تعتبر ظاهرة الكتابة على الجدران من الظواهر التي انتشرت بين عامة الشباب بل أصبحت تمثل منحدراً سلوكياً سيئاً في بعض المواقف ولعل هذا لم يأتِ من فراغ ولكن هناك عوامل متعددة وراء ذلك وقد يكون العامل النفسي والانفعالي للشاب هو الذي دفعهُ إلى مثل هذا التعبير المغلوط والغير لائق لا اجتماعياً ولا أدبياً متخذاً في ذلك حججاً واهية وأفكاراً وهمية على أن ذلك العمل ماهو إلا محاكاة مع النفس وتعبير عن الذات والآراء والخواطر الدفينة التي يرى أنه من خلال ذلك العمل ينفس عن نفسه ويفرغ شحنته المكبوتة. وقد يكون العامل وراء ذلك أيضاً لفت النظر أو تشويه سمعة الآخرين أو الأضرار بالممتلكات العامة والخاصة أو تخليد ذكرى أو التعصب لأحد الأندية التي يشجعها.
أجرينا استطلاعاً حول هذه الظاهرة وكانت الآراء كالتالي :
أرشـد الزبيـدي (مدرب تنمية بشرية) قال: ان الرسم على الجدران يشجع على مخالفة النظام ويؤثر بشكل سلبي على سلوك الأفراد وهنا يكون استعداد الأشخاص لمخالفة القواعد أو القوانين وسوف يرتفع حينما يلاحظون أن هناك قواعد أخرى تنتهك مثل وجود رسم على الجدران في الشوارع، وأن ظاهرة الكتابة والرسوم العشوائية على الجدران ظاهرة ممقوتة يلجأ إليها معظم الشباب للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم المكبوتة، وهي تمثل منحدراً سلوكياً سيئاً قد يكون وراءهُ عامل نفسي وانفعالي يدفع فئة من الشباب إلى مثل هذا التعبير الغريب وغير اللائق، أما للتنفيس وأما للفت الأنظار أو تخليداً لذكرى أو تعصباً لأحد الأندية أو غيرها من الأسباب، غير مهتمين بجمال ونظافة المدينة حيث تعتبر الجدران لدى البعض منا متعة ومتنفساً للتعبير عما في داخلنا من همّ وحزن وحُب وكأنهُ كشكول وردي وهو أسهل وسيلة لكي نوصل مشاعرنا لمن نشاء.
فيما قال الشاعر نوفـل الصـافي: عدم الشعور بالمسؤولية تجاه ممتلكات الدولة؛ التي هي أصلاً لم تعمل على ترسيخ مفهوم المواطنة في ضمير المواطن العراقي... فضلاً عن افتقاد الشارع العراقي إلى مبدأ (المحاسبة والمساءلة القانونية) تجاه المسيئين.. فلو كان هناك وعي وقانون حازم؛ لما رأينا هذه الكتابات والرسومات والممارسات غير الحضارية؛ التي إنتشرت وخصوصًا في الزيارات المليونية وهي بأزدياد إن لم يقف بالدرجة الأساس إجراء قانوني رادع بوجهها.
أما المهنـدس نـورس عدنـان شاركنا الرأي قائلاً: ان ماسأقولهُ هو ليس رأي إحترافي وفني، لكن بحكم قربي للشباب والفرق الشبابية فإني أجد أن العديد من الشباب يحب أن يثبت ذاته، في خضم حكم الكبار وتدافع الأقوياء، يبقى الحدث والشاب تائهاً بدون اهتمام، وبالتأكيد هذا الشاب يحاول إبراز أفكاره ومايحبهُ ويتوق له ُفيجد من الحائط مجالاً لكتابة مايجول في خاطره من اهتمامات، وهذه تشابه مايكتبهُ الشباب والأحداث أيضاً على سياراتهم من جمل غزل وحب للوطن وعتاب للحبيب وغدر الزمان وماشابه، فالعملية بإعتقادي هي تنفيس لما يدور في الصدر، وهذه حقيقة ظاهرة موجودة في كل دول العالم، ولكن أفضل من تعامل معها الصينيون، حيث عمدت الحكومة الصينية لتغيير صورتها النمطية الدكتاتورية، إلى تهيئة حائط في منطقة (تيان آن من) ودعت الشباب لاستخدام السبريه والألوان لكتابة مايجول بخاطرهم، وقد أشار الشباب على ذلك الحائط العديد من الملاحظات السياسية والأخلاقية والفكرية المهمة.
