قال تعالى: {وَلِلَّـهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ}(الأعراف:١٨٠)
الآية ذكرت صنف من الناس بأنهم من الملحدين في أسماء الله تعالى، مع أن المفترض أن من يستعين بأسماء الله تعالى هو من المؤمنين بها! وكأن الآية تتحدث عن ظاهرة تسمى "بتفعيل أسماء الله الحسنى" المنتشرة والتي يروج لها كثيرًا ممن يُعرفون بالمدربين وأصحاب التنمية والطاقة، فعندما نعود لكتاب الله ونسأله عنها نجد هذه الآية تكشف لنا خطورة هؤلاء وانحرافهم العقائدي.
إذ إن الالحاد - يُعرف- بأنه الانحراف والتطرف عن الحد الوسط، وهنا هؤلاء تطرفوا بنحو الايمان بهذه الأسماء لكن بمعزل عن الإيمان بالله التي هي له -عز وجل- لا أنهم أنكروها وكفروا بها كما كفروا بالله تعالى، بمعنى نسبوها لأنفسهم من حيث الاستخدام والتحكم.
فهم يقولون إن هذه الأسماء عبارة عن طاقات كونية، وما أن [تدعوها] وترددها ستفعل طاقتها وتكون تحت أمرك وطوعك فيما تريد، فهم يعتقدون إن الإنسان هو المتحكم والمسيطر عليها، لذا عندما نعرض هذا الكلام على هذه الآية فإنها تعطينا مفتاح لفتح بصيرتنا لزيف هؤلاء وهي إنها أسماء مرتبطة بالذات الالهية نحن [ندعوه بها] لا إننا [ندعوها] وبين الأمرين فرق كبير جدًا، كالفرق بين الإيمان والكفر، أي من خلالها نطلب منه(سبحانه).
فالفقير يطلب من الله تعالى الذي من أسمائه [الغني] أن يغنيه، والحائر يطلب من الله تعالى الذي من اسمائه [الهادي] أن يهديه، والضعيف يطلب من الله الذي من أسمائه [القوي] أن يقويه وهكذا، مع التفويض والتسليم لله تعالى في الاستجابة من عدمها لا أنها وجودات طاقية نحن نناديها وتسخر لنا.
-فكما يذكر-" إنه قد قدم الخبر في قوله: «وَلِلَّـهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنی» لأنه يفيد الحصر، وجيء بالأسماء محلی باللام، والجمع المحلی باللام يفيد العموم، ومقتضی ذلك أن كل اسم أحسن في الوجود فهو لله سبحانه لا يشاركه فيه أحد، وإذ كان الله سبحانه ينسب بعض هذه المعاني إلی غيره ويسميه به كالعلم والحياة والخلق والرحمة فالمراد بكونها لله تعالى كون حقيقتها له وحده لا شريك له"*.
وهكذا الآية عبرت بفعل (ذروا) أي اتركوا عمل هؤلاء من يؤمنون بأن تأثيرها بمعزل عن الإيمان بالذات الالهية التي لها هذه الأسماء، ولا يغرنكم أنهم يرددونها ويهتمون بها ويعظمونها كي لا تستحقون جزاء مثل جزائهم على عملهم هذا.
________
اضافةتعليق
التعليقات