ما أجمل أن تترك أثرا منك وأنت تغادر الديار المقدسة بعدما لبيت نداء الله حينما دعاك إلى زيارة بيته الحرام، تسوقك الخطى نحو وطنك تاركا خلفك شيئا بسيطا في فناء البيت المقدس يحمل بين طياته ثوابا كبيرا لكونه في بيت الله الحرام يشغله ملايين المؤمنين.
هذا ما سردته الحاجة أمل دسوقي (مصرية الجنسية) اثناء تسليمها لكرسي متحرك بسيط صغير الحجم سهل الحمل للجهات المعنية ليكون وقفا في الحرم المكي ملتمسةً بذلك ان يمن الله عليها بفضله وكسب ثواب ما جادت به.
حدثتنا الحاجة امل قائلة: لقد اديت الحجة مرة واحدة واعتمرت ثلاث مرات وفي كل مرة ابتاع كرسيا واسلمه للجهات المعنية ليكون وقفا في الحرم المكي ليجلس عليه المعتمرين والحجاج بعدما يؤدون مناسكهم منهم ليستريح ومنهم للتسبيح ومنهم من لا يستطيع الجلوس على الارض لوضعه الصحي او لكبر سنه ومنهم لينظر لبيت الله فقط فالنظر الى بيته المبارك عبادة، اتمنى ان يتقبل الله مني ما قدمته هدية بسيطة للوافدين الى بيته من جميع اصقاع الارض.
وأضاف المعتمر سالم خضير (عراقي الجنسية) قائلا: تتعدد الأوقاف أو التصدق في الحرم المكي بحسب ما يرغب الحاج أو المعتمر أبسطها يمكنك التبرع بريال واحد في الصندوق المخصص لذلك لشراء كرسي متحرك أو كهربائي أو كؤوس لشرب ماء زمزم أو قناني بلاستيكية لتعبئة الماء أو لتجهيز وجبات طعام في رمضان أو للفقراء فكل هذه تعد صدقة تدفع عنا البلاء الغيبي في جميع الأماكن والأوقات إذ ينتابك شعور جميل حيال ما قدمته لمساعدة الآخرين وياحبذا يكون في الخفاء، إلا أن الشعور يختلف تماما وأنت بمحاذاة بيت الله اذ تنتابك الطمأنينة والسكينة، جعلنا الله وإياكم من المتبرعين دوما بالصدقات والأوقاف والعاملين المتطوعين.
أجر مدى الحياة
بهذا الجانب كانت لنا وقفة مع الشيخ علي عبد الرزاق ليحدثنا عن أهمية الأوقاف والتصدق في حياة الفرد، استهل حديثه قائلا:
يذكر لنا نبي الأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أفضل عمل خير تقوم به هو الوقف فهو الصدقة الجارية مدى الحياة موضحا ذلك بقوله: "إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" مبيننا لنا أهميته في حياة الانسان.
كما يُعتبر الوقف والتصدق من أقوى آليات التكافل الاِجتماعي في الإسلام، وله أهمية كبيرة ذات أبعاد دينية واِقتصادية واجتماعية وثقافية، فهما تجسيد حيّ لصفات السماحة والتعاون والعطاء، لا سيما أنه شمل كافة مجالات الحياة.
وتابع: إن لثواب الوقف شأن عظيم في كل الأماكن والأزمان ويزدان بركة في الحرم المكي إذ نرى شتى الأوقاف والأعمال التطوعية في موسم الحج وهذا من فضل الله على القائمين بهذه الأعمال إذ اصطفاهم الله لعمل الخير في هذا الشهر المبارك لينالوا شرف هذه الخدمة التي لا يخص الله عبده بها إلا إذا كان ذو شأن عظيم لديه.
ختم حديثه: إنما الأوقاف هي أجر لا ينقطع مدى الحياة وبعد الممات إذ تتبرك بدعوات المؤمنين أينما وجدوا من شتى بقاع الأرض وهي المعنى الحقيقي للترابط بين أبناء المجتمع وحث الجميع على التعاون وهي من أفضل أشكال الصدقة لذلك ندعوا الجميع للمساهمة في المشاريع الوقفية لتحسين الواقع المجتمعي ومساعدة الآخرين فلا تترددوا في مد يد العون وتأكدوا أن مساهمتكم سوف تصنع فرقاً مهما كانت قيمتها ضئيلة.
اضافةتعليق
التعليقات