لونظرنا إلى النصوص القانونية في مشروع قانون العنف الأسري لوجدنا هناك مخالفة للمبدأ الأساسي في ثوابت الإسلام الذي يقصد بها مجموعة من الأحكام المدلول عليها والواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتي ينبغي أن تبقى دوما دون تغيير أو تبديل ولا يعتريها النسخ، اأ بمثابة القواعد الحاكمة على الأفراد والإطار الضابط لسلوكهم وتصرفاتهم.
حيث نلاحظ أن هذه النصوص في معناها ومحتواها تعارض ثوابت الإسلام والدستور العراقي الذي اشترط مراعاة هذه الثوابت عند سن أي نص قانوني، کون هذه المخالفة تؤدي إلى زعزعة الاستقرار بين أفراد المجتمع من جهة، وبين أفراد العائلة الواحدة من جهة أخرى، الأمر الذي يستدعي بيان هذه النصوص.
أولا التعريف غير واضح وغامض وغير محدد بحيث يجعل تربية الوالدين لأولادهم ومراقبة سلوكهم من الانحراف والوقوع في مهاوي الفساد جريمة يعاقب عليها وهذا يعد أمرا مخالفا للدستور العراقي في المادة ۲۹ التي نصت "تحافظ الدولة على كيان الأسرة وقيمها الدينية والأخلاقية والوطنية وتكفل للأولاد حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حق على أولادهم في الاحترام والرعاية".
من هذا النص يتضح وجود مخالفة للشريعة الإسلامية التي اجازت للباء تربية أبنائهم تربية صحيحة كما في قوله تعالى: "والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم" ... ( ۱ ) يفهم من النص القرآني أن الذرية إذا كانت في درجة نازلة عن ذرية الآباء في الجنة فإنهم يلحقون بهم في الدرجات العليا حتى يحصل الإجتماع في الآخرة كما حصل في الدنيا. ( ' ) يتبين للباحث أن الشريعة الإسلامية أوصت بتربية الأبناء التربية الحسنة لأنهم يلحقون آباؤهم بدرجات عليا.
وبهذا فإن مشرع العنف الأسري جاء مخالفا لما أوصت به الشريعة الإسلامية كونه يحث الأولاد على الانحراف والسير في طرق لا تقرها الشريعة الإسلامية كونها طرق غير مشروعه مما يؤدي ذلك إلى أضعاف سلطة الأب في شؤون أسرته وتربية أبنائه على وجه الخصوص مما يتحتم علينا القول بمخالفة هذا المشروع الذي يؤيد ويسند كل تصرف باطل .
ثانيا: كما هناك مخالفة أخرى نجد سندها في المادة الخامسة في الفقرة الثانية التي نصت: تؤمن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية احتياجات الأشخاص الذين تستقبلهم دور الإيواء من سكن ومأكل ومصروفات جيب وفق تعليمات يصدرها وزير العمل والشؤون الإجتماعية من هذه المادة يتضح أنها تشجع على اللجوء إلى هذه الدور كونها توفر للفرد كل ما تقتضية حياته اليومية وبالتالي ينعدم دور الأب في القيام بمثل هذه الإحتياجات فتكون عامل جذب لكل فرد.
كما أنها تجعل كل خلاف عائلي يسهل حله أسريا سرحا أمام القضاء فيكون أفراد العائلة في تنافر بعيدا عن المحبة والوئام، مما يحول علاقة الأسرة من المحبة والمودة إلى صراع وخصومات فاللجوء إلى هذه الدور كما جاء في النص الدستوري يعد أمرا مخالفا للشريعة الإسلامية التي تدعو إلى الصلح والمودة داخل المجمع بأسره وسندنا في ذلك قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فأبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها".
وهذا أمر ثابتا في الشريعة الإسلامية الذي يدعو إلى تسوية النزاع بتعيين حكما من أهل الزوج والزوجة عمله فك النزاع وديا بينهما.
ونحن بدورنا نحث على حث الخلافات عن طريق الصلح لأنه الوسيلة المثلى للحفاظ على كيان الأسرة، كما ننوه إلى أن الأمور الأخرى كالضغائن التي تقع داخل الأسرة الواحدة ومن فرد ضد آخر توجد قوانين تعاقب على ذلك وليس من المعقول أن تنقل الضحية إلى أفراد غرباء في مراكز الإيواء وتحملهم معاناة إضافية ويبقى الجاني يديم ظلمه على باقي أفراد الأسرة.
ثالثا: يرى الباحث للحد من ظاهرة العنف الأسري والقضاء عليها بشكل تام أنه يجب على جميع أفراد المجتمع التكافل فيما بينهم، ولابد من البدء بالوقاية من المناهج الدراسية التي تضم برامج التعريف بالعنف الأسري فضلا عن إقامة الدورات والندوات التي تحد من هذه الظاهرة ونشر الوعي الصحي والثقافي بين أفراد المجتمع والتي من شأنها تعزيز العدل بين افراد الأسرة. ( ۱ ) هذا، ولابد من الإشارة إلى وجود قوانين تناولت الجرائم المتعلقة بالأسرة منها قانون العقوبات العراقي لسنة ۱۹۹۹ وأيضا قانون الأحوال الشخصية العراقي تلك القوانين التي سلكت ذات النهج الذي سلكه دستور عام 2005 ، حيث نجد المادة 41 من قانون الأحوال الشخصية نصت: لكل من الزوجين طلب التفريق إذا أضر أحد الزوجين بالزوج الآخر أو بأولاده ضررا يتعذر معه استمرار الحياة، كذلك الإعلان العالمي لحقوق الانسان ضمن ذلك، أي عمل على الحد من ظاهرة العنف الأسري بدلا من تشريع قانون يحتضن الأمور التي تزعزع أفراد العائلة ومعظم نصوصه تخالف الشريعة الإسلامية فلابد من تعديلها أو عدم الاعتماد عليها كونها تؤدي إلى تفكيك الأسرة والمجتمع بميولها للقوانين الغربية.
اضافةتعليق
التعليقات