في شهر النبوة الباسق كجبل النور، إخضرت شجرة الايمان، وتدلت اغصان العدالة، وفي ربيع البقاء تبرعم الاسلام، وأزهرت ورود التوحيد، شهر المحبة والمودة، هلّ في عالم الملكوت، فيه كشفت الفردوس عن ذراعيها، وشرعت أبواب الجنان، شعبان نور الحياة، شعشع من الدوحة المحمدية، فاح عطرها الفواح ليملأ الاكوان.
يوم عظيم بروحه الحسين، يجري في عروق الزمن، كـماء الحياة، يمر على قفار قرون اليأس يرويها الامل، يوم بهي مزقت انواره حجب الذل، ليبعث الكرامة بـروح الكبرياء، وينشر رسائل الخلود على صفحات الرمال الصماء، رسائل العز والاباء، تنطق بلسان القداسة، تروي قصص الفخر، يوم مشرق كـلوحة الوانها ابدية، يصوغ من ساعاته أوسمة عرفانية يتقلدها الصابرون، ويقرأ اناشيدها العارفون، ليصل صداها الى اعماق الضمير.
ولعباس يوم لاحت منه أكف الايثار، ازالت ستائر الليل، وكشفت وجه النهار، نفضت غبار الغربة عن وجه البراءة، واحتضنت القلب الظمآن، أكف رحيمة، نثرت عطر الايثار على ساحات التأريخ، ومن جبهته طلع بدر التضحية، وبزغ قمر الرجولة الهاشمية، لتستنير بـه عبر الزمن جحافل الفداء، قمر علوي لازال يدور في أفلاك الاخاء، ينادي لبيك لبيك إن جاء من المظلوم نـداء.
ويوم السجاد وروعته، أشرق من بيت المختار قمراً، سجد بـه الاحسان شكراً، وفي هيام السجود عرجت بصيرته يحملها براق الخشوع الى العالم الملكوتي، يرى مايرى، ويسمع انين الثريا والثرى، على كربلاء وما حل بها وماجرى، انـه يوم الصحيفة ونبض الحقيقة، في قلب الحياة، وجوهر الانسان، وبعث العدالة والميزان، انـه يوم العلوم العظيمة، بـبرق الدعاء تشققت السماء، لتروي الخليقة رحيق الولاء.
ستبقى الاقمار المنيرة تدور في أفلاك شعبان كـقلادة لؤلؤ من حُلي الجنان، وسيبقى شذى عطره المحمدي يجول في أروقة الزمن يحمل القرآن على أكف زينتها السعادة والسرور، وستبقى أنغامه العذبة كـصوت الاذان تصغي لها أسماع الحب مدى الزمان، انـه شعبان الأبرار وولادة الأخيار والضمير وقيم الانسان، وسـيحمل معه في كل عام هدايا الامل، وهبات الرحمة، وملاذ المستضعفين، وسـتمتد أكف عطائه لتمسح دمعة الأيتام وتحاكي انين الثكالى، انـه شعبان جوهرة العرش نثرت بريقها لـيكون خيمة لـلحق والسلام والحرية والأطمئنان.
اضافةتعليق
التعليقات