عندما نقرأ قول الامام علي (ع): "بادر الفرصة قبل أن تكون غصة"(١)، يتبادر في الذهن سؤال وهو تُرى هل كان (ع) يقصد كل فرص الحياة؟ أم هناك معنى خاص يمكن أن نصل إليه من قوله؟.
كما يبدو هي تصح لكل فرص الحياة الدنيا، ففي حياة كل انسان فرص لا تُعد ولا تُحصى.
يكفي أن كل نفس نتنفس هو بحد ذاته فرصة جديدة يمنحها تعالى لنا لنحيا حياة جديدة؛ إنما نحن لا ندرك تلك الفرص ولا نبحث عنها.
لأننا تارة لا نشعر بقيمتها! تماماً كعدم شعورنا بقيمة كل نفس نستنشقه، وبكل جارحة سليمة نملكها دون أن نشكر وجودها بتسخيرها بما أوجدت له، حتى نفقدها، وبكل صباح نستيقظ فيه وقد مُنحنا فرصة للتزود والعمل للحياة الأخرى.
فالغصة هناك تترجم عندما نكون مصداق- نستجير بالله - لقوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} (الفرقان:23).
وتارة أخرى أن طبيعة الدنيا هي شاغلة للإنسان عن التفكير في المآل فيغفل عن هذه الفرص.
لكن يُمكن أن نقول: لعل أعظم الفرص التي قصدها الحديث - وكما يُعبرون - هي "لحظة الادراك".
تلك اللحظات التي ينفذ النور إلينا من خلالها حيث يخترق ظلمات الفكر، وينقلنا من الشك إلى اليقين، تلك اللحظات التي توصُل لنا رسائل الله تعالى لنفهم ونصبح أكثر وعيا، وأكثر بصيرة فلا نحيد عن صراط الحق المستقيم.
فالغصة كل الغصة إذا شككنا بصدق هذه اللحظات، وأهملناها.
بلى! فأعظم الفرص، وأشدها علينا غصة هي التي لم نغتنمها للحياة الأخرى، فالدنيا بحد ذاتها هي فرصة فهي مليئة بلحظات الامتحانات والاختبارات، وكلها فرص هي من شأنها أن تجعلنا نرتقي بوعينا ونتكامل في أرواحنا لنكون من المفلحين الناجين، أو خلاف ذلك.
لذا عدم إدراك هذه الحقيقة هي تضييع ما بعده تضييع، وغصة عظمى لكامل وجودنا في هذه الدار لأنها ستذهب ولن تعود وعندها نكون قد خسرنا فرصة عظيمة لنصبح أكثر نضجاً وتكاملاً إنسانياً، ونعود لله بقلوب أسلم.
اضافةتعليق
التعليقات