السيّدة الزهراء (عليها السلام) لها الكثير من المقامات العالية السامية الفريدة، ومن هذه المقامات هو مقام حجيتها على الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ..
قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): (نحن حجج الله على الخلق، وفاطمة عليها السلام حجة الله علينا). تفسير أطيب البيان ج ١٣ ص ٢٣٥ .
وهذا يدل على أن السيّدة الزهراء (عليها السلام) لها مقام أعلى من مقام الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) أي الأئمة وأولادها ..
وحجية السيّدة الزهراء (عليها السلام) على الأئمة معناه أنها كانت واسطة علمية بين الله تعالى والأئمة ( عليهم السلام ) في العلم المحفوظ في مصحفها المسمى بمصحف فاطمة الذي يحتوي على جميع العلوم والأخبار والغيبيات وغيرها من العلوم الإلهية إلى يوم القيامة ..
وتوارث مصحفها الأئمة (عليهم السلام) معصوم من بعد معصوم إلى صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف)، فهي حجة في هذا العلم الجم على الأئمة (عليهم السلام) يأخذون به، نظير حجية النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في شأن القرآن الكريم الذي هو مصدر علوم الأئمة (عليهم السلام ) ..
ولا يخفى أن وساطتها ( عليها السلام ) لذلك العلم ليس عبر نقش وخط ذلك المصحف ، إذ الوجود الكتبي لمصحفها وجود تنزلي تنزيلي لحقائق ذلك العلم الذي ألقى إليها ، فوساطتها بلحاظ عالم الأنوار لهم (عليهم السلام) فقد روى فرات الكوفي في تفسيره ، قال : حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد معنعناً عن أبي عبد الله _ أي الإمام الصادق _ ( عليه السلام ) أنه قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } الليلة فاطمة والقدر الله ، لأن الخلق فطموا عن معرفتها ، وقوله:
{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } يعني خير من ألف مؤمن ، وهي أم المؤمنين ، { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } والملائكة المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد
( صلى الله عليه واله ) والروح القدس هي فاطمة (عليها السلام) {بِإذْنِ رَبِّهِمْ مِن كُلِّ أمْرٍ * سَلامٌ هي حَتّى مَطْلَعِ الفَجْرِ} يعني حتى يخرج القائم (عليه السلام) .تفسير فرات الكوفي : ٥٨١ .
وهذا المقام لا يمكن أن نحيط به ونشرحه في مقال أو كتاب بل نذكره مجملاً ..
ولا غرابة في هذا الموضوع حجية السيدة الزهراء (عليها السلام) على الأئمة (عليهم السلام)، السيدة الزهراء هي علة الوجود ولولاها ما خلق الله تعالى خلق وفي حديث قدسي أن الله تعالى قال: ( يا أحمد لولاك ما خلقت الأفلاك ولولا علي ما خلقتك ولولا فاطمة ما خلقتكما).
إذن لولا السيّدة الزهراء (عليها السلام) ما خلق الله تعالى حتى حبيبه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا وليه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وإذ الله تعالى ما خالق رسوله الكريم محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ما خلق النبي آدم (عليه السلام) ولا انس ولا جن ولا بشر ولا أرض ولا سماء ولا أي شيء مخلوق، لأن اشرف الخلق هو رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ..
فما أعظم مقام السيّدة الزهراء (عليها السلام) وما أكرمها على الله تعالى وما أجل مقامها.
اضافةتعليق
التعليقات