يسلّم الغروب اخر ما تبقى من بقاياه لسحب الليل المقبلة، وشيء ما ينتزع ومضات الفرح من شغاف قلبي، تسيطر الكآبة على صدري، جهلت حالتي واورقني اكترابها، فرحت اقلّب صفحات التقويم الهجري، لعلي اجد مبررا لتلك الحالة المجهولة..
بداعي شعيتنا خلقوا من فاضل طينتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا، رمقت عيناي احد الارقام وقد توشح باللون الاحمر الذي ينبئ عن رزية وفاجعة الخامس والعشرين، انه يوم استشهاد حليف القيد
موعد الذكرى الاليمة! انها مقبلة..
علمت ان وراء كل ذلك الاغتمام الذي انتابني، حرارة لاتبرد، شبيهة بتلك الحرارة التي لاتخمد على مر الازمان لمصاب جده الذبيح (ص)..
في قلب كل مؤمن ومؤمنة، فرحت حينها اجوب عوالم الكتب، باحثة عن صفحات حياته ومواقفه التي تكللت بالرحمة والعظمة، رحت انظم السطور فخانتني الكلمات وتطايرت احرفي وجلة، خجلة كل منها تؤثر الاخرى.
كلها تصاغرت حينما ورد ذكره، كلما اكثرت وصفا وجدته يضمحل امام شخصه، تهت وتاهت مني الكلمات، واغتالني العجز، تهفو روحي لمحاكاة مصابه كما اعتدت ان اترجم احاسيسي كلمات
لكنها اليوم لاتستجيب، اجده مربيا فاضلا ادبني فاحسن تأديبي، كظمه للغيط والعفو عن من اساء اليه ورد الاساءة بالأحسان توقظ بي نفس الاعراض عن الهوى ونحر الانانية لتهديني عيشاً سليماً في دنيا النزاعات.
تكالبت علي المشاعر! فساعة اغرق فرحا في بحر عطفه وجوده، اجده اقرب من حبل الوريد
يطمئنني بان لابد لكل زمان حجة ظاهرة وباطنة لاتهمل رعايتنا، حتى في لجج البحر الغامرة
ولجج المصائب يذكرني بأنه لي سحابة طالقان.
فمهما حاوطتنا الصعاب لابد ليده الخفية ان تمد ولو بعد حين لترسينا على مرسى الامان لما نروم ونهفو اليه..
اما دموعي فـ كدراهم شطيطة ابعثها اليه مع قوافل القلوب الوالهة ليصلي على روحي ان اماتها البعد
حتى عملي ان خطى اليه كدبيب النمل..
فكرمه يتلقاني كأمٍ لهفى، هو الذي يتقن اللغات كافة لابد انه يفقه لغة الافئدة وحديث الاضطراب والوصب، وساعة اجدني ابكي لغربته وظلمه، لصباحه المظلم، للسجن الضيق الذي منعه حق الوقوف او التمدد بكامل طوله، لعذاباته لثقل القيد الذي وضع على رقبته ويديه وقدميه فتهد قواي اسىً.
انوح لظلمة المطامير الحالكة لوحشة السكن والعتمة، لخده الذي صفع حين رام ان يستنشق الهواء فاستحال خده شبيه بخد فاطم المسطور فهو ابنها، فأطرق يقيناً ان لابد ان يرث من آلالامها شيئاً كباقي العترة..
لجنازة اثقلتها السلالسل وظلت تسيل دما، لجسد سرى به السم فاعله وأعياه لغربة الاهل والمغسل
للمنادي وندائه اين اهل هذا الغريب فليطلبوا بثأره فقد قضى مسموما..
ارادوا ان يواروا نوره تحت غياهب الارض فانبرى ضريحه شامخاً قبلة لصلاة الافئدة يأتونه من كل فج عميق "و يأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون" وتواروا هم تحت مزابل التاريخ الوضيعة..
مضيت ياسيدي شهيداً على جسر الرصافة جرحاً للصبر ومضينا بتتابع الاعوام نقصدك تجيبك القلوب والاسماع والابصار وكل الالام لك امست حكايا..
اضافةتعليق
التعليقات