الحان الهدير تنساب بين واحة خضراء، عود أخضر، يتمايل مع الهدير، تشابكت الاوراق عند هذا العود الاخضر، وتباعدت الثمار عن أغصانها لترى جمال ذلك الصوت، صفقت الاشجار، وغرد الحسون بسبعة تغاريد، انبعث العطر من كل مكان، هكذا تورق العود الاخضر جمالا شاهقا في المكان، هنالك ورقات خضراء صغيرة، تعانق العود بقوة، فوق الارض وتحت السماء.
ينمو العود بين الاشجار وتكتمل أغصانه ، تلتئم الاوراق في دياجير العود وتنطق الاغصان صوتها في الليالي الساكنة، عندما يفيق الليل من سكونه، يصحى العود شاكيا يفتش عن وجود بعض من اغصانه الضائعة، هنا وهنالك اوراق خضراء، عند اول فصل من الفصول هبت رياح عاتية لا تبقى ولا تذر سوداء مظلمة لم تهب منذ الف يوم، جاءت بقوة، تمايل العود قليلا يمين ويسار، لكنها كانت ثقيلة تمسكت الاوراق الصغيرة بالعود خوفا من تلك الرياح الشريرة، تمسكت تصارع الرياح، لحظات ،صغر سنها جعلها تستلم للرياح وتسقط على الارض ممزقة.
اما العود فكان قويا يقاتل الرياح باغصانه، بعوده الاخضر ساعات، فقط، طوى الياس عوده وانحنى قليلا، تكسرت بعض اغصانه، سقطت اوراقه، بقي وحيدا مع الرياح تقلبه كيف تشاء، تنثره، تجمعه، انكسر عود الياس وتغير لونه الاخضر، انتظرنه ليالي عددا كي تبث الاوراق حزنها للعود، وماذا فعلت بهم تلك الرياح الغادرة، استوقفوا لحظة، تراجعوا، عندما شاهدوا شيئا احمرا صامتا، تقرب الاوراق خائفة، حطمت الصمت تقف عند العود الذابل توقظه تخفف عنه جروحه.
وقف العود وجروح تنزف، لا تخافي ايتها الاوراق انا بخير، وهذه الجروح ستضمدها الشجرة الدر، يرتعش العود عطشان، منذ الامس لم يرتوي من الماء، وواصل المشي، ظلام دامس، اشجار متشابكة، عويل، خفقان قلب العود يخبره بانه سيصل الى تلك الشجرة العظيمة، عندما تابع المسير بين الارض والسماء، من بعيد سمع صوت الهدير الذي كان يسمعه من قبل.
نظر الى تلك الشجرة الدر اصلها في السماء وفرعها في الارض، لاتعد ولاتحصى، اغصانها، عليها أسماء مزخرفة كتبت على اوراقها، علق عليها الماس والذهب وعند جذرها لجين يحيط بها، وعلى اغصانها تيجان من الشذر الحر، وعليها انواع من الطيور كل طير يغرد على غصن بلغة لم اسمعها من قبل، تهتز بين الحين والاخرى، جروح العود الياس عميقة وتنطوي اغصانه الذابلة من العطش، واوراقه الممزقة على كتفه، وقف عندها.
سقطت منها ورقة كتب عليها: (( عود الياس لا يموت ))، سقطت اخرى كتب عليها: ((انت في جنة الزهور ))، وتلتها اخرى: (( سلام عليك في العليين ))، اخذت العود وضمدت جروحه وغيرت لونه الاحمر، ختمت على اغصانه وكتبت على اوراقه (( انه محمد ! )).
اضافةتعليق
التعليقات