يعيش العالم العربي حالة من التطور الفكري الكبير، حيث شملت اركان عديدة وواسعة من الثقافة والعلم، ولعل النقطة المهمة التي كان لها نصيبا كبيرا في هذه العملية التقدمية هو التركيز حول مكانة المرأة وضرورة تقويم دورها في المجتمع.
وعلى أساس ان الله خلق كل شخص لهدف وغاية سامية، وان من واجب كل انسان وخصوصاً المرأة تقديم الرسالة الإلهية على اتم وجه، سواء من الناحية الدينية او العلمية والإنسانية، إضافة الى انها تعتبر اللبنة الأساسية لبناء المجتمع اذن هنالك مسؤوليات وامور كثيرة تترتب عليها، وبلا شك لإنجاز هذه النقاط المهمة عليها ان تتحلى بطموحات كبيرة تساعدها في اكمال المسيرة التي كلفت بها من اجل خدمة البشرية.
ولكن يبقى السؤال هنا، هل هنالك معوقات تواجه المرأة في العالم العربي؟، ومن الذي يحدد سقف طموحاتها؟.
من الواضح بأن المرأة العربية تعيش ضمن إطار مجتمعي محافظ، ذو عادات وتقاليد معينة، ومن الممكن ان تؤثر هذه العادات على وضع المرأة في المجتمع ويحدّ من حركتها، لكننا لا نستطيع الانكار بأن التطور الفكري لامس الكثير من عقول الناس واستطاع تغيير السلوكيات غير اللائقة والعادات البالية التي لا تمس بالحضرية والتطور أي صلة.
ولكن في المقابل هنالك بعض المناطق في الدول العربية لازلت تعيش ضمن إطار تخلفي يقيد حياة المرأة ضمن مربع مغلق، ولا يسمح لها بتجاوز اضلعه الاربعة، وبالتأكيد هذا الكلام لا يتفق مع الشريعة التي اقرها الله لها، ويسلب حريتها وكرامتها كونها امرأة وانسانة بالمرتبة الاولى، وصانعة جيل بالمرتبة الثانية، فالقبائل والعوائل التي تنهج للمرأة حياة غير الحياة التي يرضاه الله لها بحجة الالتزام بقوانين المجتمع والأعراف البالية، هو اضطهاد كبير وتجاوز على حلال الله لأنه يخالف ما اتى الله به ويخالف شريعته الانسانية.
اذن بهذه الحالة نستطيع ان نقول بأن المجتمع من الممكن ان يساهم مساهمة كبيرة في الحدّ من سقف طموح المرأة العربية وبالأخص العراقية ويقلل من عزمها، في حال لو تقيد بالعادات والتقاليد.
وعندما نقول المجتمع فما نقصده على وجه الخصوص هي العائلة ثم تتوسع دائرة المجتمع لتشمل الأهل والاقارب والأصدقاء والغرباء من الناس..
فعندما ترسم الفتاة لحياتها أحلام وأهداف من المهم ان تجد أهلها هم اول الناس تشجيعاً لها، فإذا لم تر الدعم المطلوب لن تستطيع تحقيق ذاتها ولن تطور من مهاراتها ولن تصل الى جلَّ أهدافها.
اذن نحتاج الى توعية وإدراك عميق يزيد من الوازع الثقافي للمجتمع ويشجع على اسناد المرأة..
فعندما يدرك المجتمع قيمة المرأة الحقيقية، ويعطيها المكانة التي اقرها الإسلام لها ستجد حينها ازدهار الأمة، لأن تطور المرأة هو تطور الأمة، لأنها نصف المجتمع والمسؤولة عن تربية النصف الآخر.
كما ان الدولة من ناحية أخرى تمثل عائقاً امام طموحات المرأة، عندما تفضل الرجل على المرأة في الدرجات التعليمية والوظيفية، ولا تهتم بإنجازات المرأة ولا تقدر عطاءاتها الكبيرة، فمن هنا يتضح بأن هنالك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الدولة في توفير الدعم الكافي للطاقات الشبابية وبالأخص النساء، وتقديم فرص عمل تناسب المرأة، إضافة الى توفير مقاعد دراسية وبعثات علمية الى خارج البلد، تشجع المرأة وتساعدها على اكمال تعليمها وتطورها والوصول الى المراتب العليا في العلم والعمل.
ويبقى الدعم المعنوي هو أعظم من الدعم المادي، الاّ اننا في كل الاحوال لا نستطيع الغاء دور المادة في موضوع الدعم، فالكثير من المشاريع والأفكار تحتاج الى المادة حتى تكتمل، وهنا يتفعل دور الدولة في تخصيص مبالغ مادية للمشاريع والأفكار التي تهدف للتطور.
وبعيداً عن المجتمع والدولة والأهل، تبقى إرادة المرأة في تحدي الصعوبات والوصول الى المبتغى هو العامل المساعد الاكبر في تحقيق ذاتها، فإذا ارادت المرأة شيئاً وآمنت به وبقدراتها لا يمكن لأي حاجز ان يحد من سقف طموحاتها او يقف بينها وبين حلمها، خصوصاً لو كان الهدف سامياً وقربة الى الله تعالى، بلا شك حينها ستتحول كل المصاعب بالصبر الى حلاوة، وسيزهر الله طريق الخير بالورد والياسمين وستزهر الأمة بوجود نماذج نسائية تسعى للتطور والارتقاء الدائم.
اضافةتعليق
التعليقات