أصابها وهن وتعب، كانت تتنفس بصعوبة من شدة الإرهاق.. ذهبت إلى حضن أمها الدافئ وتمتمت بكلمات بصوت خافت:
- أماه ماذا تفعلين إذا ضاقت بك الدنيا، وأصابتكِ بفقر اليد، وبضعف في إرادة القلب؟
- أسبّح الله بُنيتي بتسبيحة الزهراء (عليها السلام) تلك التي أهداها خاتم الرسل (صلى الله عليه وآله وسلم) لها عندما أتته شاكية حال الدنيا، حيث قال لها:
(إن فيها غنى الدنيا والآخرة، وهي خير ذخيرة إذا ضعف الحال..).
- وهل حصلتِ على هذا الغنى وانتِ بتلك الحال؟!
_نعم، بُنيتي هي تقول لي: "بالله اكبر" إن لي رب أكبر من كل ضيق وضعف وفقر.
تقول لي _"بالحمد لله"، يا أمَة الله، بعد أن عرفتِ أنَّ لكِ هكذا رب، حري بكِ أن تشكريه لأنه أهل للثناء والحمد.
تقول لي: _"بسبحان الله" أن نزهيه ذو الجلال والاكرام عن كل نقص أو بخل أو عيب.
فألتَفتُ بذلك لكل النعم التي أعطانى إياها دون البدء بالطلب؛ ودون أن أبالغ في السعي لما أرغب.
فأنسى تعبي وضيقي وأتذكر فقط وفقط" إنه معي" هو الذي يرى حالي، فلو كان حالي سيء لأصلحه فهو الحنان المنان.. طبيب الأرواح والأبدان.. ورفيق كل انسان.
ولو كنتُ بفاقة فعلاً لأغناني؛ فلمَ يفقرني؟ بل إني كل الفقر اليه، وهو الغني كل الغنى عني.. فأستشعر بعد ذلك أنَّ كل التعب قد زال عني لأكون به عن كل ما سواه مستغني.
- وإعلمي يا بُنيتي، إننا عندما ننتظر العون من (س) من الناس فتأتينا المعونة من (ص) من الناس! ليس لأن (س) ليس شخصا جيدا فخذلنا، و(ص) شخص جيد فلم يخذلنا، إنما هي رسالة من الله تعالى لنا [إن المعين هو الله وحده]، وهو الذي يُرسل لنا من يُعيننا بالوقت المناسب ويختار لنا الشخص المناسب..
لكي لا نُعلق قلوبنا وآمالنا بأحد سواه، ولا نطلب العون ولا نتوقعه من غيره، فكلنا فقراءه وعياله..
لذا علينا أن نشكر من يُعيننا [بلساننا]، ونشكر الله [بقلوبنا] لكي يمدنا بالعون دائماً، ولكي لا يكلنا إلى أنفسنا أو لضعيف مثلنا..
تبسمت وبانَ على وجهها الارتياح وقالت: _"يا معين الضعفاء".
أعدكِ يا أمي لن أنسى ما قلتيه، وسأحتفظ به ككنز أستعين به في كل حين.
اضافةتعليق
التعليقات