قال الله تعالى في كتابه الكريم {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيلهِ صفًا كأنهم بنيان مرصوص} سورة الصف الآية4، إذا أراد الإنسان أن يعيش بعيدًا عن المشاكل ويكون مرتاح البال ويستثمر أكبر قدر ممكن من وقته فعليه بالنظم، فذلك يعد من أهم خطوات النجاح في الحياة التي تبعدنا عن المشاكل أيضا.
فقد جاء في وصية أمير المؤمنين (عليه السلام): (واوصيكما وجميع والدي وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم امركم) ومن المعلوم أن الإنسان عندما يترك وصية قبل موته فإنه يذكر أهم الأمور فكان النظم أبرز الأمور التي ركز الإمام (عليه السلام) عليها في أواخر ساعات حياته الشريفة وإن عبارة أمركم تعني احفظوا ما يتعلق بكم عبر تنظيم أمركم.
لو قرأنا حياة الناجحين نجد أن أهم أسباب نجاحهم هو التخطيط والبرمجة لذلك يقال في عالم اليوم أن أهم وزارة في بعض البلدان هي وزارة التخطيط التي تأخذ على عاتقها تنظيم البرامج الحكومية لذا توجد في بعض البلدان مؤسسات تخطيط أو وزارة ولعل سبب التخلف في كثير من الدول وغياب التخطيط فقد نجد أن بعض الدول تخصص ميزانيات ضخمة لإنجاز بعض المشاريع فلا توجد مشكلة من ناحية توفير الأموال لكن نلاحظ البطؤ أو التعثر في إنجاز العمل أو أن يكلف المشروع أكثر مما رصيد له وسببه هو ضعف التخطيط الذي يؤدي إلى الفوضى التي تقتل الوقت والأعصاب والإمكانات.
لذا فعلى الشخص الذي يريد أن يستفيد من وقته أن ينظم وقد جاء في المثل أن تنظيم الوقت توسيعه في بعض الأحيان نجد الإنسان نفسه مشغولا جدا، بسبب بعض الأمور لكنه في واقع الأمر لو نظم وقته وأموره لوجد متسعًا من الوقت.
هناك بعض الناس يقومون بأعمال كبيرة ومهمة جدا ومع ذلك يملكون متسعا من الوقت ربما يُصرف في العبادة أو في أمور شخصية أخرى وربما نلاحظ أحدهم ليس مشغولا بأعمال تذكر ومع ذلك ليست لديه فرصة للقيام ببعض أولويات حياته لأنه لم ينظم وقته فإذا نظم الإنسان وقته في المجال الشخصي والأسري والإجتماعي أو في حلقة أوسع فسوف يجد متسعا من الوقت وفرصا للنجاح أكثر والوصول إلى النتائج المرجوة كان الأخ السيد محمد رضا (رحمه الله) يحمل معه بإستمرار ورقة في جيبه وبين يوم وآخر يغير تلك الورقة فأي عمل كان يريد القيام به يدونه فيها إبتداءًا من موعد الزيارة وحتى الأمور الجزئية بمعنى أنه لم يشأ ان يشغل غيره بطلبها.
وهذا دليل على تخطيطه الكامل وبإستمرار لذا ومع قيامه بأعمال كثيرة جدا إلا أنه كان يجد متسعا من الوقت وخاصة في أوقات الطوارئ فكان يستفيد من كل لحظة في حياته أن هذا التنظيم من الوقت ليس بالضرورة أن يختص بالعلماء الكبار بل أي إنسان عادي بإمكانه تنظيم وقته رجلا كان أو امرأة او طالب في المدرسة أو غيره من أفراد المجتمع.
حينئذٍ يتضح للجميع حجم الفائدة التي يجنونها من الوقت المتاح أمامهم وينسحب هذا ايضا إلى الحياة الأسرية فالزوج والزوجة والأولاد أو الأقرباء عليهم تنظيم أوقاتهم لكي لا تحدث مشاكل حتى في الأمور الجزئية فإذا كانت حياة الإنسان مبنية على النظام والبرمجة حتى في الأمور الجزئية فإنهُ لن يواجه المشاكل أو إنها تنحسر وتقل وسوف يستفيد من وقته أكثر ويخرج نفسه من الحيرة القاتلة فإذا قام الزوجان بتنظيم برنامج لحياتهم اليومية والإسبوعية والشهرية والثانوي سواء في الأمور الصغيرة أم الكبيرة المهمة فإنهما سيصلون إلى نتائج أفضل ومشاكل أقل وتكون الإستفادة من الوقت أفضل.
عندما نراجع الأحكام الشرعية نجد أن قسمًا كبيرًا منها قد أخذ فيه النظام بنظر الإعتبار لأن الإنسان إذا اعتاد على شيء حتى لو تم ذلك في مجال واحد فإنه سوف يسري إلى جوانب حياته كلها اضافة إلى هذه الجوانب ينبغي أن تكون صلاة الجماعة في صفوف منظمة وبلا إعوجاج كذلك الصوم وسائر العبادات التي تُعلم الإنسان التنظيم في حياته فلا يتعرض لمواقف عصبية فالله سبحانه وتعالى في سورة الصف يبين المشاكل التي ابتلي بها الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) مع المسلمين وكيفية التعامل معهم.
كما كان هذا هو حال بعض الأنبياء كموسى وعيسى (عليهم السلام) وفي هذه السورة بعض الحلول أيضا ومن ذلك أن الله تعالى يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص فماذا تريد أن تقول هذهِ الآية الكريمة فهل على الإنسان أن يقف في القتال بصف واحد في جميع الظروف كلا لأن القتال يحتاج الى مناظرة وتقدم وتأخر {ومن يولهم يومئذٍ دبره إلا متحيزًا إلى فئةٍ} سورة الانفال آيه 16 ، وخاصة في العصر الراهن حيث تقتضي وسائل الفتك والقتل والأسلحة أن تكون هناك دفاعات محصنة وتخطيط عسكري ذكي.
إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان يستعرض المقاتلين فإذا كان أحدهم متقدما متأخرا في الصف ارجعه إلى مكانه لكي يعلمهم النظام والتخطيط السليم ليكون النصر حليفهم.
إن الله سبحانه وتعالى يقول: كم من فئةٍ قليلة غلبت فئةٍ كثيرة بإذن الله. والجواب هنا وبينه الله تعالى في نفس الآية الكريمة حيث يقول {بإذن الله} بمعنى إننا إذا صرنا على من الله تعالى فسوف نحصل حينئذ على النتائج الإيجابية كما حدث في غزوة بدر حيث انتصر 313 شخصا من المسلمين على 1000 من المشركين مع أن سلاح المشركين كان أكثر من سلاح المسلمين.
لأن الله تعالى كان ناصرًا وداعما للمسلمين بسبب ايمانهم واطاعتهم للرسول (صلى الله عليه واله وسلم) في خططه الحربية فقد يسأل أحدهم فيقول كيف سيطروا البعثيون على العراق من انقلابهم العسكري مع أنهم حين سيطرتهم كانوا حوالي 500 شخص فقط وقد حكموا العراق أكثر من 30 سنة واهلكوا الحرث والنسوة فعلوا ما فعلوا مع أنه يوجد هناك ملايين متدينين ومع ذلك يتغلب البعثيون عليهم والجواب واضح فهؤلاء ال 500 شخص كانوا منظمين لذلك غلبوا الملايين من غير المنظمين لذا يجب علينا أن نعمل بشكل منظم وضمن مؤسسات يرتبط بعضها بالبعض الآخر.
اضافةتعليق
التعليقات