قد تغطرست الشمس بأشعتها في صبيحة الثالث عشر من رجب لعام ٢٣ قبل هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله)، لتخرج امرأة مبجلة حاملة جنينها بين أحشائها من عقر دارها قاصدة الكعبة المشرفة، وهي تدعو الله أن يسهل لها ولادتها الميمونة، لكن المعجزة التي حصلت سرعة استجابة الدعاء وفتح لها الرب الجليل جدار الكعبة لتدخله السيدة فاطمة بنت اسد وانغلق تماماً، فدخلته حاملاً تصطحبها آلام المخاض، فتعجب القوم وذرعوا لهيبة الحادثة وهيبة قدوم المولود، فلم تحصل هذه الحالة أبداً منذ نشأَة الخليقة، فاستبشر الجميع لقدومه المبارك، وتهللت الأهازيج بأنه قد قدم أشرف مخلوق بعد رسول الله بأشرف بقعة، وبعد ثلاثة أيام، خرجت السيدة المبجلة حاملة لمولودها، فانبهر الجميع وسألوها ماذا اسميتيه، فقالت: إن الله تبارك وتعالى قد سماه ولست أنا، وقال سميه "علياً" فقد اشتققت اسمه من اسمي وأنا العلي الأعلى.
كان لقدومه المبارك الأثر الأكبر والمسرة التامة على وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لعلمه اللدني الغيبي بأن هذا المولود سيكون عضده وساعده الأيمن، سيحمل أبواب العلم ويطوق أصول المعرفة، وسيصبح أبو الأئمة المعصومين ووارث علم الثقلين، سيد السادة وقائد القادة، الذائد عن حمى رسول الله في الشدائد والنوائب، و لا يخشى في الله لومة لائم، يقود صناديد العدى ويذهب نفسه دفاعاً عن الورى.
إن أول معجزة حصلت لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، هو شق جدار الكعبة ودخول أمه فيها، لتلد أبو الأئمة المعصومين فوِلِد أطهر بشر بأطهر مكان، وقد تلت المعجزات علياً عليه السلام واحدة تلو الأخرى، وميزة بعد الأخرى، ذكره الرب الجليل بآيات عديدة واضحة وصريحة بخصوص ولايته من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنها قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ولم يتصدق أحداً وهو راكع سوى الإمام علي (عليه السلام) وكذلك قوله تعالى {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ.. عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ.. الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ}.
ففي سورة النبأ ذكر الله تعالى أنه سيكون خلاف بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخلافة وأنهم لم يستمعوا لوصية الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم عندما بلغ الوصية الإلهية الأخيرة في حجة الوادع بتنصيب الإمام عليه (عليه السلام) أميراً للمؤمنين بعد رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد قرن الرب الجليل بأن تبليغ المسلمين بتنصيب الإمام علي (عليه السلام) إن لم يتم فكأنما لم تبلغ أي معنى لرسالة الإسلام كما جاء في قوله تعالى يوم غدير خم وهو يوم تنصيب الإمام علي (عليه السلام)، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}.
فالسلام على من سماه الرب الجليل يوم ولِد ويوم استُشهِد ويوم يبعث حيا أن شاء الله وطوبى لأرض النجف الأشرف عندما تشرفت بثراه الطاهر، فالسلام عليك يا وارث علم النبين مني أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار والسلام على ضجعيك آدم ونوح.
اضافةتعليق
التعليقات