إمرأة سجلت أعلى مراتب الصبر في تاريخ البشرية، بل إن صبرها لايبلغ كنهه الواصفون، عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة، خاطبها بذلك وارث علوم النبيين الامام المعصوم من اختاره تعالى لبيان أمره المولى زين العباد عليه السلام.
فهي عالمة فاهمة بمجريات الحياة ورثت عن امها العلم والصبر فكانت كأمها الزهراء التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها.
كانت تساند أباها واخوتها، فأصبحت كاﻷم ﻷخيها، أكملت مسير امها في كشف زيف الظلمة الطغاة الذين يتسترون بلباس الدين ويدعون الاسلام واتباع رسول الرحمة وهو منهم ومن فعالهم بريء.
فهي صوت صادح بلسان الحق، صوت قوي ببيانه وأحقيته، هز عرش الطغاة وقض مضاجعهم، فلم يهدأ لهم بال، خافوا الفضيحة والانقلاب، خافوا أن يفهم الناس مجريات الامور وينتبهوا من غفلتهم، فضاعوا في طغيانهم وعميهم، وبقي ذكر اﻵل ينير سماء العالمين.
وهذا ما أكدته لهم العقيلة الطاهرة عندما خاطبت يزيد وقالت: فو الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا.
نعم، فهم لسان الله الناطق وهم الدعاة الى سبيله الثابتين في المسير إليه، وهل يغلب الباطل الحق مهما استمر وانتشر!.
فها هي عقيلة الهاشميين شامخة في الدنيا واﻵخرة. مثالا في الصبر واﻹباء، ملهمة للنساء بالسير في ميادين الحياة بقوة لاثبات الحق وارساءه، بينت بدورها العظيم اهمية دور المرأة وتأثيرها وبأنها فرد من المجتمع مسؤول والاستهانة بتواجدها ودورها في مجالات الحياة المختلفة ماهو إلا تراجع وهوان للأمم.
فأمر بالغ اﻷهمية أن تتحلى المرأة بالفهم والعلم.
"فقد استطاعت المرأة في رحاب اﻹسلام الوصول إلى درجات رفيعة من رقي الشأن والرفعة، وأن تضرب المثل اﻷعلى لصحة التعامل الانساني من منظور ديني.... لقد حرر اﻹسلام المرأة من كافة القيود المضلة التي فرضت عليها ظلما وجورا..
وألغى جميع الفوارق الوضعية التي تخلخل كيان المجتمع وتزعزع أمنه وأمانه..
إن الاسلام حينما يلغي هذه الفوارق يهدف من خلال ذلك ذوبان الانسان في الحالة اﻹسلامية، والتسليم المطلق لله سبحانه وتعالى، فهو الذي يهب الحياة، وهو الذي يقسم لنا أرزاقنا وهو الذي ان شاء وهب الذكور وان شاء وهب الاناث بلا أفضلية بينهما يضعها الرب العظيم سوى أفضلية التسليم والعبادة له وحده لا شريك له.
واﻹسلام قد بدأ فوضع المرأة متساوية مع الرجل في إنسانيتها فهما زوجان من نفس واحدة اي ان انسانيتهما واحدة وقد خرجا بهما متقابلين من نفس واحدة ليعبدا الها واحدا وهما متساويان أمامه في التكاليف والحساب والجزاء وفي هذا يقول الله تعالى: {ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء}...
كذلك نادى اﻹسلام إلى تحرير المرأة من نير العبودية الفاسدة، عبودية اﻹنسان للصنم أو عبودية اﻹنسان للإنسان الى عبودية الله سبحانه وتعالى، والسمو الى عالم الروح والعظمة اﻹلهية.. لقد الغى اﻹسلام العبوديات الفاسدة التي اغلقت المعارف اﻹلهية في عقل اﻹنسان...."، "المرأة والمشكلات الاجتماعية لعادل عجيان".
فالاسلام أكد على دور المرأة وبين أهميته بما اعطاه لها من حقوق وواجبات وهيأ لها سبل المشاركة في ميادين الحياة حتى السياسية فللمرأة دور مهم بخوض غمارها، وقد بايعن النساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان لهن أدوار مشرفة وأولهن السيدة خديجة عليها السلام حيث انها اول من وقفت مع النبي صلى الله عليه وآله وآزرته وقدمت التضحيات.
"فالمصلحة السياسية للإسلام تقتضي دخول النساء بعض حقولها فهي تبدأ بالبيعة التي عقدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع النساء.
وبهذه البيعة يترجم اﻹسلام وضع المرأة السياسي في المجتمع كما للرجل.
فزينب بنت علي عليها السلام تقف في مجلس يزيد بن معاوية في الشام وتخطب خطبة تناهض فيها الحكم اليزيدي وتحاججه بآيات القرآن الحكيم غير مبالية بجوره وتعسفه، يذكر المؤرخون ان السيدة زينب عليها السلام وقفت في مجلس يزيد واﻹباء والشجاعة يملآن نفسها، ثم توجهت عليها السلام إليه تسمعه من التقريع والتوبيخ، مستصغرة قدره وسلطانه ومستعظمة ومستنكرة لفعلته النكراء وجريمته الشنعاء فقالت عليها السلام: صدق الله ورسوله يا يزيد، ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن.
أظننت يا يزيد أنه حين أخذت علينا بأطراف اﻷرض، وأكناف السماء، فأصبحنا نساق كما يساق اﻷسارى، ان بنا على الله هوانا، وبك عليه كرامة....
ان دخول النساء المشروع السياسي له فوائده الجمة التي تعود على المجتمع بالوعي والسير الصحيح ﻷنهن يمثلن نصف المجتمع أو اكثر.. ولابد أن يرفعن ما به من اضطهاد وظلامة." "المرأة والمشكلات الاجتماعية لعادل عجيان".
فهذه مولاتنا زينب عليها السلام شعلة تنير درب النساء ومن يتمعن في احوالها فعليه أن يشد العزم ويمضي بفكر خلاق يقارع الظلم وينشر الحق ويرتدي الخير جلبابا.
اضافةتعليق
التعليقات