الحب كالنهر اذا لم يروى من راوفده يجف، وفيما لم يتواصل المعشوق مع من يحب ينقطع حبل المودة وذلك الحب، حب الأمام علي (عليه السلام) هو بصمة في قلب المؤمن، وطريقًا مؤمنًا من المخاطر يسلكه في التقرب الى الله. ويبتعد عن التيه الذي يحف بكل جوانب وقوانين الحياة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «من أحبّ علياً فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عزَّ وجلّ».
وممّا تقدم تبين أن محبة أمير المؤمنين عليه السلام تفضي إلى محبة الرسول "صلى الله عليه وآله " ومحبة الله سبحانه، وذلك غاية ما يصبو إليه المؤمنون بالله، ومنتهى أمل الآملين. وأن حبّهُ إيمان وبغضه نفاق. كما جاء في الحديث الشريف: «لايحبُّ عليّاً منافق، ولا يبغضه مؤمن».
واظهار حب الأمام علي عليه السلام هو الاقتداء به والسير على منهج اهل البيت سفينة النجاة. ومنهل العلم والحب والعطاء،هو ينبوع الحكمة والمعرفة، ويكفينا دلالة على سعة علم علي عليه السلام أن نلقي نظرة على قطرة من محيط علمه المترامي، أودعها في نهج البلاغة، فنهل منها كل عالم، وارتوى منها كل طالب علم.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: ما أقول في رجل أقر له أعداؤه و خصومه بالفضل، ولم يمكن جحد مناقبه ولا كتمان فضائله، فقد علمت أنه استولى بنو امية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره، والتحريض عليه ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة، أو يرفع له ذكرا، حظروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة.
ثم قال: وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو عليه السلام رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها، وسابق مضمارها ومجلي حلبتها، كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى.
إن من مفاخر علي "عليه السلام" أنه كان تلميذ مدرسةُ الوحيٌ والرسالة، وتربى في أحضان النبي "صلى الله عليه وآله"، فغذى النبي وهو محيط العلوم والفضائل عليا من علمه، وأفاض على روحه وقلبه من حكمته حتى قال: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» وقال:«أنا مدينة الحكمة وعلي بابها».
لم يكن علي عليه السلام عالما بالعلوم الإسلامية وحسب، بل كان عارفا بعلوم الأديان السابقة
وأحكامها، حتى إنه كان قادرا على أن يحكم بين أهل كل ملة بأحكامهم، فكان يقول عليه السلام: «فإن عندي علم الأولين والأخرين، أما والله لو ثنيت لي الوسادة، ثم جلست عليها، لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، حتى ينادي كل كتاب بأن عليا حكم بحكم الله في». وكانت مبايعة الأمام علي عليه السلام في غدير خم بعد عودة النبي من الحج تثبيتًا لولاية الوصي وتأكيداً على حب الله.
وتعد واقعة الغدير من أهم الوقائع التاريخية في حياة الأمة الأسلامية حيث قام الرسول الاكرم خلالها وبعد عودته من حجٌة الوداع والتوقف في غدير خم - بابلاغ المسلمين بالأمر الإلهي الصادر بتنصيب علي بن أبي طالب إماما للمسلمين وخليفة له عليهم والتي انتهت بمبايعته من قبل كبار الصحابة وجميع الحجاج الحاضرين هناك وكان هذا التنصيب إثر نزول آية التبليغ حيث أمر الله نبيه بتبليغ ماأنزل إليه فإن لم يفعل فما بلٌغ رسالته وبعدما قام النبي "صلى الله عليه وآله" بإبلاغ الأمر وتنصيب الإمام علي "عليه السلام" نزلت آية الإكمال وأخبر الله سبحانه عن إكمال الدين وإتمام النعمة.
ويتولّى أنبياء الله ورسله وأوصياؤهم الهداة المهديّون مهمّة الهداية بجميع مراتبها، والتي تتلخّص في:
تلقِّي الوحي بشكل كامل واستيعاب الرسالة الإلهية بصورة دقيقة، وتكوين أُمة مؤمنة بالرسالة الإلهية، وإعدادها لدعم القيادة الهادية من أجل تحقيق أهدافها وتطبيق قوانينها. لقد أودع الله ورسوله قيادة الامة والحفاظ على الرسالة الألهية وصيانتها من الزيغ والتحريف والضياع في الفترة المقرّرة لها، وهذه المهمّة أيضاً تتطلّب الكفاءة العلمية والنفسية، والتي تُسمّى بالعصمة.
وتطبيق قوانين الدين الحنيف على المجتمع البشري من خلال تأسيس كيان سياسيٍّ يتولّى إدارة شؤون الأمة على أساس الرسالة الربّانية للبشرية، ويتطلّب التنفيذ قيادةً حكيمةً، وشجاعةً فائقةً، وثباتاً كبيراً، ومعرفةً تامةً بالنفوس وبطبقات المجتمع والتيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية وقوانين الإدارة والتربية وسنن الحياة، ونلخّصها في الكفاءة العلمية لإدارة دولة عالمية دينية.
هذا فضلاً عن العصمة التي تعبّر عن الكفاءة النفسية التي تصون القيادة الدينية من كلّ سلوك منحرف أو عمل خاطئ بإمكانه أن يؤثّر تأثيراً سلبيّاً على مسيرة القيادة وانقياد الأمة لها بحيث يتنافى مع أهداف الرسالة وأغراضها. وكانت تلك القيادة تتمثل في شخص الأمام علي"عليه السلام".
فإن عليا كان كتاب الله المتحرك والقرآن الناطق والقلب المليء بينابيع العلوم القرآنية وعلوم النبي صلى الله عليه وآله، والمفيض على العلماء وطلاب العلم ومسائل الإسلام وأحكامه بجوانبها المتعددة، والقلم والبيان عاجزان عن ذكر أسراره وعلومه.
كي نبقى محافظين على الولاية وعلى الإلمام بمعارف الاولين والآخرين يجب ان لا نقطع حبل المعرفة وعدم الأبتعاد عن علوم المعصومين ومناهلهم العظيمة وكلما جف نهر معرفتك تزود بها من علم الأمام علي وقرب أولادك من ذلك المنهل وداوم على ذكر احاديث اهل البيت وآثارهم والأهتمام بتلك المعارف في المجالس وفيما بينكم كي لا ياتي غافل ويسأل ويقول من أين أتزود بعلم ديني ودنياي وهو غافل عن بحر علوم امير المؤمنين والمعصومين من بعده التي وضعها بين ايدينا ولكن نحن من اهملناها بعدم تطلعنا لذلك البحر الزاخر من العلوم والمعارف.
اضافةتعليق
التعليقات