قد يُنسى الحب ولكن لا يمكن ان ينسى الاحتواء، الاحتواء مفتاح النجاح وهذا المفتاح سيفتح أكبر وأعظم الأبواب وباستطاعة المرء الدخول إلى أي مكان يشاء فهو المفتاح الذهبي الذي سيفتح أي باب!.
قال أحدهم ذات مرة: الحب ليس تلك النظرة التي تزلزل الكيان وتقشعر البدن بل الحب الحقيقي الخالد تلك الاهتمامات الصغيرة والاحتواءات، أن تسمع بضميرك قبل أذنك أن تعانق بروحك قبل أياديك أن تحب بقلبك قبل عينك.
من هنا نستطيع أن نقول من أهم الأمور في حياة الانسان الاحتواء عندما يشعر المرء بأن هناك مأوى يحتويه بكل حب.
نظن بأن السبب وراء الخيانات في الحياة الزوجية تحدث بسبب الأمور الجنسية ولكن السبب الأساسي هو عدم الاحتواء فكثير من المتزوجين البالغين والناضجين يشكون من عدم الاحتواء فهنا سوف تظهر الصدمة حيث يرى أحد الطرفين بأن شريك حياته مع شخص أقل جمالا وأموالا و … من الأمور التي يحسبها المرء من مقومات الحياة، بل يندهش عندما يرى بأن من احتوى الشريك لا يملك أي شيء سوى فن الاحتواء.
ففي جميع العلاقات الناجحة سوف نجد الاحتواء في رأس القائمة الوالد الذي يعرف كيف يحتوي أطفاله سيكون صديقهم الأول والوالدة التي تحتوي أطفالها ستكون الأميرة بلا شك حيث لايرد لها طلب، الاحتواء فن لا يملكه الكثير قد يتغير مفهوم الاحتواء عند كل شخص فبالتأكيد كل انسان يرى الاحتواء بطريقة معينة حسب حياته وتربيته وبيئته ولكن نستطيع أن نعبر عنه بسقف يقينا من البلل في يوم ماطر أو مدفئة في غرفة جميلة تنقذنا من الانجماد في ليلة شتائية أو بريق عين الدكتور الذي يخرج من غرفة العمليات ويحمل معه أخبار سارة.
جميعنا بحاجة إلى الاحتواء حتى وإن كبر الانسان أو ارتقى من مقام إلى مقام و علا شأنه ولكن لابد وأن يمر بأوقات يشعر بأنه في أمس الحاجة إلى من يحتويه ويفتح تلك العقد الموجودة في خلايا مخه أو يمسح على كتفه ويقول لا بأس أنا هنا من أجلك.
فقد نلاحظ بأن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) رغم علو مكانته كان يذهب إلى بيت فاطمة سيدة نساء العالمين و يشفي آلامه الجسدية و الروحية…
قال يافاطمة إني أجد في بدني ضعفا… أعيذك بالله يا أبتاه من الضعف…
وكان يناديها بأم أبيها فأي مقام وصلت إليه هذه الطاهرة لتحتوي أعظم رجل في تاريخ البشرية وتكون له كالأم.
مقام الأم مقام لا مثيل له من الناحية المعنوية والنفسية والجسدية فهي الأرض التي تعانق البذرة كي تنمو وهي التي ترعاها كي تكبر وتثمر فمن هي لتكون في هذه الدرجة العالية؟
لتكون أما لأبيها!
ليس أي أب بل سيد البشرية وخاتم الأنبياء من الأولين و الآخرين، وفي الجانب الآخر من حياتها نرى تلك المواقف الخالدة التي تصرخ في صفحات التاريخ بأعلى صوت وتكشف عن حبها العظيم لأمير الولاية ووصي الرسول صلى الله عليه وآله).
دخل الرسول (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين علي وسيدة نساء العالمين
بعد يوم من زواجهما، وقال للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام):
«كيف رأيت زوجك؟»، قال: «نعم العون على طاعة الله»، وقال لفاطمة: «كيف رأيت زوجك يا ابنتي؟»، قالت: «خير زوج».
وقال اميرالمؤمنين: «والله ما أغضبتها قط ولا أكرهتها على أمر قط حتى قبضها الله إليه وكنت إذا نظرت إلى وجهها تنكشف عني الهموم والأحزان»، هذه تنم عن عمق العلاقة، علاقة المحبة والمودة بين الطرفين.
نتعلم فن الاحتواء من سيدة نساء العالمين ففي كل لحظة من لحظات حياتها حب صادق واهتمام حقيقي بعيد عن الرياء والكذب فهي أسوة في الاحتواء هي الأم المباركة التي حضنها يسع الجميع والفاطمة التي فطمت شيعتها من النار، فسلام عليها يوم ولدت ويوم وقفت بكامل قواها ودافعت عن امام زمانها ويوم تبعث حية.
اضافةتعليق
التعليقات