في كل قلب هناك مُحب، وفي كل روح هناك نَفَس، ولكلِ بنت هناك والد، ولكلِ شيئ ثمين هناك باب، ولكلِ داءٍ هناك دواء، ولكلِ دابةٍ هناك راعي، ولكلِ زهرةٍ غصن، ولكلِ غصنٍ تُربةٌ تحتضنه، ولكلِ زمانٍ والي، ولكلِ زمانٍ إمام! أين هو؟!
كانت مستلقية على الأريكة الخشبية تلك التي تقبع في إحدى زوايا البيت، سارحة بين كل هذه التساؤلات العجيبة، فردت قامتها فجأة ثم جلست كأنها مرعوبة بالرغم من ثقل الهموم التي تقبع على قلبها بدأت دموعٌ باردة تنهمل من عينيها بشكلٍ هادئ كأنها تخافُ أن تجرحها فقد اشفقت عليها إذ كانت الشاهدة على كل انكساراتها، باتسامة شفيفة ساخرة! ونظرةٍ سافهة وتنهيدةٍ طويلة أغمضت عينيها فسرحت بعالم الخيال.
ماذا لو كان معنا حقًا، لما ظلم الشريك الفلاني أخي في تلك الصفقة المالية، ولما ظُلمت زوجة ذلك الذي يُسمى رجلا وأُهينت، ولما رأيتُ الأطفال المشردين في أزقة الأحياء والشوارع العامة، لما عاش اليتيم تلك الحسرة الخانقة، ولما تَعرت تلك التي تَدعي حب الله، ولما تزينت تلك التي تنتمي للآل الأطهار (عليهم السلام)، ولما نُظرت تلك النظرة الخانقة لتلك التي ترتدي عباءة السيدة الزهراء وتلتزم بكل ما يمكنها، ولما ساءت اختياراتنا لشركاء الحياة أنا ومن مثلي التي أرادت وسعت لإكمال نصف دينها وخاب ظنها، ولما كُسرظهر تلك التي عاد نسلها من الآل بسبب سوء الإختيار الذي ظنت انه سليم لأنها لاتعلم خبايا الأنفس، ولما حدثت كل تلك الحروب والسلب والنهب والظلم والجور، لمشت المرأة من دون خوف، ولعَرف الرجل ما لهُ وما عليه، كل ذلك وأكثر تخيلت الحياة التي تتوفر فيها كل ما ذكرت ونفت كل ما لا يُقبل ثم اجهشت بالبكاء فردت قامتها من جديد واتكأت على الحائط ثم افترشت سجادة الصلاة وسجدت وبكت كأنها تودع الدموع.
أخذت القلم والمفكرة التي كانت تضعها مع مسبحتها جنب سجادة العروج للمحبوب، ثم كتبت: اليوم هو البداية لكتابة الهدف الذي يوصلنا لكل الأحلام، فكم كتبنا أحلاما، دونا الكثير من الأمنيات للوصول لها ولو سعينا العمر كله لأجل تحقيق جزء منها لما وصلنا وإن وصلنا فلن نحقق ما سيتحقق بظهور الولي، فعلاقة الإمام المهدي بالعدالة الاجتماعية يُعد من الأساسيات في زمن ظهوره المقدس فالإمام المهدي شخصية مركزية تحمل في طياتها الأمل في تحقيق العدالة الاجتماعية في آخر الزمان.
فالعدالة الاجتماعية في الإسلام تتجاوز مجرد التوزيع العادل للموارد والثروات؛ فهي تشمل المساواة بين جميع أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية، العرق، أو الدين. فالعدالة لا تتعلق فقط بالجانب الاقتصادي، بل تشمل أيضًا الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية. في القرآن الكريم، وردت العديد من الآيات التي تدعو إلى تحقيق العدالة، ومنها قوله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان." (النحل: )90.
إن العدالة التي يرمز إليها المهدي لا تقتصر على الجوانب القانونية أو الاقتصادية فقط، بل تمتد لتشمل أبعادًا معنوية وروحية، تهدف إلى بناء مجتمع متكافل ومترابط يحكمه قيم الحق والعدل.
مثل إعادة توزيع الثروات فسيتحقق من توزيع ثروات الأمة بشكل يضمن العدالة بين طبقات المجتمع، بما يساهم في القضاء على الفقر المدقع والتفاوت الطبقي.
إضافة إلى المساواة بين الناس ففي عهد المهدي، سيكون هناك مساواة في الحقوق والفرص بين جميع أفراد المجتمع، بغض النظر عن أصلهم أو مكانتهم الاجتماعية.
الإمام المهدي لا يُنظر إليه فقط كحاكم ديني، بل كإصلاح اجتماعي يعيد بناء علاقات المجتمع على أسس من العدالة. سيُحارب الفساد ويعمل على إعادة بناء المؤسسات الاجتماعية والسياسية وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، مما يعزز من مفهوم العدالة الاجتماعية في المجتمع، ويعمل على معالجة التحديات الاجتماعية التي تؤثر على الفئات المستضعفة، مثل النساء، الأطفال، والطبقات الفقيرة.
شخصية الإمام المهدي ليست محصورة في النصوص الدينية فقط، بل يُنظَر إليه كرمز للأمل والعدالة. هو ليس مجرد شخصية غيبية تُنتظر في المستقبل، بل هو رمز عميق للعدالة الاجتماعية التي تظل في حاجة إلى تحقيقها في كل زمان ومكان. من خلال تطهير المجتمع من الفساد والظلم، وإقامة حكم عادل، ويُعتبر الإمام المهدي تجسيدًا حيًا للعدالة في أبهى صورها. وفي الوقت ذاته، يظل الأمل في ظهوره مصدرًا لتحفيز المسلمين على السعي لتحقيق العدالة في حياتهم اليومية، باعتبار أن تحقيق العدالة هو إحدى أهم رسائل الإسلام.
دونت أهم الأهداف التي فيها سعي للعمل على تغيير الباطن ثم عزمت على البدء تلك هيَ المُنتظِرة لروح الحياة..
اضافةتعليق
التعليقات