روي لنا عن الحطب عن عَتبة القداسة عن الباب عن المسمار أنه قال: قد كان أصل العذاب ذلك اليوم الذي اتحد فيه شياطين الأنس مع شياطين الجن لتُحقق غاية الشيطان الأولى وسبيله الوحيد لإبعاد الناس عن الصراط المستقيم الذي أبى إعلان البيعة لهم، على عتبة بابه متجمهرين رائحة النتانة تنبعث منهم لتُجابه عطر الجنان، وهي تُعاني ثقل ذنوبهم عليها، سمعتها تُنادي ويحكم أنكم على عتبة باب لبيت أذن الله أن يُرفع، سمعتها تبكي خوفاً من أن تُلوث بهم وهي المتمسكة بعطر قدم النبي الأكرم في كُل مرة وطأها ليطرق الباب مُعلماً الأُمة احترام هذا البيت وهو يردد: يا أهل البيت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)، لم يسمعوا، وأنى لدناءة مثلهم السماع! وقف من كان يتلعثم في محضر الطهر ليزمجر، يتوعد، يُهدد بالإحراق، ارتعب من كان معه فحاولوا رده بقول: (إن في الدار فاطمة)، صاح الشيطان وفي عينه تلمع زيف مُنية سلطان "وإن"! ارتعدت الأرض تشقتت توسلت الرب بإذن ابتلاعهم، رعدت السماء وهي تنتظر إذن صعقهم، عصفت الرياح، أي جرأة هذه؟ الوجود يترقب سيدة الوجود لترفع يدها بالدعاء عليهم ليعمل بكله على إنزال البلاء بهذه الثلة التي مَثلت الرجس كُله.
هُناك في الجانب الآخر من الباب حيث الملائكة تلثم الأرض التي تطؤها أقدام الوجودات المقدسة، مهبط الملائكة جالس يرتل كتاب الله ويردد بكلمات يُناجي بها رب السماء أن هبني الصبر فعلى مثل فاطمة يقل صبري .
بقية محمد ناحلة الجسم حُزناً على النبي قامت إلى الباب تجر أذيال العفة والرحمة، تقوم بدور التذكير والنُصح: (مالنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه، قال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم)، كُل الكون في اضطراب، بنت محمد أنزلها الدهر وتَجرأ القوم على مُخاطبة أعظم شياطين الأنس!.
هي لحظات بثقل سنين، أُضرمت النار بالحطب أُلتهمت العتبة، سمعتها تستغيث أُمة لم يمر على رحيل نبيهم إلا بضع أيام، ناديتها أن أحضني النار كلها علها تخمد ولا يصل لسادتنا سوء، بقايا عطر محمدي احتفظت به تبركاً امتزج برائحة دخان تتصاعد، النار تلتهب أجزاء من الباب، توسلته أن قاوم لنذود عن السيدة، ربطت على نفسي وباقي المسامير متضرعين لله الثبات، اقتربت النار مني أحرقتني، احمر لوني أتصبر على ألا يصل لمولاتي شيء من هذه النار، رأيت أبليس قد تلبس بجسد هذا الأنسي النتن ليتقدم الى الباب واضعاً رجله عليه رافساً إياه بحقد، صوت أنين والسماء تصرخ (عُصرت) تناثرت المسامير، "يا مُلين الحديد لداوود".
ناجيت الرب لحظتها علني أعود إلى العدم، العفو مولاتي فلا إرادة لي في شيء، وكأن اضطراب الكون أفقدني صوابي، صوت ضلع يُكسر، بكاء طفل، حقاً لقد حل البلاء سيدة الوجود خلف الباب ملائك الرب تحاوطها، يبكون سقطها، ظُلمها، ملائكة العذاب تترقب إشارة منها لتنزل فلا تدع ممن اعتدى أحداً، رائحة دماء خانقة جعلتني أتحسس حالي، رأيتني مُغطى بالدماء وبعضها تتقاطر، تباً لوجودي الذي كان سبب لإدماء حبيبة قلب رسول الله، عانقت كل ما علي من دماء كي لا يفلت المزيد، سأبقى شاهداً ولن أتخلى عند قطرة واحدة من دماء طاهرة قد نزفت بجرم عبيد النار، لن أكف عن التذكير بالمصاب كُلما رآني مفجوع في المصاب، حتى أرى المتجرئ مصلوبا على شجرة بيد ابن فاطمة .
اضافةتعليق
التعليقات