من يشاهد تاريخ المرأة بتمعن يجد انها ظُلمت وغُصب حقها على الدوام، فإذا يبحث القارئ في مشارق الأرض ومغاربها من سلف الزمان الى يومنا هذا لن يجد دينا احترم المرأة وأعلى من شأنها كدين الإسلام، لذلك تقول سيدتنا ومولاتنا في الخطبة الفدكية الغراء: فَأَنارَ اللهُ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله ظُلَمَها، وكَشَفَ عَنِ القُلُوبِ بُهَمَها، وَجَلّى عَنِ الأَبْصارِ غُمَمَها، وَقَامَ في النّاسِ بِالهِدايَةِ، وأنقَذَهُمْ مِنَ الغَوايَةِ، وَبَصَّرَهُمْ مِنَ العَمايَةِ، وهَداهُمْ إلى الدّينِ القَويمِ، وَدَعاهُمْ إلى الطَّريقِ المُستَقيمِ.
فدين الاسلام اعطى للمرأة حرياتها وكرامتها وشرفها واخذ بيدها الى الشرف حيث الشرف وقدم لها خطة استراتيجية للعيش الرغيد والابتعاد عن الانحطاط والذل وساوى بين الرجل والمرأة حيث يقول الرسول صلى الله عليه واله: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة).
فقد كانت المرأة في قعر الانحطاط والذل قبل الاسلام حيث كانت تدفن وتُحرق وتتوارث بين الورثة اذا مات زوجها ولكن بعد الاسلام رفع شأنها واصبحت تتلألأ في سماء العظمة حيث كانت تعمل وتسير جنباً الى جنب الرجال، ولكن ما نشاهده اليوم من الفساد وتأخر المرأة وايقاعها في المغريات والفساد في الدول المتقدمة أو حصرها في اربع جدران في الدول المتأخرة أو عند بعض المسلمين ليس إلا عدم جريان حكم الاسلام وقوانين الله الحقة إما بسبب جهلها أو غدر الرجال أو مؤامرات الاستعمار والحكومة الفاسدة حيث تستطيع هذه الجهات ان تصل الى مبتغاها عن طريق تضعيف دور المرأة والاستفادة من هشاشة مبادئها لأنها اذا كانت عالمة بحقوقها تعرف قدراتها حيث انها تستطيع ان تفعل كل شيء جنباً الى جنب الرجل بل في كثير من الاحيان تفوق قدراتها قدرة الرجل.
كما نشاهد في حياة الزهراء سلام الله عليها انها كانت تدير البيت مع تلك الاعمال الشاقة حينذاك من سقي الماء، طحن الدقيق، الكنس، والخطابة داخل البيت وخارجه لأجل تبيين الأمور واحقاق الحق وكشف الغطاء عن وجوه الظالمين، العبادة، التأليف وتربية الأطفال وجعل البيت معهدا لنشر العلوم والفضائل حيث كانت تعلّم النساء وتدرسهم فالمرأة هي من تقرر مسيرها بذكاءها ومعرفتها بالأمور.
دور المرأة الهامشية
تستطيع المرأة ان تكون على الهامش كما يوجد هناك الكثيرات من هذا الصنف حيث لا تزيد ولا تقلل حالها كحال باقي الاشياء في الكون من الجمادات سوى انها تتفوق عليها لأنها تتنفس وتقوم ببعض الأعمال ولكن تسد طرفها عن قدراتها وتهملها في هذه الحالة لا تستطيع ان تقدم شيئا سوى اطفال هامشيين لأنهم تربوا في احضان إمرأة هامشية التي جاءت الى هذه الحياة لتأكل وتنام وتمضي دون هدف كما فعل الاخرون حيث لم يضيفوا للعالم سوى البؤس!.
دور المرأة التي تقع اهتماماتها على محيط بيتها فقط!
