرة الحق، سلاح لمواجهة الباطل، طريق للتأثير على المجتمع، آمنت بالعمل الرسالي وذلك الإيمان أدى بي إلى خوض عالم الكتابة، لا أدعي أن كتاباتي بمستوى أدبي كبير ولكن له تأثير إيجابي بعض الشيء على من هم حولي، ومازلت أسعى في تطوير ذلك.
تلك هي تجربتي في خوض عالم الكتابة، نقلتها وأنا أعتقد بأنها قد تُلهم من يقرأ بأن النجاح في أي شيء يلزم المرور بالعقبات التي قد تعيق المسير وقد تُسقطك، ولكن الإيمان بالهدف والإصرار يمد بالطاقة لتخطي ذلك.
فكتابة نص مكون من ( 300 كلمة) سبقه عجز في كتابة 3 اسطر.
اضافةتعليق
التعليقات