الـرأي الإجتماعـي
قالت الباحثة الاجتماعية ثـورة مهـدي الأمـوي: الكتابة على الجدران ظاهرة غير حضارية ومنافية للذوق العام وتحتاج إلى تدخل الحكومات المحلية وكذلك توجيه إعلامي ونصح وإرشاد بأن نحافظ على نظافة مدينتنا، وممكن للحكومة المحلية أن تضع الجدار الحر وعلى أي شخص عندهُ مقترح أو شكوى يكتبه على هذا الجدار ويستفاد الجميع مما يكتب عليه لأن هذه الألفاظ غير لائقة وخاصةً بالنسبة إلى محافظة مقدسة مثل كربلاء.
وأي شاب يقبل على نفسه أن يكتب أحد الأشخاص على جدران منزلهم مايسيء إلى سمعته وسمعة أهله، هذا الذي يحدث الآن هو ان كل كتابة تعني إساءة إلى المحافظة لأن هنالك كتابات مخجلة جداً وفيها تعرض لأعراض الناس وسمعتهم وهذه بحد ذاتها هي جريمة أخلاقية ولا أقصد الجرم الجنائي لأنه لا يجوز للشاب ان يكون بهذا المستوى المتدني واللااخلاقي، كمثال على ذلك نفق سيف سعد كتابات غير لائقة كان على الحكومة المحلية أن تطلي الجدار لأن المكتوب شيء غير لائق بمدينة الحسين (عليه السلام).
هذه إحدى المعالجات لظاهرة الكتابة على الجدران توجيه إرشاد عن طريق الشاشات العارضة الكبيرة بالشوارع والتوجيه يكون في المدارس، ملاحظة وملاحقة من يقوم بهذه الأعمال ليكون درساً للآخرين ورادعاً وهذه الممارسات يقوم بها الشباب المنحرف الطائش والمراهقين والذين لم يحسنوا تربيتهم ذويهم.
الـرأي الشـرعـي
قال سماحة الشـيـخ نـزار التـميـمـي:
هناك قاعدة عامة في الشرع تقول (لاضرر ولاضرار) في الإسلام وبالتالي كل عمل مهما كان صغيراً إذا كان يضر بمصالح الناس الخاصة أو العامة فالشرع يمنع منهُ ويحرمه بلا نقاش أو خلاف في ذلك، وأضاف إلى أن إنتشار ظاهرة الكتابة على الجدران عائد إلى إهمال الأولاد بدون رقابة وتوجيه واستخدام الجدران من قبل البعض كساحة للحوار والردود بين الشباب واستخدامها كذلك للدعاية والإعلان من قبل بعض المؤسسات وعدم إعطاء الفرصة للأبناء للتعبير عن آرائهم ولو كانت خاطئة مما يجعل الجدران متنفساً لهم إضافة إلى التقليد الأعمى لبعض الشباب الذين امتهنوا الكتابة على الجدران.
إن هذه الأسباب لها نتائج من خلال الاعتداء على أملاك الغير والمرافق العامة بدون وجه حق وكذلك المنظر غير الحضاري والذي يعطي صورة سيئة عن البلد وأهلها وتشويه جدران المساكن والمرافق العامة إضافة إلى اذكائه للعصبيات وإثارة النعرات الجاهلية وإفساد للأخلاق وخدش للحياء عن طريق كتابات وعبارات من فاحش القول وتحميل المالك والدولة تكاليف مادية لإزالة مثل هذه الكتابات.
اضافةتعليق
التعليقات