مع أول قطرة مطر نزلت في شوارع العراق خرج بائع المتجول أو كما يقال (عربنجي) في شوارعها متجولا باحثا عن رزقه يرتفع صوته في أزقّة المدينة: "غزل البنات" شعر بنات، وعربات الذرة المشوية، والكعك، والحليب الساخن والفول، قليلة الثمن فلا يتجاوز صحن الفول أو الحمص (ألف دينار عراقي) .
تعد فئة البائعين المتجولين الباحثين عن لقمة العيش في ظل تفاقم البطالة والفقر والأزمات الاقتصادية في العالم العربي ويصعب فرض الضوابط الصحية وقانون المطاعم على بائعي الطرقات وتختلف بضائعهم من دولة إلى أخرى،.
ويشتهر باعة الفول في مصر، وفي الأردن، والبيع في الشارع عبر التجول من مكان لآخر، وهو اليوم جزء من منظومة ضخمة تعرف باسم "الاقتصاد الخفي"، وقوامها مليارات الدولارات في العالم العربي.
ويرى الباحث والكاتب "أحمد أبو خليل" أن ظاهرة الباعة المتجولين ظاهرة مدينية في عالمنا العربي، لكنها انتقلت للقرى والأرياف، ولا توجد إحصاءات دقيقة حولها، لكن ثمة تقديرات تقول بوجود نحو 11 مليون شخص في مصر، ونحو مليونين في المغرب، على سبيل المثال، غير أنها مهنة مظلومة في الإعلام باعتبارها تشكل اعتداءً على الشارع، وثمة من يرى فيها مهنة غير حضارية تسيء للمشهد العام."
وفي لقاء خاص مع بائع الحمص المتجول في الشوارع محافظة كربلاء، عرفه الجميع في مكان عمله وأصبح له زبائن من كل مكان، ويسعى دائما إلى ابتكار أفكار تطور مهنته البسيطة (كريم أبو الحمص) هكذا يلقب أجاب كريم: أنا وحبات الحمص علاقة طيبة جدا فمنذ عشرون عام وأنا أبيع في هذه العربة في الصيف لبن مع التمر .وفي الشتاء الحمص والفول مع الحامض.
الأرزاق من الله وهو يعلم بوضعي وعائلتي، أنا صاحب عائلة كبيرة جدا ولدي أربعة اطفال وأم معاقة، العمل هنا فيه صعوبات وأحيانا أضطر إلى تغير المكان أكثر من مرة ومع هذا أستقبل الزبون بكلمة طيبة وأقدم له الوجبة مع ابتسامة وطرفة .
مئات من البشر مهمتهم اليومية البحث عن فرصة عمل سعيا وراء لقمة العيش، وإيجاد مصدر رزق لسد احتياجاتهم اليومية، أملا في توفير حياة كريمة لأسرهم.
جاء أحمد مهجرا من محافظته بحثا عن الرزق، وهو ينادي على رزقه بطريقة مميزة حتى يعرفه الناس شلغم. شلغم ، صغير يقف خلف العربة قد لا تشاهده لصغره . ينظف العربة حدثني وهو يبتسم: أنا صالح من قضاء الحر أعمل هنا مع أخي الأكبر منذ الصباح الباكر وحتى الساعة العاشرة مساء.
تساعدنا في طهو الذرة والشلغم والدتي من المساء تجهز الطعام حتى يكون في الصباح جاهزا توصيني أمي دائما أن أحافظ على نظافة المكان والطعام أيضا لذلك دائما يرتاد الزبائن عندنا من كل مكان العمل هو شرف لي .
احصائيات عالمية وعربية
" إذ تشير الدراسات أن الباعة يشكلون في دول أفريقيا -على سبيل المثال- ما نسبته (15-25 %) من القطاع غير الرسمي، وهم يشاركون بما يتراوح بين (46-70 %) من القيم المضافة في دول بنين، وبوركينا فاسو، وتشاد، وكينيا، ومالي، ووتونس.
وبحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء في العراق يبلغ عدد الباعة أو أصحاب البسطات بالعام 2015 (46 ألفاً و41) بائعاً متجولاً، وتشكل «نسبة العاملين من الإناث لا تزيد عن (1 %). وإن «قيمة رأس المال المستثمر في الوحدات المتنقلة بلغ 73 مليار دينار».
توضح الدراسة المفصّلة التي قدمتها أوخليا مزامبي عن باعة الشارع في موزمبيق أشكال المضايقات التي يتعرّض لها أصحاب هذه المهنة، التي تتراوح بين إزالة عرباتهم، أو تكسيرها، أو مصادرتها أو اعتقالهم، وغيرها.
وتؤكد الأبحاث الأكاديمية التي درست هذه الظاهرة بوجود عدة مشتركات بين الممارسات الحكومية ضد أصحاب البسطات في دول آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية والعراق ليس استثناءً. وإن أصحاب هذه المهنة غالباً ما يتعرضون إلى عدة مضايقات من قبل المؤسسات الحكومية في مدنهم؛ إذ شهدت ضواحي العاصمة بغداد وبعض المحافظات هذا النوع من الممارسات تحت أسباب مختلفة منها: عدم التجاوز على أملاك الدولة، الحفاظ على المال العام، ورعاية جمال المحافظة.
اضافةتعليق
التعليقات