من الألقاب التي تطلق على السيدة زينب (عليها السلام) هو لقب "عديلة الخامس"، وفي اللغة العديل "هو النظير المشابه"*، أي إن في هذا اللقب إشارة لكونها كانت شبيه الخامس من أصحاب الكساء إمامنا الحسين (عليهما السلام)، فهناك أوجه شبه بينهما(عليهما السلام) كثيرة، ومنها:
الوجه الأول: المسير إلى كربلاء
إذ كانت في كنف زوجها عبد الله (عليهما السلام) تعيش حياة كريمة مرفهة، فهو -كما ينقل التاريخ- كان ثريًا جدًا، لكنها أعرضت عن الدنيا وزينتها، ولازمت الإمام الحسين (عليه السلام) لتبلغ بذلك الفتح، وإن كان الثمن الأسر والسبي، وهكذا تأست وتشبهت بما فعله سيد الشهداء (عليه السلام) فهو قد ترك ديار جده، وموطنه ليُقيم الحق، ويصلح شأن الأمة، ويحيي قلوب الشيعة وإن كان بإراقة دمه الزكي.
كما إن خروجها (عليها السلام) مع الإمام يعني العمل بقوله (عليه السلام): "مثلي لا يبايع مثلك"، فكل من لحق بالإمام هو امتثل وتَمثل بموقف رفض مبايعة الحاكم الظالم، والدخول بولاية الله المتجسد بإمام ذاك الزمان.
الوجه الثاني: عبادة الله تعالى
ورد عن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) أنّه في الليلة التي قُتل أبوه في غدها، قال(عليه السلام): "إن أباه قام الليل كلَّه يصلّي، ويستغفر الله ويدعو ويتضرع، وقام أصحابه كذلك يدعون ويصلّون ويستغفرون(١)، وهذا ذاته ما ذكره في وصف السيدة زينب (عليها السلام) بما يخص علاقتها بالعبادة، وكونها لم تترك حتى نافلتها، إذ قال (عليه السلام): "إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من قيام الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام، وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس"(٢)، بل ومن العُباد في كل الأحوال.
الوجه الثالث: الفجيعة بفقد الأحبة
وهي (عليها السلام) التي فقدت الأخوة والأبناء في أرض كربلاء، كما عاش هذا الفقد سيد الشهداء ورآهم يُقتلون واحدًا تلو الآخر، وزادت عليه أن رأت استشهاده وكل ما فَعل به الأعداء.
الوجه الرابع: احتواء العيال في القافلة
وهي (عليها السلام) التي كانت الخيمة التي أوت واحتوت عيال القتلى والشهداء من أهلها وأخوتها، بعد أن كان الإمام الحسين (عليه السلام) هو خيمتهم جميعًا.
الوجه الخامس: القاء الحجة طلبًا لنجاة الامة
وهي (عليها السلام) التي رغم ما أحدثوه في قلبها من وجع وحرقة وألم، رغم إن القوم أخرجوها من خدرها إلى السبي، وقتلوا أعز أعزتها، وفجعوها بهم بأبشع الطرق، إلا إنها لم تتوقف عن وعظهم وإلقاء الحجة عليهم، فهي عديلة داعي الله الذي رغم كل الخذلان والظلم والعدوان الذي قابلوه به، إلا أنه إلى آخر لحظة كان يَعظهم، ويبدي النصح لهم، طلبا لنجاتهم ولصلاح أحوالهم، وبرجاء أن يختاروا ما يُحسن من خاتمتهم.
الوجه السادس: النظرة البعيدة للغاية من القاء الخطب والمواعظ
وكما إن السيدة تكلمت وخطبت لتلقي الحجة على من كان حاضراً في ذلك الوقت، كانت الغاية أيضًا من كلامها هو أن يصل لكل من أتى وسيأتي من الأجيال، لأن القضية مرتبطة بمصير كل إنسان أي الطريقين سيختار؟ ولأي جهة سيُعطي ولائه؟ ولأي خط سينتمي؟ هل لحزب الله أم لحزب الشيطان؟
وهذه ذاتها كانت من أهم الغايات التي لأجلها كان الإمام الحسين (عليه السلام) يُلقي الخُطب في كل محطة، وفي كل مكان كان فيه يقف، من أول المسير إلى أن عرج صلوات الله عليه بروحه إلى بارئه شهيدًا، وأتى دور السيدة لتتم التبليغ والنصح.
-------
اضافةتعليق
التعليقات