هذه المرأة تحافظ على محيط بيتها فقط وليس لها أي صلة بخارج البيت حيث تقع اهتماماتها في محيط البيت ولا تهتم بالاخرين وليس للاخرين اي اهمية في حياتها انها أفضل قليلا من المرأة الهامشية لأنها تعرف بعض الأمور وتسعى لتربية اطفالها ولكن تضيق قدراتهم وتحبسهم في محيط مغلق بعيدا عن العالم، يجب ان تعرف في يوم من الايام ربما يحدث الطوفان وفي هذه الحالة يخرق الطوفان جدران البيت ويقضي على سلامة الافراد فغلق الأبواب لا يجدي نفعاً لأن ربما تكون اصحاب البيت في امان ولكن الطوفان يستطيع ان يدخل دون اذن كما نشاهد هذه العواصف في يومنا هذا، حيث يدخل الطوفان الى وسط البيت دون استئذان فربما يكون اصحاب البيت سالمين ولكن لا فائدة من سلامتهم اذا لم يتعارفوا على الاخرين وكانوا في سجن دائم حيث باتت حرب اليوم حرب العقول وباستطاعة العدو ان يقضي عليك في وسط بيتك دون ان يعرف احد من المسؤول عن الجريمة؟!
دور المرأة القيادية:
هذه المرأة تجعل من بيتها جنة لتبث الجمال الى الكون، هذه المرأة تغتنم قدراتها وتصبها في مجرى آمن ومفيد لتتنعم هي وزوجها واطفالها ومن ثم الاخرين، لأنها تعرف فائدة العلم والمعرفة وبالتالي سيكون الشخص المتخرج من هذه الجامعة مستعدا كي يحارب جميع الغزوات ويعرف بكياسته سياسة العدو بلمحة بصر وبوجوده يزيد الجمال الى هذا العالم ليمهد لنفسه وللعالم اجواء الظهور لتعجيل فرج امام زمانه، فدور المرأة الظاهرية انها تقوم باعمال البيت وتدير شؤون البيت ولكن دورها الجوهري ان تقوم بتربية اسياد يقودون العالم.
العقبات تحيط بنا من كل جانب واوشك قاربنا على الغرق في وسط هذا البحر المتلاطم والأزمات بدأت تخنقنا بمخالبها القوية بوحشية، لا نستطيع الهروب من المأساة الموجودة سوى بالتمسك بحبل الله الذي وصّانا النبي صلى الله عليه وآله في حديث الثقلين: القرآن والثقلين. فالمرأة اليوم ضائعة حيث انها لا تعرف ماذا تفعل أو أي طريق تسلك، فالزهراء سلام الله عليها تُعلمها كيف تتجنب الأضرار وتحافظ على سلامة سفينتها لترسو في ميناء الحب والخلود وتخرج الجواهر من هذا البحر المتلاطم الذي يود تدميرها من كل جانب، تعلمها كيف تكون المرأة المثالية انها كانت نعم البنت ونعم الزوجة ونعم الوالدة ونعم المعلمة، (فما تكلمت فضة خادمتها لمدة عشرين عاما إلا بالقرآن) وإنها نعم الداعية الى الحق حيث بينت للعالم بأكمله أن باستطاعة امرأة واحدة فضح الطغاة وان كان عددهم لا يحصى فكلمة الحق يتردد صداها مدى الدهر، فسيدة الوجود من خلال خطبتها الغراء التي هي بمثابة درس متكامل في الايمان والعقيدة، هي خطبة تثقيفية متكاملة حيث تبين مولاتنا ركن التوحيد والنبوة والإمامة.
وتبيّن مدى الصعوبات التي جرت على رسول الله لأجل اعلاء كلمة لا اله الا الله ودين الاسلام في ذلك المجتمع الرديء، ثم تتكلم عن انقلاب الأمة وتغييرهم والواقع الذي حدث بعد رسول الله (ص) وتركوا أوامر النبي وفعلوا ما فعلوا من جرائم..
حددت موقفها الرصين ودافعت عن الولاية، ربما كانت إمرأة ولكن كانت أفضل من مئات الرجال الموجودين الذين وقفوا دون ان يتكلموا أو يدافعوا عن الحق! تحدثت عن التشريعات الاسلامية واحكامها، بيّنت قضية استحقاقها فدكا وبرهنت عن طريق الآيات القرآنية لأنهم قالوا يكفينا كتاب الله فبضعة النبي أعرف بالقرآن من الذين في قلوبهم مرض...
انها احتجت كما يجب لأنها كانت قيادية عالمة، واعية وراسخة في الشموخ وصلبة في المواقف... انها خير أسوة للمرأة القيادية كيف لا تكون كذلك وهي أسوة للجميع لأنها سر الله الأعظم بين الرسالة والإمامة، فسلام على من ختمت بها النبوة وبدأت منها الإمامة...
اضافةتعليق
التعليقات