أكّد الإسلام على حقّ المرأة في العمل والإنتاج، فبعد أن كانت المرأة تُعامل معاملة المتاع في الجاهليّة وكانت تحرم من أبسط حقوقها، كما كانت تظلّ حبيسة بيتها لا تشارك في أيّ نشاطاتٍ مهمّة في المجتمع الذي تعيش فيه، جاء الإسلام ليعلي من شأن المرأة وليؤكّد على حقوقها كاملةً غير منقوصة، كما سمح الإسلام للمرأة أن تتشارك المسؤوليّة مع الرّجل في كثيرٍ من المواطن. ففي المعارك سابقاً تقف المرأة جنبًا إلى جنب مع الرّجل لتقوم بتضميد الجراح وسقاية الجرحى، ومثال على ذلك اسم رفيدة الاسلمية رضي الله عنها التي اشتهرت في التاريخ الاسلامي وعرفت كأوّل ممرّضة مسلمة خصّصت خيمة إسعافيّة تقوم فيها بمعونة الصّحابيّات الجليلات رضي الله عنهنّ بتضميد جراح المقاتلين بخبرتها العلاجيّة والدّوائيّة الواسعة.
كما عرف عن الصّحابيات الجليلات مشاركة بعضهنّ في المعارك، وليس بغائبٍ عنّا ما قدّمته أمّ عمارة نسيبة بنت كعب المازنيّة رضي الله عنها في غزوة أحد حينما وقفت تذود عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وتقاتل الأعداء بشجاعةٍ وبسالة منقطعة النّظير.
المرأة تختلف عن الرّجل في نواحٍ كثيرة على الرّغم من أنّ الإسلام سمح للمرأة بالعمل إلاّ أنّه جعل لذلك ضوابط وشروط تحفظ كرامة المرأة وقيمتها وعفّتها في المجتمع الإسلامي، فما يُناسب الرّجل من أعمال قد لا يُناسب المرأة بلا شكّ، فالله سبحانه وتعالى حينما خلق المرأة خلقها مختلفة عن الرّجال.
لذلك يجب أن يراعى حينما تخرج المرأة إلى العمل أن يكون العمل مناسبًا لها ولطبيعتها الأنثويّة الرّقيقة، والإسلام جعل ضوابط للمرأة التي تخرج للعمل أن تُراعي مسألة الاختلاط في بيئة العمل، فالإسلام حرص على أن يفصل الرّجال عن النّساء حتّى لا تكون الفتنة والفساد في الأرض، ولا شكّ بأنّ الاختلاط مفسدةٌ قد انتشرت في مجتمعاتنا المعاصرة حتّى لا تكاد تخلو منها مؤسسة أو شركة أو جمعية خيريّة.
والأصل في الشّريعة الإسلاميّة منع الاختلاط في العمل إلاّ للضرورة كحال المستشفيات ومراكز العلاج، وأن تتناسب بيئة العمل وطبيعته مع مواصفات المرأة وطبيعتها، فهناك من الأعمال ما يمتهن كرامة المرأة من خلال خروجها إلى الأسواق وكلامها مع البرّ والفاجر، وهذا يقلّل من هيبة المرأة ويذهب بحيائها، كما تتّخذ بعض الأعمال طابع الشّدّة وتحتاج إلى القوّة البدنيّة فلا تتناسب مع طبيعة النّساء وأخلاقهنّ الرّقيقة.
ومثال على ذلك الأعمال التي تحتاج إلى رفع الأحمال أو تحمل المشقّة البدنيّة، أن تكون هناك ضرورة لعمل المرأة المسلمة، فالرّجل بلا شك هو من أمرته الشّريعة بالنّفقة على الأسرة وكلّفته بها، والأصل في المرأة أن تقرّ في بيتها ولا تخرج إلاّ للضرورة ما دام الرّجل يسدّ حاجاتها ويقوم بمهام المجتمع ومسؤوليّاته عنها.
اضافةتعليق
التعليقات