ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "تخلقوا بأخلاق الله"(١)، وفيما ناجى الله تعالى به نبي الله عيسى (ع): "طوبى لك إن أخذت بأدب الهك"(٢).
فمن صفات الله وأسمائه هي (المعطي، الجواد، الكريم، الوهاب...)، وكل هذه الأسماء الحسنى وغيرها اسماء توحي لنا بمفهوم المبادرة بالعطاء قبل السؤال، البذل من دون منّه وانتقاء، والانفاق دون انتظار مقابل أو جزاء.
فمن كمال صفات الله تعالى إنه غير محتاج للعطاء، بل هو المعطي على الدوام.
وكما سمعت من أحد الافاضل التفاتة لطيفه حول "لماذا رب العالمين يذكر لنا اسمائه؟ ذكر إن أحد الاسباب هي ليس لأجل أن نناديه بها فقط، بل من أجل أن نأتيه بها، فنتمثلها ونجسدها".
فالإنسان كلما كان ذو قرب من الله سبحانه وتعالى يكون أهلاً للتحلي بصفاته، والصفة التي نتحدث عنها وهي العطاء (بشكل خاص)، فيحمل تلكم الصفات، والفضائل الانسانية التي غرست بفطرته، كيف لا وهو نفخة من روحه سبحانه وتعالى.
ومَن هم أقرب من النبي (صلى الله عليه وآله) وعترته الأطهار (عليهم السلام) لرب الأكوان؟ بلا شك! لا أحد. بل هم مظهر تجلي صفات الله وأسمائه لخلقه على هذه المعمورة.
ومن هنا كان لابد أن نتعرف على هؤلاء الخواص من خلق الله تعالى ونرى سلوكياتهم وأخلاقهم لنتصف بها. وقد تجلت هذه الصفة في أحدهم وبشكل خاص وهو إمامنا التاسع محمد الجواد عليه السلام.
ويمكن أن نقول: بأن الامام لقب بأنه" باب للمراد "(٣) لأجل هذه الصفة، فالجود كما في معاجم اللغة هي تطلق على "الكَثيرُ الخير، والمُعطِي الذي لا ينفَذُ عطاؤه".
فالباب الذي يُطرق دائماً، لماذا يُطرق؟ بلا شك لأن طارقيه يملكون أملاً وثقة بمن خلف ذلك الباب، بأن عطاءه لا يَنفذ، وإن سائله لا يُرد دون أن تُقضي له حاجته، وبأن رجائه لايُخيب.
فلقد كان إمامنا محمد الجواد كجده النبي محمد صلوات الله عليهما كما ورد في حديث ليلة المعراج بأنه "مُراداً"، لا "مُريداً".
فهناك فرق بين [المريد] الذي هو يَطلب، وبين [المراد] الذ يُتوجه إليه ومنه الكل يَطلِب.
لعل الكلام سهل وجميل، نعم جميل لأنه منسجم مع الفطرة البشرية، ولكن في ميدان العمل صعب وصعب جداً أحياناً لأنه يحتاج إلى سعة في النفس، فليس كل إنسان يتحمل أن يكون [باب] ليَعطي دون أن يأخذ شيء في المقابل في زمن طغت فيه المعاملات والعلاقات التجارية المادية.
لذا فإننا كمؤمنين بإمامة هذا الامام، حري بنا أن نحرص ألا نطرق بابه لنطلب حوائجنا فقط، فالمؤمن هو يحمل همة وطموح أكبر في أن يهبه إمامه شعاع من نوره؛ لينفذ إلى داخل وجوده فيوسع به نفسه الشحيحة لينفتح من قلبه باباً فيكون مقصداً لقضاء حوائج عيال الله، فهذا الطلب أكيداً لا يُرد بل ويدخل السرور على قلب الامام الجواد (ع) أكثر بلا شك.
لذا كن كإمامك باباً لله يُفتح بالعطاءِ عندما يُطرق، ولا تكن شباكاً يُفتح لينفذ منه الهواء فقط ليُستنشق.
اضافةتعليق
التعليقات